الإخوان.. وتخريب التعليم
بقلم: أحمد الصراف

كانت تغيظني مقالاته.. ثم تحوّل الغيظ إلى ضحك، وأخيراً أصبح هو ومقالاته يثيران شفقتي!

***

سيتخرّج خلال سنوات قليلة ما يقارب 40 ألفاً أو أكثر من طلبتنا المبتعثين للدراسة في الخارج، أو من جامعات ومعاهد محلية، يحملون شهادات تخرجهم، أطباء ومحاسبين ومهندسين ومحامين وغيرهم، وأغلبيتهم، إن لم يكن جميعهم، ممن نجحوا، خلال دراستهم الثانوية، بالغش، وبمساندة مدرسين بلا ضمير، وأولياء أمور جهلة فاسدين، فأي مصير ينتظر هذه الأمة؟

***

لا ينكر إلا جاهل الدرك الأسفل الذي نحن فيه، فنياً وثقافياً وأدبياً ورياضياً، وقبل ذلك «تربوياً وتعليمياً وأخلاقياً»، وسبب ذلك سيطرة قوى التخلّف، الحزبية الدينية بالذات، على مقدرات الوطن طوال نصف قرن، عاث خلالها ممثلوها خراباً في التعليم، بعد أن تسربوا إلى كل مفاصل الوزارة وقلبوا كل مناهجها، القريبة من الليبرالية، إلى مناهج صارمة تتماشى مع فكرهم المتطرف، وخلقوا للشريعة كلية، فأصبحت مفرخة لكل فكر غريب، وملاذاً لكل من لا حظَّ له في مهن أخرى، وثبت تالياً أن كل من اتهم بالإرهاب أو التطرف الفكري، سبق أن درسَ أو درّسَ فيها، وكان له وجود فعّال في كل معارك المنطقة!

***

تكرار القول إن الليبراليين سيطروا على التعليم لنصف قرن، بحجة أن أغلبية وزراء التربية كانوا من الليبراليين، حجة سقيمة وكاذبة.

فأغلبية وزراء التربية لم يكونوا ليبراليين، بل من دعاة الدولة المدنية، ومعارضين للدولة الدينية، وحتى أكثرهم «مدنية» لم يتردد في توقيع قانون «منع الاختلاط» في الجامعة، فتسببت موافقته في خسائر بمئات ملايين الدنانير، بخلاف تأثير قراره سلباً في التعليم وفي موازنة التربية حتى اليوم!

وحتى لو آمنّا بمقولة ليبرالية وزراء التربية، فإن حقيقة أن متوسط عمر أي وزارة لم يكن يزيد على سنتين، تدحض حجتهم، فكيف بإمكان أي وزير قلب أو تغيير كامل مناهج 12 مرحلة دراسية خلال هذه الفترة القصيرة؟ علماً بأن تغيير المناهج ليس من مهام الوزير؟ وإن كان من مهامه فلمَ كتب صاحب هذا الادعاء أن زميله في الحزب، النائب حمد المطر، جعل من قضية التعليم وتطويره وتنقيته من الشوائب التي عشّشت فيه، قضيته الأولى؟!

فهذه مبالغة مضحكة، فهذا ليس دور النائب، بل مهمة كوادر الوزارة ككل، ضمن خطة تعليم متكاملة، وليست وظيفة نائب مشغول تماماً بإرضاء ناخبيه، وبإقرار القرارات الشعبوية، وزيادة رواتب الطلبة وإسقاط القروض، والتساهل مع اختبارات الطلبة، وتوفير الدعم لذويهم، عند الحاجة!

الحقيقة أن الإخوان، ووحدهم تقريباً، أداروا كامل العملية التعليمية والتربوية على مدى خمسين عاماً، كما ذكر الأكاديمي والوزير السابق سعد بن طفلة، وتقع عليهم مسؤولية تردّي التعليم، وانتشار الغش.

كما أن تفشّي الغش، منذ 7 سنوات، وتورُّط عشرات آلاف الطلبة فيه، لا يمكن وضع مسؤوليته على أي طرف غير من أداروا مقدرات الوزارة طوال العقود الماضية، وأسماؤهم معروفة، وقروبات الغش هي الابن غير الشرعي للتيارات الدينية المسيسة.

***

وفي هذا السياق، عاد بعض الجبناء لتكرار مقولة إن هناك من يرى في بعض الحالات الشاذة سبباً لإلغاء الحاجة إلى التربية الدينية! وتكرار مقولة إن الكثير من رموز الليبراليين لا يتورعون عن الدعوة إلى تأييد بعض هذه الآفات، بتصريحات تسمح للشواذ بممارسة شذوذهم في الكويت!

الساكت عن الحق شيطان أخرس، وبالتالي لمَ لا يقوم من يدعي صحة هذا الكلام، حارس الفضيلة المعروف، برفع دعاوى قضائية ضد هؤلاء، وجرهم إلى المحاكم؟

زر الذهاب إلى الأعلى