ارتباط جونسون بأوكرانيا أوثق مما تعتقدون
بقلم: بيل ترو
لا يقع عليكم أي لوم إن اعتقدتم عند زيارتكم كييف بأن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق لا يزال بمنصبه
النشرة الدولية –
تملأ صور بوريس جونسون وهو يقود دراجة هوائية جدران فندق روفر في لفيف على نحو يتعذر تفسيره، وفي الواقع فإن الطابع العام للفندق بأكمله مخصص لرئيس وزرائنا السابق (ودراجاته).
أجلس على سريري فيحدق بي بوريس جونسون بقبعته المخططة في تلك الصورة التي التقطت له عندما كان رئيس بلدية لندن، وها هو على الحائط خلفي أيضاً يلوح بيده بسعادة وهو يركب “دراجة بوريس” التي تحمل شعار مصرف باركليز وإلى جانبه أرنولد شوارزنيغر الذي يقود دراجة أخرى وهو يرتدي بدلة رسمية.
في الخارج علقت على جدار ممر الفندق صورة لبوريس وهو يركب دراجة هوائية قرب العجلة السياحية الضخمة “عين لندن” London Eye، وبعدها بعدة غرف تطالعك صورة بوريس وهو يترجل عن الدراجة ويسوي حذاءه فيما يعتمر خوذة ركوب الدراجات، وأينما نظرت ترى بوريس بوريس بوريس.
ولا يعتبر هذا الأمر خارجاً عن المألوف في أوكرانيا.
الأسبوع الماضي قلد عمدة كييف فيتالي كليتشكو السيد جونسون ميدالية “مواطن كييف” الفخرية على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في دافوس.
أتت هذه اللفتة في أعقاب تلقيه ميدالية “وسام الحرية” من الحكومة الأوكرانية، وهو أعلى تكريم يمكن للدولة أن تقدمه لمواطن غير أوكراني.
والصيف الماضي منحته أوديسا لقب المواطن الفخري للمدينة الساحلية الاستراتيجية، كما أعلنت بلدات عدة عزمها تسمية شوارع باسمه، وفي لفيف وخلال فصل الصيف صنع مصنع الجعة المحلي برافدا منتجاً خاصاً سماه جعة بوريس جونسون وقد نفدت الكمية فوراً.
والسبب هو أن أشهر الشخصيات الأجنبية في أوكرانيا ما عدا الرئيس بوتين نفسه طبعاً هو بوريس جونسون.
لذا لم يكن مفاجئاً أبداً أن يخصص له الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والذي بحسب السيد جونسون دعاه شخصياً للعودة إلى العاصمة، يوم الأحد استقبال قادة العالم، وذلك على رغم كونه رئيس وزراء سابق ذو نفوذ قليل نسبياً.
وخلال هذه الزيارة غير المعلنة زار بوتشا وبوروديانكا البلدتان الواقعتان ضمن منطقة كييف.
هناك التقط السيد جونسون صور “سيلفي” مع سكان البلدتين ووضع باقات زهور وقال لعمدة بوتشا “يمكنني أن أؤكد لك بأن المملكة المتحدة ستظل إلى جانب أوكرانيا طالما تطلب الأمر ذلك”.
وأضاف، “كما سنساعدكم في إعادة الإعمار” مع أنه يفترض بأنه لا يملك أية سلطة حقيقية ليقدم هذه الضمانة.
لاحقاً استقبله الرئيس الأوكراني شخصياً مع عدد من كبار المسؤولين ومن بينهم وزير الخارجية ومسؤول مكتب الرئاسة الذين اصطفوا قرب مقر الإدارة الرئاسية في قلب المدينة.
لو رأيت الصور لاعتقدت معذوراً بأن السيد جونسون لا يزال فعلياً رئيس الوزراء البريطاني، وأراهن بأن معظم الأوكرانيين في البلاد يتمنون لو أنه لا يزال في منصبه، وهذا سيتسبب في النهاية بتوتر واضطرابات في موطنه، فمع أن رئاسة الوزراء في “داونينغ ستريت” سمحت زيارة اليوم، وقالت في بيان لها إن رئيس الوزراء “يولي دعمه دائماً لكل الزملاء الذين يظهرون مساندة المملكة المتحدة لأوكرانيا”، وقد يكون هذا الأمر محرجاً بالنسبة إلى ريشي سوناك الرجل الذي لا يعرفه أحد في أوكرانيا.
