الحفلات الغنائية والإرهاب
بقلم: الجازي طارق السنافي
النشرة الدولية –
للحركة الفنية في الكويت تاريخ طويل وممتد شهد على التطور الفني والثقافي، بل وانعكس على المجتمع ككل محليا وإقليميا، إذ إن تنوع الفن منذ القدم لامس ذائقة الجميع، ومن مختلف الفئات والأطياف، حتى أصبح اسم الفن مرتبطا بالكويت، ولا يمكن نسيان دور الكويت الرائد في إبراز فنانين وأسماء لامعة على الصعيدين الخليجي والعربي، فكانت الكويت هي الوجهة الرئيسية «للنجومية» -ولا تزال- بالرغم من كل العقبات والمنع ومرحلة التشدد والهيمنة -غير المبررة- التي مررنا بها.
فلا ننكر أيضا أننا مررنا بمرحلة تراجعنا فيها فنيا بسبب القصور والإهمال والخضوع للأصوات الرجعية الرنانة، بينما استغلت الدول الأخرى -الشقيقة والصديقة والقريبة والبعيدة- الفرص واستقطبت الجمهور العربي والخليجي من خلال مواسم ومهرجانات فنية متنوعة.
فبعد توقف طويل بسبب الحرب في غزة وبسبب فترة الحداد التي آلمتنا جميعا، استعادت الكويت بهجتها بعد توقف طويل للأمسيات الموسيقية والحفلات الغنائية والأنشطة الترفيهية من خلال عودة الأنشطة الموسيقية والمواسم الثقافية المختلفة في فبراير.
فشهر فبراير له طابع خاص وله مناسبات خاصة في قلب كل مواطن، إذ نستذكر فيه تاريخ استقلال دولة الكويت، وتحريرها من الغزو العراقي، وهو موسم الأنشطة الفنية والمهرجانات الغنائية والثقافية التي اعتدنا حضورها واستذكارها.
نحن في مرحلة جديدة وأمام تحديات مقبلة، ولا بد من التركيز على الجانب الترفيهي والسياحي والفني وهو امتداد لتاريخنا وثقافتنا، ولكن البعض وجدها فرصة لخلط الحابل بالنابل، فالمطالبات بوقف الأنشطة الموسيقية والغنائية لها أبعاد سيئة ودلالات أعمق من إلغاء فعالية موسيقية، والأصوات التي نسمعها في منصة «X» وغيرها ليست هي الأصوات الفعلية التي نسمعها في الواقع، بل إن ما يكتب شيء والواقع شيء آخر تماما، وتصعيد «الهاشتاغ» و«الترند» ليس إلا فقاعات مؤقتة تديرها مجموعات مجهولة المصدر والبعض يتفاعل معها وهم «مع الخيل يا شقراء».
فلابد من التصدي للإرهاب الفكري الذي يتسيد المشهد ويدير قطع الشطرنج، فالقرارات لا تؤخذ من منصات التواصل وتلغى من منصات التواصل ولا بصياح «البعض»، بل بعد دراسة الاحتياج لها بكل عقلانية وحيادية، وسنجد أن الفقاعات ستتلاشى.
نتمـــنى أن تكــون الحكومة واعية ومدركـــة لهذا النوع من المطالبــات والحملات، وأن تكون قادرة على تحقـــيق الأهــــداف والرؤى والتطلعات المقبلة، لأن المرحلة الحالية تحمل عنوان «يا أكون أو لا أكون».
بالقلم الأحـمـر: الإرهــاب الفـــكري لا يرهبنا، للناس حريتها في الاختيار والتعبير.