انهيار السلطة الفلسطينية .. كيف؟ وماذا بعد؟
بقلم: رجا طلب
النشرة الدولية –
حظي تقرير مركز الازمات الدولية بشأن السلطة الفلسطينية ومستقبلها الصادر قبل عدة أيام والذى خلص إلى أن مرحلة ما بعد الرئيس الفلسطيني » ابو مازن » سوف تشهد صراعا قويا على السلطة، حظي هذا التقرير باهتمام بالغ وواسع من قبل وسائل الاعلام رغم عدم وجود اي معلومات جديدة تتعلق بالسلطة او بالرئيس عباس او حتى بالخلفاء المفترضين المعروفين، والتقدير ان هذا الاهتمام بهذا الموضوع القديم الجديد ناتج عن تطورين رئيسيين في الحالة الفلسطينية، الاول وهو الحكومة الاسرائيلية وتشكيلتها الفاشية غير المسبوقة، والثاني هو التزايد الكمي والنوعي في الاعمال النضالية والمواجهة المسلحة مع قوات الاحتلال في معظم مدن الضفة الغربية وتحديدا في جنين ونابلس بالاضافة لزبارة انطوني بليكن وزير الخارجية الاميركي للضفة وتل ابيب واجتماعه مع ابو مازن ونتنياهو.
اختلف مع الافتراض الذي ذهب اليه المركز وهو انهيار السلطة بعد ابو مازن، صحيح ان غياب الرئيس الذي يتحكم بكل ادوات السلطة سيشكل فراغا من الصعب ان يمتلئ بسلاسة وسهولة وفي ظل غياب تام للادوات الدستورية والقانونية الشفافة لانتقال السلطة وهو ما سيصنع بالضرورة حالات من التشاحن والتصادم بين الرؤوس الكبيرة داخل فتح وقيادة السلطة، ولكن هذا لا يعني ان هناك مواجهات مسلحة ستحدث داخل السلطة.
بعد غياب الرئيس الراحل ياسر عرفات تحولت مهمة السلطة من مهمة بناء الدولة على قاعدة حل الدولتين الى اداة لادارة الحياة المدنية في الضفة الغربية، و منذ عام 2005 الى اليوم ركز الإسرائيليون على نقطتين اثنتين في التعامل مع » السلطة الفلسطينية » وهما:
الاولى: التنسيق الامني وتطوير الاجهزة الامنية الفلسطينية لخدمة هذا الهدف.
الثاني: ابتزاز السلطة في موضوع الدعم المالي المقدم لها من واشنطن والاتحاد الاوروبي، وربط هذا الدعم برضا » تل ابيب ».
وطيلة تلك السنوات التزمت السلطة بما طُلب منها وكبحت بشكل فاعل كل الاعمال والافعال التى تعرقل هذه الاجندة، ونجح الرئيس ابو مازن في بناء منظومة فكرية وسياسية جديدة داخل السلطة اصبح لها رموزها بشكل جلي وواضح ومن ابرزهم على الاطلاق القيادي حسين الشيخ الذي قفز وبلا مقدمات الى منصب امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وهو احد المناصب التى تؤهل صاحبها في غياب التراتبية الدستورية للقفز الى منصب الرئاسة للسلطة ومنظمة التحرير، كما تاهل ايضا ماجد فرج مدير المخابرات الفلسطينية صاحب » الظل الخفي » واقصد الذي لا يحب الظهور الاعلامي لكنه احد صناع القرار، والاثنان يحظيان بدعم من واشنطن غير ان الشيخ وبحكم انه من قيادات فتح وبحكم انه امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير هو الخيار الجاهز حاليا.
بالعودة الى تقرير مركز الازمات اجد انه تغافل ولا ادري بقصد او بدون قصد عن المقاومة الشعبية المسلحة التي باتت من الناحية العملية الاهم على اجندة حكومة نتنياهو بعد انتعاش تلك المقاومة على مدى عام تقريبا، فهذه المقاومة هي وبالضرورة تحد للسلطة بوجود ابو مازن او في غيابه واصبحت الخيارات الممكنة للتعامل معها من الجانبين هي ما يلي:
اولا: المواجهة المسلحة وتحديدا من قبل حكومة الاحتلال وبدعم من السلطة.
ثانيا: التفاوض السياسي على قضايا مطلبية مثل وقف الاجراءات التعسفية التي تطال اسر المقاومين مثل تدمير منازل اسرهم وغيرها من اجراءات.
الأرجح ان الاحتلال وبالعقلية التي باتت تسيطر عليه، وبالعقلية النضالية التي نبت في طينتها جيل الالفية الثانية وهي عقلية مقاومة وتضحية، فلا حل في المدى المنظور.