كما أعربت شخصيات بارزة عدة عن قلقها من الموضوع، وقبل زيارة جونسون لكييف قال قائد الجيش السابق اللورد دانيت لـ “اندبندنت” إنه “خارج عن السيطرة” ويمكن أن “تعتم” خطته على رئيس الوزراء.
ومن جانبه حذر رئيس أركان البحرية السابق ويست من أن رئيس الوزراء السابق “يبحث عن الأضواء” وناشده البقاء “في الكواليس”.
أما نائب المحافظين الأقدم ورئيس لجنة الدفاع البرلمانية توبايس إيلوود فناشد السيد جونسون أيضاً “عدم التدخل” بالعلاقات الرسمية بين البلدين حين ظهرت البوادر الأولى على احتمال قيام السيد جونسون بالزيارة.
سيكون موقفاً صعباً بالنسبة إلى “داونينغ ستريت”، وفي ما يخص العلاقة مع أوكرانيا لا يزال الأوكرانيين يعتبرون السيد جونسون الشخصية الوحيدة التي تمثل المملكة المتحدة وبطلاً قومياً.
في الحقيقة أظهر استطلاع رأي نشره اللورد آشكروفت في يونيو (حزيران) في المملكة المتحدة أن 90 في المئة من الأوكرانيين يؤيدون جونسون، وهذه النسبة لا تقل عن الرئيس زيلينسكي نفسه سوى بثلاث نقاط.
وقال نواب ومسؤولون قابلتهم “اندبندنت” إنه قدم “أعلى الأمثلة” دولياً في ما يعني الدعم لأوكرانيا.
وفي كل مقابلة تقريباً أجرتها “اندبندنت”، إن مع مدنيين يسعون إلى النجاة في مدن على الجبهة أو مع كبار مسؤولي الدفاع، يكال المديح لبوريس باعتباره أوثق حلفاء أوكرانيا.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أجريت مقابلة مع سيدة في الستينيات من عمرها في باخموت التي يجوز اعتبارها أخطر المدن الأوكرانية، وفيما دوت أصوات القصف القوي في الخلفية لم تتوقف السيدة عن توبيخ المواطنين البريطانيين لأنهم سمحوا لجونسون بالاستقالة أساساً.
بدأت حمى جونسون لأنه في عهده كانت المملكة المتحدة من بين أولى الدول الأجنبية التي زودت أوكرانيا بالأسلحة الثقيلة في المراحل الأولى، بما فيها سلاح “نلاو” NLAW المضاد للدبابات وراجمة الصواريخ متعددة الانطلاق “إم 270” وصواريخ بريمستون قصيرة المدى.
كما ينظر إلى السيد جونسون على أنه اطلع بدور أساس في حشد الدعم الأوروبي لأوكرانيا، ولم يعر أي أحد هنا أي اهتمام بتورطه المتزايد في الفضائح في بريطانيا، بل بالعكس بينما كانت مشكلاته تكبر داخل المملكة المتحدة قام بزيارات عدة إلى كييف، على الأرجح بقصد أخذ قسط من الراحة من تصاعد الأصوات التي تطالبه بالاستقالة في لندن، وأصبح يشتهر بلقب “بوريس جونسونيوك” [على نسق أسماء العائلات الأوكرانية].
وعلى رغم إعلان السيد سوناك الأسبوع الماضي بأنه سيزود أوكرانيا بـ 14 دبابة “تشالنجر 2” وغيرها من الأسلحة الثقيلة، أراهن بأن السيد جونسون هو من سيحصد الفضل على ذلك، وهذا سيتسبب بمزيد من المشكلات لحزب المحافظين والسيد سوناك في المستقبل.