ماذا وراء استعانة الرئيس التونسي بالعسكر لإدارة البلاد؟
النشرة الدولية –
تجددت النقاشات في تونس حول دور المؤسسة العسكرية مع اعتماد الرئيس قيس سعيد على عدد متزايد من الوجوه المحسوبة على الجيش في الإدارات المدنية.
والثلاثاء، أدى وزيرا التربية والفلاحة محمد علي البوغديري وعبد المنعم بلعاتي اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية لتسلم منصبهما بعد التحوير الحكومي الجزئي الذي اتخذه سعيد يوم الاثنين.
وبلعاتي هو جنرال سابق في جيش الطيران سبق له أن شغل منصب المتفقد (المفتش) العام للقوات المسلحة، وفق سيرته الذاتية التي نشرتها وسائل إعلام محلية.
ولا يعد بلعاتي الاسم الوحيد المحسوب على الجيش الذي يمنحه الرئيس سعيد ثقته للإشراف على مؤسسة مدنية، فقد سبقه لذلك وزير الصحة الحالي العميد طبيب علي مرابط المحسوب على إدارة الصحة العسكرية.
كما سبق للرئيس سعيّد أن عيّن المدير العام للصحة العسكرية السابق الفريق طبيب مصطفى فرجاني في منصب وزير مستشار لدى رئاسة الجمهورية.
وفي قراءة لتوجهات الرئاسة الجديدة في علاقة بالجيش، فسّر المحلل السياسي معز زيود الاعتماد المتزايد لسعيد على قيادات عسكرية في إدارة الشأن العام بـ”الثقة المتزايدة التي يوليها الرئيس لهذه المؤسسة التي تعتبر المساند الأول في إجراءات 25 يوليو”.
وكان سعيد قد أعلن يوم 25 يوليو 2021 عن اتخاذ إجراءات استثنائية من بينها تجميد البرلمان والإطاحة بالحكومة في حضور قيادات عسكرية عليا.
وأضاف زيود في تصريح لـ”أصوات مغاربية” أن “العقد انفرط من حول الرئيس سعيد بعد تحول الكثير من المقربين منه إلى منتقدين كبار لسياساته”، مشيرا إلى أن “المؤسسة العسكرية معروفة بالانضباط وتطبيق التعليمات”.
قبضة حديدية
وأشار المحلل السياسي إلى أن “حالة التسيب في مؤسسات الدولة”، قائلا إن ” الرئيس يرغب في فرض قبضة حديدية على بعض الإدارات وهو أمر قد يكون ناتجا عن تأثره ببعض النماذج في الدول المجاورة كمصر والجزائر التي يلعب فيها الجيش دورا كبيرا في إدارة الشأن العام”.
وحول “المخاوف” من منح المؤسسة العسكرية دورا متزايدا في الحياة السياسية، أشار المتحدث ذاته إلى أن “ذلك لا يمثل إشكالا في صورة توفر الكفاءة في الأشخاص الذين تم تعيينهم خاصة في ظل ضعف الدولة”، لكنه حذر من وجود “قراءة أخرى تتعلق برغبة الرئيس في “عسكرة” البلاد لدعم قبضته الحديدية على السلطة”.
في المقابل، قال الخبير العسكري فيصل الشريف إن “الرئيس سعيد يشغل خطة القائد الأعلى للقوات المسلحة وقد حظيت إجراءات 25 يوليو بتأمين من الجيش وهو ما يفسر ثقة سعيد في المؤسستين الأمنية والعسكرية”.
وفسّر الشريف تعويل الرئيس على العسكريين بـ”ثقته في ابتعاد المنتمين لهذه المؤسسة عن التجاذبات السياسية والأجندات الحزبية وقضايا الفساد”.
وقلل الشريف في تصريح لـ”أصوات مغاربية” من “أهمية تعيين جنرال سابق على رأس وزارة الفلاحة”، مشيرا إلى أن “التحوير الوزاري الأخير يهدف لصرف النقاش العام الدائر حول ضعف نسبة الإقبال على الانتخابات التشريعية”.
والأحد الفائت، جرت الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية وسط عزوف شعبي كبير عن الاقتراع، إذ بلغت النسبة العامة للمشاركة نحو 11.4 بالمئة فقط أي 895 ألف ناخب من جملة أكثر من 7 مليون مسجل.