النازحون تحت مجهر المخابرات.. وجرس العودة لن يدق

النشرة الدولية –

لبنان 24 – هتاف دهام  –

عاد ملف النازحين السوريين إلى الواجهة مجدداً، مع تفاقم حدة التوتر بين اللبنانيين والنازحين السوريين وازدياد الأعمال المخلة بالامن وارتفاع عدد السرقات و القتل، علما أن المجلس الأعلى للدفاع أصدر بتاريخ 24/4/2019 مجموعة من القرارات، منها ترحيل أي شخص يدخل إلى لبنان بطريقة غير شرعية من دون المرور بالمعابر الحدودية الرسمية. هذا القرار يحميه القانون الدولي وهو حق للبنان لحماية أرضه.

وانسجاما مع ذلك تواصل مديرية المخابرات في الجيش تنفيذ مسوحات أمنية لأماكن تواجد النازحين، في مختلف المناطق اللبنانية، إلا أنها كثفت في الأيام الماضية مداهماتها بعد ارتفاع وتيرة المخالفات والتعرض للمقدسات والحرمات في مختلف المناطق عشية الأعياد، والعمل جار على توقيف أي عائلة أو فرد مخالف لا يملكون أوراقا رسمية وإقامات ويدخلون البلاد خلسة، تمهيدا لتسليمهم إلى الأفواجِ الحدوديّة من أجل ترحيلهم إلى سوريا، خاصة وان مراكز التوقيف امتلأت، والأجهزة الأمنية الأخرى ترفض استلام الموقوفين السوريين.

وتؤكد مصادر عسكرية أن ما تقوم به مديرية المخابرات يراعي القوانين ومن اجل المحافظة على الامن والاستقرار في البلد، وبعيد كل البعد عن الممارسات العنفية أو العنصرية التي يحاول البعض أن يتهم الجيش بها والتي لا أساس لها من الصحة.

وفي السياق يقول وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار” من واجب الأجهزة الأمنية العمل ليلاً نهاراً على حماية الأمن القومي للبلاد وتطبيق القوانين على كافة الأراضي اللبنانية طيلة أيام السنة. فهذا أمر بديهي ولا يجب أن يتطلب قراراً سياسياً أو إذناً من أحد”، مضيفا”لطالما حذّرنا وعبّرنا عن خشيتنا من الوصول إلى هذه المرحلة في التعاطي مع النازحين، ونتمنى على اللبنانيين والسوريين أن يتعاطوا مع بعضهم البعض بالحدّ الأدنى من الاحترام”.

المدير التنفيذى لملتقى التأثير المدني زياد الصائغ يشير في حديث لـ”لبنان “24 إلى أن لا احصاءات دقيقة لأعداد النازحين السوريين، وهذا خلل بنيوي منذ بداية توافد هؤلاء في 2014 ، إذ أن من المهم إنجاز تعداد موحد بين المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ومؤسسات الدولة اللبنانية، مع دراسة القدرة الاستيعابية، إلى التمييز بين العامل والنازح. وكل هذا لم يحدث ، ونحن أمام تقدير يقارب المليون وخمسائة ألف، لكن أي تقدير ليس جدياً، مع إشارة الصايغ إلى ان تزويد نازحين سوريين بهويات لبنانية مزورة، يشير إلى تفلت على كل المستويات في لبنان، خاصة وان دينامية التزوير تتصاعد ومن الملح أن تقوم الأجهزة الامنية والقضائية المختصة بوقف شبكات الجريمة المنظمة التي تقوم بذلك.

ومع ارتفاع أصوات سياسية تتحدت عن ترحيل عدد من النازحين السوريين بشكل قسري وعشوائي إلى بلادهم، يستطرد الصايغ قائلا: “علينا معرفة المسار الذي يتم سلوكه في هذه المرحلة. فتصعيد الخطاب التعنيفي عندنا واستنفار عصبية النازحين غير سليم، ولا يرقى إلى حجم المسؤولية التاريخية لإرساء سياسة عامة للعودة بالتعاون مع الأمم المتحدة، مع تشديده على أن عودة النازحين مسار حتمي ويحتاج إلى دبلوماسية بناءة.

لكن السؤال الأهم عند الصايغ: من يمنع عودة 600.000 نازح سوري إلى منطقة القلمون والزبداني والقصير، ومن يمسك بهذه المنطقة. فالعودة الآمنة والطوعية تتوفر حين تقدم ضمانات قانونية وأمنية في سوريا بتنسيق مع الامم المتحدة والنظام السوري وقوى الأمر الواقع ، وهذا الامر، على ما يبدو ورغم كل الكلام المعسول ما زال غير متوفر، عدا اليات العودة وأفاقها، في حين أن المطلوب أن يكون هذا الملف جاهزا بالتعاون مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.

ومع ذلك، فإن الواقع في القرى والبلدات لا يبشر بالخير، فنسبة النازحين تشكل نحو30% من المقيمين في لبنان كما أن نسبة الولادات السنوية لدى النازحين باتت قريبة جداً من نسبة ولادات اللبنانيين، هذا فضلا عن التنافس الملموس على الوظائف، وصولا إلى التداعيات الإجتماعية والديموغرافية لوجودهم على البنية الداخلية. كل ذلك دفع الاتحاد العام لنقابات عمال لبنان إلى إطلاق “الحملة الوطنية لتحرير لبنان من الاحتلال الديموغرافي السوري”، بحجة “انقاذ لبنان أرضا وشعبا وثقافة وحضارة من خطر التغيير الديموغرافي الداهم”. إلا أن الصايغ الذي لا يحبذ هذه المقاربة يدعو إلى عدم الإنزلاق نحو توتير الأجواء بخطابات شعبوية، وتجهيل ما فعلته المنظومة لهذه القضية الإنسانية السياسية الخطيرة، وإلا نكون أمام مواجهات لا تحمد عقباها بين النازحين والمجتمعات المضيفة. فالعودة حتمية ولنعمل عليها دون إضافة جروح على الذاكرة اللبنانية – السورية. وللمجتمع الدولي دور في العودة.

رغم كل ما يجري، إلا أن عودة النازحين السوريين إلى ديارهم ليست بهذه السهولة. المجتمع الدولي يواصل جهوده من أجل دمجهم في المجتمعات المضيفة. والدول الأوروبية ليست في وارد بلورة أي أجندة تسهم في عودة النازحين السوريين، فأولوياتها في مكان آخر، هذا فضلا عن أن مجموعة بروكسل لا تزال تتمسك بالمعايير نفسها التي وضعتها وتتصل بالعودة الطوعية المرتبطة بالحل السياسي في سوريا. ولذلك لا يمكن الرهان على حل أزمة النازحين مع انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان وعودة سوريا إلى الجامعة العربية، لأن عودتهم محكومة فقط بقرار من المجتمع الدولي الذي يواصل عبر جمعياته ومنظماته توفير اموال تخطت كل المعايير للنازح الذي سيحرم منها متى عاد إلى بلده. وهذا يعني ان جرس العودة لن يدق قريباً.

Back to top button