القضية الفلسطينية والأمن الوطني وتحديات اللجوء رسائل الملك للأمم المتحدة
بقلم: د. دانييلا القرعان
النشرة الدولية –
لم يعد بالإمكان أن يبقى العالم ثابتًا لا يتحرك تجاه تحديات اللجوء الإنساني وظلم الإنسان في مكان من العالم والتي يتحمل الأردن جزءا كبيرا منها فاق كل التوقعات وإمكانات دول كبرى، هي رسائل حملها جلالة الملك عبد الله الثَّاني إلى الأمم المتحدة وهم يجتمعون في نيويورك في دورتهم الـ 78. جلالة الملك حمل رسائل مليئة بالمبادئ الإنسانية والواقعية التي يجب على دول العالم أن تقوم بدورها الكامل تجاهها، وفي الوقت نفسه كانت أهم تلك الرسائل ما يتعلق بالجهود التي يبذلها الأردن على مدى عقود في حماية حدوده من الإرهاب والمخدرات، والفكر المتطرف وخطاب الكراهية، ومنها ما يتعلق بالأمن الوطني الأردني، ومن تبعات الهجرات القسرية التي تعرض لها الكثير من الشعوب؛ بسبب الأزمات التي لحقت ببلادهم.
رسائل ملكية خاطب بها جلالة الملك الأمم المتحدة، ووضع النقاط على الحروف في أهم المواضيع والقضايا التي تعتبر حديث الشارع العالمي، بل كان الأجرأ من بين الزعماء في تناول القضية الفلسطينية، والتحديات التي تواجهها. حديث جلالة الملك عبد الله الثاني في الجمعية العامة للأمم المتحدة لامس المصالح الوطنية الاستراتيجية الأردنية، وكثير من القضايا الدولية والإقليمية، والذي يعتبر الأردن لاعب إقليمي ودولي نشط وفعال فيها.
القضية الأكثر إلحاحا كانت في رسائله هي الامن الوطني الأردني، حيث هنالك تهديدات أمنية للأردن تمثلت في الجماعات الإرهابية، والفكر المتطرف، وخطاب الكراهية، وما يتبعها من جماعات متشددة تمردت على كل القوانين والأنظمة المحلية والدولية، ولا ننسى قضايا المخدرات وتهريب الأسلحة، حيث ان الأردن بحكم موقعه الجغرافي تصدى بقوة لهذه الجماعات الإرهابية ووصل الامر الى حد الاشتباك المسلح. جلالة الملك سلط الضوء على عدد من الملفات والقضايا الدولية والإقليمية وخاصة القضية السورية وما يتبعها من قضية اللاجئين السوريين، التي باتت وبشكل حقيقي تشكل تحديا واضحا للأردن ولكل الدول. الأردن يستضيف أكثر من مليون و400 ألف لاجئ سوري، وهو رقم صعب في ضل الموارد المحدودة للأردن لا يستهان به، شكل هذا الرقم تحديا كبيرا امام إمكانيات وقدرة الأردن، وضغطا يصعب تجاوزه في ظل الموارد المحدودة كالتعليم والصحة والطاقة والمياه، خاصا وان التمويل الأجنبي للأردن بدأ يتراجع بشكل واضح، مما يشكل ذلك عبئا لا يستطيع الأردن تحمله. رسالة الملك فيما يتعلق بقضية اللاجئين أكد من خلالها على ضرورة ان يضطلع المجتمع الدولي بمسؤولياته حيال تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 لحل الأزمة السورية حلا سياسيا لإنهاء الأزمة وعودة اللاجئين الى بلدهم سوريا؛ لان مستقبلهم فيها وليس في الدول المستضيفة.
خطاب جلالة الملك في الجلسة الافتتاحية لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هو خير دليل على ان الخطاب الهاشمي هو خطاب عالمي، ومحوريته في بناء أي استراتيجية دولية لمواجهة التحديات الأبرز في عصرنا الحالي وهي القضية الفلسطينية وحماية مستقبل الشباب الفلسطيني والعربي وتعليمهم، خوفا من انضمامهم للجماعات الإرهابية، وقضية الامن الغذائي، والتغير المناخي، وقضية اللاجئين السوريين، والامن الوطني وحماية الحدود الأردنية من خطر الجماعات المتطرفة.
القضية الفلسطينية قضية حاضرة في كل خطابات جلالة الملك، وهي ركيزة أساسية في الموقف الأردني ودائمة الحضور في الرسائل العالمية والخطابات الموجهة من القيادة الهاشمية الى العالم اجمع، أكد جلالته على ان الثقة بالأمم المتحدة مقترنة بضرورة إلزام العدو الصهيوني بالتوقف فورا عن الاستيطان وتدمير البيوت والاعتداء على المقدسات في القدس، باعتبارها بؤرة القلق والاهتمام الدولي، فحقوق اللاجئين ومستقبل الشباب الفلسطيني وحل الدولتين بما في ذلك اقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس هي أساس السلام. إذا لم تتدخل الدول الكبرى والمؤثرة في القضايا العالمية فنحن امام ضبابية مستقبل الفلسطينيين والتي قد تصبح سوداء وستقود المنطقة الى وضع حتمي وخطير، في حال عدم تمكن الفلسطينيين من إقامة دولتهم على ارضهم وعاصمتها القدس.
مشروعية الخطاب الهاشمي والثقة العالمية بعدالة المضامين، جعلت منه نداء عالمي يستحق الانصات والتقدير من الجميع، وسيبقى الأردن شعبا وقيادة السند والاهل والداعم في القدس وفلسطين مهما بلغت التضحيات وكان الثمن، وان الأردن بقيادة جلالة الملك متمسك بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وانه ماض في دوره لتكون القدس والمقدسات في امان، وان تكون القدس مدينة الوئام والسلام