الأحزاب المصرية.. وبداية الطريق إلى المواطن
بقلم: محاسن السنوسي
النشرة الدولية –
الدستور المصرية –
عرفت مصر طريقها إلى الحياة الحزبية منذ مرحلة التكوين التي سبقت ثورة ١٩١٩، فضلًا عن مرحلة التعددية الحزبية، مع صدور قانون الأحزاب لسنة ١٩٧٧، إذ لا يمكن لنا أن نتخيل دولة أو نظامًا سياسيًا بلا تعددية حزبية، فكلما ازدادت المناسبة بين الأحزاب بات المناخ العام أكثر نضجا ووعيا، والبنية السياسية الآن مهيأة للعمل العام، والدخول بقوة لمعترك الحياة السياسية، فهناك أحزاب قررت أن تولد بقوة، وأحزاب جادة في إعادة بناء كوادرها للوصول إلى القاعدة العريضة من الشعب بمختلف المحافظات، حيث إن استمرار الأحزاب وبقائها علي الساحة مرهون بقوة وخبرة كوادرها وتواصلهم مع المواطنين، والذي يتم إعداد هذه الكوادر إعدادا جيدا، بعيد اعن الاختيار العشوائي، ليضمن لهذه الأحزاب البقاء والاستمرار، فنحن أمام أجيال – خاصة من هم دون 25 عاما – لم تتعرف علي حياة حزبية حقيقية، وليست لديهم دراية بأهمية الأحزاب في المجتمع.
وعلينا أن نعترف بذلك دون خجل نظرا لما مرت به البلاد من أحداث ٢٠١١، خاصة ما خلفته الأحزاب الدينية للجماعات الإرهابية الذي ترك انطباعا مغايرا لدي الأغلبية منهم.
والمتابع للحياة السياسية يجد أن التجربة المصرية في الأحزاب السياسية، رائدة وتتميز بأنها من أفضل التجارب الديمقراطية، والتي كانت مواكبة للإرهاصات الأولى للأحزاب السياسية فى كبريات الدول الديمقراطية، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا، التى قادت العالم لبناء مجتمع ديمقراطى واع فكريا وسياسيا واجتماعيا، والتي كانت تهدف في المقام الأول لتحسين صورة الأنظمة الديمقراطية أمام المجتمع الدولى.
وأعتقد أن بناء الكوادر بالأحزاب السياسية ليست بالمهمة السهلة، فالأحزاب التي تعمل وفقا للدستور والقانون هي المصنع الحقيقي والأكاديمية السياسية لتخريج كوادر يمكن دمجها والزج بها في كل مواقع الدولة إذا لزم الأمر.. فالأحزاب معمل تفريخ للوزراء والمحافظين والقيادات في كافة المجالات.
ومن خلال تجربتي ومتابعتي المشهد السياسي المصري، ولكي تتم المشاركة الفعالة لكوادر الأحزاب وانغماسهم الكامل في الحياة السياسية، يتطلب الأمر للوصول إلى الهدف المنشود بعض الأمور منها، أننا نريد أحزابا سياسية حرة تعبر من خلال أعضائها المكونين لها عن آمال وطموحات الجماهير، انطلاقاً من مبدأ وأهداف حرية الأحزاب السياسية والسبب الرئيسي لإنشائها، وهو المشاركة فى الحكم وتحقيق التعاون المشترك فى المجال السياسى والثقافى والفكرى، لأن من حق المجتمع أن تكون له أحزاب حرة تدافع عنه وعن مصالحه، لا عن المصالح الشخصية لأعضائه، وهذا طموح طبيعى مستحق لهذا الوطن فى ظل الظروف التى تحيط بنا من كل جانب.
ويتوجب على الأحزاب البحث عن كوادر حقيقية تخضع لاختبارات يضع أساسها كل حزب وفقا لرؤيته وأيديولوجيته، وكذلك الاهتمام بالتثقيف والتدريب العلمي لشباب الأحزاب، علي أن يكون التدريب علي كيفية التعامل مع القضايا العامة للدولة وفقا لمبادئ الحزب حتي تتضح الرؤي المختلفة، ويتسني لكل كادر أن يدافع عن موقف حزبه، ومن ثم يتعرف المواطن علي مواقف الأحزاب المختلفة، كما تجب الاستعانة بأصحاب الخبرات السياسية، خاصة الخبرات الأكاديمية في مجال السياسة والاستفادة من تجارب السياسيين السابقين ممن قرروا الإنسحاب من المشهد السياسي.
وعلي كل الأحزاب تقديم دراسات وأبحاث عن الوضع الراهن، ووضع تصور حول مستقبل الأحزاب في مصر، أو علي الأقل أن يتعرف كل حزب عن مواطن قوته ومواطن ضعفه، وكذلك على الأحزاب في بداية تكوينها البحث عن موارد للدعم سواء بالمال أو الوقت أو الجهد.
وأخيرا لا بد للجميع أن يعلم أن لمصر تجربة ملهمة في بناء الأحزاب السياسة، والدولة الآن جادة وطموحة في بناء مجتمع ديمقراطي حقيقي مبني علي التعددية الحزبية، والفرصة سانحة أمام الأحزاب لاستغلالها والتواجد بقوة بالشارع المصري، حتى يصب في النهاية لمصلحة الوطن، من أجل بناء مصر الجديدة بإقامة دولة مدنية حديثة.
وهناك ظاهرة تبث الأمل قامت بها الأحزاب المختلفة، وقبلها العديد من المبادرات الإنسانية، بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، هو تنافس الأحزاب المختلفة لخدمة المجتمع المدني في كافة أوجه الخير، لتنطلق قوافل الخير قيام الأحزاب بدور كبير وفعال، ومواكبة لعملية التنمية المستدامة للدولة المصرية؛ من منطلق كونها أهم مؤسسات المجتمع المدني، بتوفير كرتونة الغذاء لكل المواطنين بمختلف المحافظات، الأمر الذي أعتبره انطلاقة متميزة لقيام الأحزاب بالإعلان عن نفسها لدى المواطن المصري.
كل عام وحضراتكم بخير كل عام وأنتم إلى الله أقرب؛ هنيئا لكل المصريين بقدوم رمضان؛ شهر نتبادل فيه المحبة والدعوات الصادقة.. شهر فيه يتنافس المتنافسون والجميع مدعو لعمل الخير والبر والتقوي.