مجلة تراث تُضيء على المكتبات الإماراتية
النشرة الدولية –
صدر في أبو ظبي، العدد 280 لشهر شباط/فبراير 2023، من مجلة تراث، والتي يُصدرها نادي تراث الإمارات – مركز زايد للدراسات والبحوث.. حيث احتوى العدد على ملف خاص حمل عنوان: “نشأة المكتبات وتطورها في الامارات من الخاصة إلى العامة والتجارية”.
وفي افتتاحية العدد التي كتبتها رئيسة التحرير، شمسة الظاهري، اشارت إلى أنه يمكن اعتبار تاريخ تأسيس المكتبات في دولة الإمارات العربية المتحدة بداية لدراسة تطور الفكر الثقافي في الدولة خاصة في النصف الأول من القرن العشرين، حيث كان تأسيس المكتبات لاسيما الخاصة، هو بمنزلة دراسة لتطور الفكر الإنساني لأبناء الدولة، لأن إنشاء المكتبات يهدف إلى توفير حصاد معرفي، ويمكن أن نعده مصدراً مهماً من مصادر تشكيل ثقافة المجتمع وتتيح للفرد فرصة التعلم الذاتي الذي يخلق منه فرداً مبدعاً ومطلعاً على قضايا مجتمعه ومحيطه، ما ينتج من ذلك كله من ثقافة راقية وخاصة تميز كل مجتمع عن المجتمعات الأخرى.
وأشارت الظاهري إلى أن مجتمع دولة الإمارات مثل غيره من المجتمعات الإنسانية، يمر بمراحل مختلفة من حيث مراحل النمو الحضاري الذي يشمل جميع الأوجه الاجتماعية والثقافية والاقتصادية ولا يمكن فصل مرحلة عن أخرى. ولكنه كان في جميع مراحله قريباً من الاهتمام بالثقافة والفكر، حسب معطيات كل مرحلة ورغم الظروف الاقتصادية التي أرقت أبناء الإمارات وأكثرت على مهنة الغوص في القرن الماضي فإن هناك عوامل ساعدت على النهضة الثقافية في المنطقة أهمها ازدهار اقتصاد المنطقة في بداية القرن العشرين وازدياد الخطوط الملاحية البريطانية القادمة من لندن عبر قناة السويس إلى بومباي ثم منها إلى دبي. ومن تلك العوامل تدفقت عليهم من القاهرة الكتب المطبوعة العربية والجرائد والمجلات الأدبية، كما كان فتح الخط الصحراوي بين بغداد ودمشق عام 1924 شرياناً جديداً إلى الخليج.
ووصلتهم عن طريق ذلك الخط المجلات والكتب اللبنانية والسورية والفلسطينية والعراقية، واتسع انفتاح أبناء الإمارات على الأحداث والحركة الفكرية والأدبية ما خلق وعياً أدبياً وسياسياً بين الجماعات المنطقة في الإمارات. فاهتموا باقتناء وجمع الكتب التي تعليم ومما سبق بدأت المكتبات الخاصة تتشكل في المجتمع كمكتبة محمد نور والشيخ مبارك علي الشامي ومكتبة محمد سعيد غباش وغيرهم الكثير، ثم ظهرت المكتبات العامة كالمكتبة التي أسسها عبدالله المدفع في الشارقة عام 1930 وتعرف بالمكتبة التيمية ومكتبة النادي الأهلي في دبي عام 1945 ومكتبة نادي الطلبة في مدرسة الإصلاح القاسمية عام 1948 والمكتبة العامة في دبي عام 1963 وغيرها.
ولفتت رئيسة التحرير إلى أن مرحلة ظهور، المكتبات التجارية، حيث ظهرت مكتبة صالح الفرق في النصف الأول من الأربعينيات من القرن الماضي وهي عبارة عن صيدلية افتتحها ووضع في جانب مها كتباً للبيع، ثم أصبح موزعاً لعدد من الصحف والمجلات الصادرة عن مصر والبحرين، وتلتها ظهور مكتبات تجارية عدة كمكتبة بهزاد (1950-1956) ومكتبة الحياة، التي ظهرت في الستينيات، وهي نواة لمكتبة دبي للتوزيع المعروفة حالياً.
مجالس للعلم وخزائن للمعرفة
وفي ملف العدد نقرأ: “المكتبات الخاصة في الإمارات.. نُوى التنوير وبذار المشروع النهضوي”، لخالد صالح ملكاوي، و”المكتبات الخاصة في سير ومذكرات روّاد الثقافة العربية”، لخالد نيل، و”المكتبات الخاصة في الإمارات.. مجالس للعلم وخزائن للمعرفة”، لمنى حسن، و”المكتبات الخاصة سيرة ومسيرة حافلة بالعطاء”، لمريم سلطان المزروعي، و”مكتبات الشامسي والمدفع القاسمي في الجولات الأولي للفلسطيني عام 1952″، لموزة عويص علي الدرعي، و”مكتبة البيت ثروة كل أديب”، لفاطمة عطفة، و”في مكتبة جمعة الماجد للثقافة والتراث”، لفاتح زغل، و”المكتبات الخاصة شغف بالمعرفة وثراء ثقافي”، لجمال مشاعل، و”المكتبات الخاصة في الشارقة في القرن العشرين.. نماذج مختارة”، لأسماء يوسف ذياب الكندي.
