السعودية “من التشدد إلى الواقعية” في الملف الرئاسي اللبناني
النشرة الدولية –
لبنان 24 – هتاف دهام –
رغم ازدحام الطريق الدولية إلى لبنان بالموفدين الأجانب، إلا أن الجمود السياسي لا يزال عنوان الاستحقاق الرئاسي الذي طرأت عليه ملفات أكبر، وضعته جانباً في الوقت الراهن، رغم تبدل مواقف بعض الدول المنضوية تحت لواء” الخماسية”، وانتهاجها معايير تبعث على التفاؤل إلى حد كبير.
لا شك أن هناك حساسية مفرطة تحكم عمل “اللجنة الخماسية” وسفرائها في لبنان، فهي لم تنجح في تجاوز خلافاتها والذهاب إلى توحيد المواقف وإلى “كلمة سواء” تحد من إطالة أمد الأزمة اللبنانية التي يعجز المعنيون في هذا البلد عن حلها من دون اليد الخارجية.
اختلف سفراء” الخماسية” على من يكون رئيس الوفد أو قائد المجموعة، هذا في الشكل. أما في المضمون فالمقاربات أيضاً تتضارب. ففي مقابل من يدعو إلى حل كامل ضمن سلة واحدة على غرار الطرح الأميركي الذي يسوق له موفد الرئيس جو بايدن آموس هوكشتاين، فإن باريس تظن أن من مصلحتها الفصل بين الملفات الامنية والسياسية والدفع نحو انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت، ولذلك تواصل الدفع بمبادرتها، وقدمت تنازلا من خلال طرح “الخيار الثالث” الذي ناقشه الموفد الفرنسي جان ايف لودريان مع القوى السياسية والذي سيعيد التذكير به مجدداً في زيارته المرتقبة إلى بيروت.
في الأونة الأخيرة كثر الحديث عن احتمال أن تصبح الخماسية “سداسية”، وسط مساع تبذل لانضمام إيران اليها، إلا أن مصادر بارزة مطلعة على الموقف الايراني جزمت لـ”لبنان24” أن طهران لا تريد أن تكون “عضوا” في هذه اللجنة، ومرد ذلك أنها ترفض أن تكون عرضة للاتهامات من قبل بعض المكونات السياسية من أنها تتدخل في الشؤون اللبنانية، خاصة وأن هناك أراء عدة اليوم تجمع على أن جولات السفراء على القوى السياسية والحزبية وتحديدهم لمواصفات الرئيس تشكل خرقا للسيادة. ومع ذلك فإن التواصل على قدم ساق بين السفيرين الإيراني مجتبى أماني والسعودي وليد بخاري الذي تتوقع بعض المصادر أن يشارك في الاحتفال الذي يقيمه السفير أماني بمناسبة العيد الوطني الإيراني يوم الخميس المقبل في مبنى السفارة الجديد. كما أن المعلومات تؤكد أن طهران لن تكون بعيدة عن أجواء سفراء “الخماسية”، فالسفير السعودي سيكون الوسيط بين الدبلوماسي الايراني ودبلوماسيي “الخماسية”، وقد تظهر ذلك في اللقاء الذي جمع بخاري وآماني قبل اجتماع سفراء مصر، قطر، الولايات المتحدة، وفرنسا في دارة السفير السعودي في اليرزة، علماً أن التواصل دائم بين وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان والسعودي فيصل بن فرحان والبحث يتناول مجمل الملفات في المنطقة، مع الاشارة الى التواصل غير المباشر بين “دول الخماسية” وايران في مرحلة سابقة كان عبر دولة قطر.
المسلم به، وفق المصادر الايرانية، أن ايران لن تتدخل في الاستحقاقات الدستورية اللبنانية، صحيح أنها تتابع بدقة التطورات الجارية في لبنان، إلا أنها تبلغ من يراجعها بملفات محلية لبنانية بالقول ” إذهبوا وتحدثوا مع حزب الله”.
يظن بعض المراقبين أن اللقاء بين حزب الله والسفير السعودي بات قريباً، إلا أن مصادر مطلعة على أجواء الفريقين تنفي ذلك من دون أن تستبعده، فالموعد يتحدد وفق الظروف والتطورات التي ستفرض انعقاد اللقاء من عدمه. وتتوقف المصادر عند إيجابية استجدت في الموقف السعودي، فبعد أن أعلنت الرياض في مرحلة سابقة أعقبت انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، كما نقل عن مسؤوليها، أن لا رئيس من” فريق 8 آذار “من أجل الحد من سيطرة حزب الله على الحكم في لبنان، وتقليل نفوذه في البلاد، وان على الرئيس الالتزام بالقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، لا سيما القرارين 1559 و1701، مع ما يعنيه ذلك من ضرورة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، ها هي اليوم ورغم أن سفيرها في مجالس ولقاءات عدة يبدي اهتماما بانتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون، إلا أن مقاربتها للملف اللبناني أصبحت أكثر واقعية، فهي شطبت الشروط التعجيزية التي كانت قد وضعتها على “المرشح للرئاسة اللبنانية”، وتكتفي اليوم بدعوة المعنيين إلى ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية قادر على تحقيق ما يتأمله الشعب اللبناني، ليستعيد لبنان دوره الفاعل في المنطقة ويلتزم مسار الإصلاح السياسي والاقتصادي والمالي.
ما تقدم، يؤكد، وفق مصادر متابعة أن السعودية ستكون حاضرة في أي تسوية سترسم للبنان، أسوة بإيران والولايات المتحدة، علما أن هناك اقتناعا عند سفراء هذه الدول أن أي حل للوضع في الجنوب لا بد أن يكون قد سبقه تفاهم ضمني بين الخارج والداخل على انتخاب رئيس للجمهورية. ليواكب مفاوضات الترسيم البري، لكن كل ذلك يبقى رهن وقف اطلاق النار في غزة.