ملف اغتياله لن يُغلق هذه المرة
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –

صدر كتيب عن «مؤسسة دار الجديد» وبقلم ماري جو صادر وبالتعاون مع جريدة «لوريان لوجور» التي تصدر باللغة الفرنسية في الذكرى الثانية لاغتيال المفكر والمعارض اللبناني لقمان سليم التي تصادف يوم 3 فبراير 2023، فيه تفاصيل ومعلومات عن كيفية الاغتيال وفي أي منطقة، وأهمية كاميرات المراقبة وغيرها.

ما استوقفني في الكتيب وهو بثلاث لغات: العربية والإنكليزية والفرنسية، الفصل المعنون ب«هذه المرة غلق الملف ممنوع» مما تضمنه من حقائق جديرة بتعميمها ونشرها، فهذه الجريمة سبقها نحو 200 جريمة اغتيال سياسي معظم ملفاتها تم حفظها في الأدراج وأغلقت، فماذا تقول الرواية؟

تكهّنات كثيرة سرت لمحاولة فهم الدوافع التي حثّت المحرّضين على عملية الاغتيال، تذكّر كثيرون مقابلة لقمان سليم عبر قناة الحدث السعودية، قبل شهر من اغتياله، إذ تحدّث عن تورّط الحكومة السورية وحزب الله في استيراد نترات الأمونيوم الذي أدّى إلى انفجار بيروت القاتل عام 2020، هل كان يعرف الكثير عن هذه القضية؟ لقد تمّ اغتيال لقمان بعد أسابيع من اغتيال جوزيف بجّاني، المصوّر الذي قتل بالرصاص وسُرق هاتفه يوم 21 ديسمبر 2020، وحُفظ ملفّ مقتل المصور جو بجاني، 37 عاما، ووفقا لما أوردته وسائل الإعلام، يبدو أنّ تصويره للمرفأ قبيل انفجاره هو السبب، فور اغتيال لقمان أدلت الصحافيّة منى العلمي بتصريح أثار كثيرا من الجدل، بيد أنّ ما تقدّمت به لم يثر اهتمام المحقّقين.

وقد قالت العلمي لصحيفة أوريان لوجور إنه لم يتمّ الاتصال بها في إطار التحقيق، وقد بيّنت وجود صلة بين اغتيال سليم وبين ما يعرفه من معلومات مهمة وحسّاسة عن اقتصاد حزب اللّه الموازي. وأضافت: «كان يحاول التواصل مع الإدارة الأميركيّة الجديدة لمساعدة أحد مموّلي الحزب على الانشقاق». وحين سألناها عن احتجابها بعد هذا التصريح قالت: «لم ألتزم الصمت خوفا، ولكن كلامي تعرّض لحملة تشويه» مؤكدة أنها لم تكن الصحافية الوحيدة التي شاركها سليم هذه المعلومات، «وهذا دليل، على شجاعته، فهو لم يكن يسعى فقط لمحاربة الحزب بالكلمات، بل أيضا بالأفعال». لا ترغب عائلة سليم التعليق على كلام العلمي وتعتبرُ أن القبض على القتلة ومثولهم أمام العدالة هو ما تصبو إليه. «بالطبع، لديّ فكرة حول القتلة، ولكن لا يكفي أنّ أسمّيَهم، أحتاج إلى إثباتات دامغة إلى محاكمة حقيقية، العدالة هدفي»، قالت مونيكا بورغمان لأوريان لوجور: «أعرف لقمان منذ 20 سنة، العمل الدؤوب لمكافحة الإفلات من العقاب كان أساس نشاطنا، اليوم سأتابع هذا الطريق بدونه، ولكن من أجله». أمّا رشا الأمير شقيقته فتقول: «يوم استجوابي سُئلت: بمن تشكّين؟ هل لشقيقك أعداء؟ فأخرجتُ رسالته التي كتبها يوم عُلّقت على أبواب دارنا ملصقات تهدّده بكاتم الصوت، وقلتُ اقرأوا… لستُ بشجاعته». في ظل حالة الجمود والعدوانيّة اللتين مورستا لكفّ يد القاضي طارق بيطار في تحقيق انفجار المرفأ تسعى عائلة سليم إلى قرع أبواب العدالة الدوليّة، وقد أرسل المجتمع الدولي إشارات قوية إلى السلطات اللبنانية للمساهمة في التحقيق، وأضافت مونيكا بورغمان بتصميم: «هذه المرة ستختلف الأمور»، مشيرةً إلى أكثر من 200 اغتيال سياسي أدمت البلاد وسرعان ما طويت ملفّاتهم بلا محاكم ولا عقاب… العائلات والرأي العام يعرفون أنّ عجز العدالة مدوٍّ كالقدر.

«من يتوقّع تحقيقا عميقا أو تحقيقا ولو صغيرا يفترض أنّ حزب الله لا يتحكّم بلبنان». هذا ما يؤكّده روني شطح، الصحافي ونجل وزير المال السابق محمد شطح، الذي اغتيل بسيّارة مفخخة عام 2013، كلّ الأصوات التي تجرأت وتحدّت المنظومة الأمنيّة السوريّة والإيرانيّة اغتيلت». يضيف ابن المغدور، قبل أكثر من خمسين عاما، أدرك رجلٌ أهمّية إدانة العقل السياسي المدبّر لا الشخص الذي يضغط على الزناد، هذا الرجل هو النائب محسن سليم، والد لقمان سليم، ومحامي عائلة الصحافي كامل مروة، أحد أوائل الصحافيين وقادة الرأي الذين قتلوا في لبنان عام 1966.

نجح محسن سليم في استصدار حكمٍ بسجن قاتل مؤسس صحيفة الحياة وصحيفة الديلي ستار، وقد اشتبه بأنّ المحرّضين الذين أمروا بارتكاب الجريمة مقرّبون من النظام الناصري، هؤلاء، بالطبع، عاشوا حياتهم بلا قلق يُذكر.

Back to top button