وأيضا “المكتبات الخاصة تقاوم التطور التقني بمزيد من الحنين”، لمجدي أبوزيد، و”مكتبة القاضي على بن إبراهيم الجويعد كنز من كنوز المكتبات في الشارقة”، للدكتور منّي بونعامة، و”المكتبات الخاصة قبل الإتحاد.. جهود معرفية جديرة بالرصد”، للفاطمة سلطان المزروعي، و”المكتبات الخاصة قبل الإتحاد.. ودورها في إثراء الحياة الثقافية لأبناء الإمارات”، لخالد بن محمد مبارك القاسمي، و”البدايات الأولي للمكتبات العامة والتجارية في مدينة أبو ظبي ورأس الخيمة”، لأنور حمدان الزعابي، و”المكتبات الخاصة ودورها الثقافي في دولة الإمارات.. مكتبة زايد ومكتبة دبي القديمة نموذجاً”، لعبد المقصود محمد، و”مكتبة بغداد بين التاريخ والأسطورة”، لصديق جوهر، وأخيراً “سيرة تعملق مكتبة القاسمية في مكتبات الشارقة العامة”، لخالد صالح ملكاوي.
الأبواب التراثية
وفي موضوعات العدد يواصل محمد فاتح زعل حديثه حول “بيدار اللهجة الإماراتية فيما طابق الفصيح”، كما تتواصل إضاءات عبد الفتاح صبري حول “الأبواب التراثية”، ونقرأ لمحمد عبد العزيز السقا “رحلة الوزير في افتكاك الأسير”، ويتناول محمد نجيب قدورة موضوع “العوم في بحور الشعر عند فتاة العرب”، وأما عائشة على الغبص، فتسلط الضوء على “خصائص المعجم والنطق في اللهجة الإماراتية”.
ويعرض أحمد حسين حميدان لـ “آفاق السرد وأبعاده الدلالية في قصص الكاتبة الإماراتية رنا مهنا البوسعيدي، وتقرأ لنا موزة عويص علي الدرعي “ديوان العميمي للشاعر حمد حارب راشد بن راشد العميمي”، وتتواصل ذكريات خليل عيلبوني حول “زمن البدايات”، ونتعرف من خلال مقال نورة صابر المزروعي على “الموسيقى في الحضارة الهندية”، ويجول بنا ممدوح السيد في “مسجد أثر النبي.. حضارة مصر القديمة والتراث الذي لا ينضب”، وفي استراحة النص نقرأ للولوة المنصوري “الذاكرة الطاقية لأجزائنا المتساقطة”.
ونقرأ لهيثم يحيي الخواجة الجزء الثاني من مقاله “مسرح المونودراما بين الماضي والحاضر”، وأما نشوة أحمد فتكتب عن “صالحة عبيد تسبر أغوار النفس الإنسانية المأزومة بالتناقض والحنين”، وأما هشام أزكيض فيتناول موضوع “جدلية الموهبة والاحتراف في قصص الإماراتية ميثاء الخياط”، ويكتب علي تهامي عن “اين العرب من علم التراث الثقافي”، وعن “الغوص” باعتباره تجربة إبداعية متكاملة في الشعر الشعبي”، يكتب الأمير كمال فرج، وفي وجوه لا تغيب تستحضر مريم النقبي سيرة الشاعر راشد بن غانم العصري، وعلى الصفحة الأخيرة تكتب فاطمة حمد المزروعي عن “تجربة الفن التاسع في العالم العربي”.
يُذكر أن مجلة “تراث” هي مجلة تراثية ثقافية منوعة تصدر عن نادي تراث الإمارات في أبو ظبي، وترأس تحريرها شمسة حمد العبد الظاهري، والإشراف العام لفاطمة مسعود المنصوري، وموزة عويص وعلي الدرعي. والتصميم والتنفيذ لغادة حجاج، وشئون الكتاب لسهى فرج خير، والتصوير لمصطفى شعبان.
وتُعد المجلة منصة إعلامية تختص بإبراز جماليات التراث الإماراتي والعربي الإسلامي، في إطار سعيها لأن تكون نزهة بصرية وفكرية، تلتقط من حدائق التراث الغنّاء ما يليق بمصافحة عيون القراء وعقولهم.
وانطلقت المجلة من رؤية الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، رئيس نادي تراث الإمارات، إلى الصحافة المتخصصة، باعتبارها همزة وصل ضرورية بين الباحث المتخصص والقارئ المتطلع نحو المعرفة، لتحيطه علماً بالجديد والمفيد، في لغة سلسة واضحة، تبسّط مصطلحات المختصين، وتفسّر غموض الباحثين من دون تشويه أو إخلال، جامعةً في ذلك بين المتعة والمعرفة.