موازنة لبنانية هجينة بأرقام تجميلية.. ستمر رغم الانتقادات اللاذعة
النشرة الدولية –
المدن – عزة الحاج حسن –
لم يختلف اليوم الثاني من مناقشات مجلس النواب لمشروع موازنة 2024 عن سابقه، فقد تخلّلت كلمات النواب الكثير من الانتقادات لمواد الموازنة، وكان لافتاً انتقاد عدد من نواب الذين سبق أن شاركوا في تعديلها و”تحسينها”، على حد تعبيرهم.
بمطلق الأحوال، لم تعكس الأجواء اليوم سلاسة في تمرير موازنة 2024، إلا أن مصدراً نيابياً أكد لـ”المدن” أن غالبية الأفرقاء السياسيين متفقون على التصويت عليها وتمريرها، على الرغم من انتقاداتهم للكثير من موادها خلال المناقشات العلنية. ولفت المصدر إلى أن جلسة الغد المرتقب عقدها بعد الظهر، ستكون نهائية للتصويت على المشروع.
موازنة هجينة
انتقد النائب رازي الحاج التوصل إلى “صفر عجز” في الموازنة، واصفاً إياها بموازنة الـ24 جريمة ورأى أن “لا رؤية اقتصادية، لا نفقات استثمارية، لا هيكلة للدين العام، لا احتساب للهبات، لا دراسة للقروض الخارجية، مخالفات بسلفات الخزينة، لا إصلاحات لوقف التهرب الضريبي ووقف التهريب، لا إصلاح للقطاع العام، لا مشاريع للتحول الرقمي، لا شبكة للأمان الاجتماعي، لا حل لواقع مؤسسة ضمان ولا لوضع المتقاعدين، لا لتعويضات نهاية الخدمة، لا سياسة إسكانية، لا تفعيل للهيئات الرقابية، لا حل جذرياً للاستشفاء والأدوية المستعصية، لا تفعيل للضابطة الجماركية، لا مشاريع للأبنية الحكومية، لا حل لواقع المدارس الرسمية، لا صيانة للمطار والمرافئ العامة وللبنى التحتية، لا صيانة للطرقات والسلامة المرورية، لا حل لأزمة النفايات الصلبة، لا حل للصرف الصحي، لا رؤية لإدارة أصول الدولة، لا ضبط للحدود. بالتأكيد مع كل هذا سنصل إلى موازنة بصفر عجز، صفر نفقات استثمارية، وصفر إصلاحات، وصفر خدمات عامة، وصفر حقوق، وصفر واجبات وصفر إنجازات”، حسب الحاج.
وليس مستغرباً انتقاد الموازنة لجهة “صفر عجز”. فقد فنّدت العديد من التقارير، منها تقرير شامل لجمعية كلّنا إرادة، وتوصلت إلى نتيجة “تزييف” مسألة العجز في الموازنة. وحسب تقرير كلنا إرادة، فإن التوازن المحقق في المالية العامة ليس أكثر من عملية تجميلية. فمشروع الموازنة يعدّل النفقات لتتساوى مع الإيرادات الفعلية المحصلة، التي أعلن بداية أنها تبلغ 278 ألف مليار ليرة، وفي كانون الثاني الحالي أعادت وزارة المال احتسابها فبلغت 313 ألف مليار ليرة. لكن النفقات المرصورة في الموازنة تبلغ 295 ألف مليار ليرة ولا تشمل جميع التزامات الدولة، بما في ذلك المتأخرات.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن مشروع الموازنة لم يلحظ أي معالجة لرواتب القطاع العام، ولا حتى لتكلفة الحوافز المالية التي أقرتها الحكومة مؤخراً لموظفي الإدارة العامة والأجهزة العسكرية. والأخطر من ذلك، إن الموازنة أعدت قبل 7 تشرين الأول الماضي، ولم تجرَ تعديلات عليها من حينها، للحظ التأثيرات الناجمة عن الحرب. كما أن الجزء الأكبر من الإنفاق العام المرصود في الموازنة هو عبارة عن نفقات جارية ويبلغ حوالى 86 في المئة.
تدمير الطبقى الوسطى
انتقد النائب أسامة سعد كيفية طرح ضريبة الدخل وشطورها والنسب العالية المفروضة على الموظفين، قائلاً أن “المليونير بالدولار مثله مثل أي استاذ أو موظف أو حرفي أو محدود الدخل أو كادح أو فقير، يتساوى معه بالأعباء الضريبية”، واصفاً هذا الإجراء بـ”الظلم المفرط والعدالة المنتهكة” ولفت إلى أن هذه الموازنة تقضي على ما تبقى من طبقة وسطى.
من جهته سأل النائب فيصل كرامي لماذا لم يتم إقرار ضريبة على الثروة، وهي ضريبة تعتمدها كل دول العالم التي ننتهج سياسية اقتصادية تتماهى معها؟
وبالحديث عن الضرائب، لا بد من الإشارة إلى أن مشروع موازنة 2024 كما سابقاته يفرض ضريبة دخل على الأرباح الصافية للشركات تصل بحدها الأقصى إلى 17 في المئة، فيما تصل ضريبة الدخل على رواتب الموظفين إلى 25 في المئة! واللافت أكثر، هو احتساب ضريبة الدخل على الموظفين على أساس الدولار الفعلي أي 89500 ليرة.
وتعليقاً على ما لفتت إليه النائبة بولا يعقوبيان لجهة أن لا إرادة للاتفاق مع صندوق النقد ولجهة خطورة ما نسمعه من رئيس الحكومة من تضليل، بأنّ لبنان يخرج من الأزمة المالية، يبدو مفيداً التذكير بأن مشروع موازنة 2024 منفصل كلياً عن كل ما تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد لجهة الإصلاحات. فالمشروع لا يعالج عبء الديون المتراكمة، ولم يتطرق لأي خطة لإعادة هيكلة الدين. كما لا يتطرق إلى العملية المحاسبية الفاضحة التي قام بها مصرف لبنان وأدت الى تحميل الخزينة العامة ديناً إضافياً بقيمة 58.7 مليار دولار، حسب تقرير كلنا إرادة.