مضللون لا محللون والمصيبة يتزايدون ..!!
صالح الراشد

النشرة الدولية –

تسود بضاعتهم في عصور الجهل فينتشرون كالجراد ولفكرهم السقيم يطرحون وفي فضائيات بيع العروبة والنهضة يظهرون، فيستقبل العوام خزعبلاتهم على أنها حقيقة واقعة ويرفضه الخبراء لعلمهم أنها هراء، ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي تزايدت أعدادهم وأصبحنا لا نفرق بين العالم الخبير والجاهل الوضيع، فلكل منهم رأي في قضايا لا يملكان جزء يسير من أسرارها، فالخبراء يبنون توقعاتهم على معرفتهم التاريخية لأمور مشابهة مستندين على قول جهولي بأن التاريخ يعيد نفسه، فيما العوام يتبعون مشارب قد علم كل منهم مشربه فيتولى فكره، فهذا يسير خالف عالم وآخر وراء رجل دين أو سياسي لا يملك من السياسة إلا رغبة الوصول لمنصب، وآخرون يسيرون وراء إعلامي أنيق ينعق في كل الاتجاهات فيظن العوام أنه مالك للمعرفة ومفتاح الأسرار.

وحين نعود سبعة قرون للوراء نجد ان مثل هؤلاء ذكرهم ابن خلدون في مقدمته، فحين تضعف الدول وفي حالتنا تضعف إدارات القنوات الفضائية والصحف وتصبح مؤسسات تابعة لأجندات محددة، تستنجد بالمحللين المضللين الذي يسيرون على طريقة المنجمين والأفاقين والمتفقهين والانتهازيين، لنجد أنهم قد صنعوا بكثرة إشاعاتهم التي تصل حد الإفتراء مناظرات طويلة في مجالس رياضية وسياسية واقتصادية وثقافية تتسم جميعها بقصر البصيرة، وهو ما يؤدي إلى تقزيم فكر المتلقي في ظل التشويش الفكري الذي يمارسه أصحاب الطلة البهية والأفكار الدونية.

ويبرز المضللون وقت الأزمات فينتشرون كالنار في الهشيم، ففي السياسة فأقولها بكل كياسة وسلاسة فغالبيتهم العُظمى ضالون مضلون وعلى إرضاء أسيادهم وتنفيذ مخططاتهم ساعون، وفي الاقتصاد وميزان الربح والخسارة فأقولها بكل جسارة فيهم الكثير من الجاهلين كون الاقتصاد العالمي في زمن العولمة لا يبوح بأسراره ولا يجرؤ أحد على الاقتراب منها كونه يحفر قبره بأظافره، وفي الرياضة حدث ولا حرج فلا سائل ولا مسؤول، فهم يتحزرون ولا يملكون معرفة ولا علم يقين، فكلامهم كالسراب يظنه البعض ماء واذا به خيال ينمو في عقول باحثين عن مجد عقيم، فيما تحليل الفنون ضرب من الجنون فلأجل غايتهم يرفعون المسترزقين ويكسرون المبدعين، لذا نحن لا نحتاج لمضللين تحت مسمى محللين لا يملك الكثير منهم جزء من الحقيقة ومن يمتلكها كاملة فليتجرأ ويقول أنا.

فعديد القنوات الفضائية وحتى تُظهر موظفيها بصورة الخبراء، ويبرزون بصورة الأبطال الخارقين تستضيف من يسهل توقع فعلهم والسيطرة عليهم حتى يتناسب ما يهرفون به مع سياسة هذه القنوات، وبالتالي توصل المؤسسات الإعلامية الرسائل التي تريد من خلال مضللين ألبسوهم ثياب محللين بمعنييها، فهم يحللون الصورة لا ما ورائها ويحللون ما حرم الله بلعبهم دور المُحَلَل وهو ما يطلق عليه بالعامية العربية “التيس المستعار”، وهذا مؤشر إلى ان هذه القنوات تتعامل مع متلقي فكرها السقيم القاتل على أنهم أغنام يتم تحضرها وتجهيزها للذبح في ولائم الغرب ولدعوات الصلح وربما كقرابين على أعتاب الباغضين.

آخر الكلام:

بين الحكماء الإختلاف في الرأي يصنعُ الإئتلاف، وعند الجهلاء الإختلاف في الرأي  يصنع الخلاف، فمن منا يملك الحقيقة المُطلقة، وكيف نتعامل مع من نختلف معهم في الرأي..؟!!
لا أقصد أحد إلا من شك بنفسه، هذا درس اليوم، انتهى الوقت

زر الذهاب إلى الأعلى