المؤشر التالى بعد مجزرة النبطية
بقلم: حسين دعسة
النشرة الدولية –
الدستور المصرية –
«التصعيد بالتصعيد، والتهجير بالتهجير، والدمار بالتدمير».
الشيخ نبيل قاووق، المسؤول البارز فى حزب الله.
.. فى ذات الوقت، الذى قال فيه «قاووق» قولته التى أقلقت لبنان والمجتمع الدولى، تناقلت وكالات الأخبار، عبر العالم أن الرئيس الأمريكى جو بايدن نفد صبره «..» من – السفاح – نتنياهو، وبالتالى من حكومة التطرف الإسرائيلى العنصرية.
.. يأتى ذلك وفق التحليل العسكرى والأمنى، بحسب ما نقلت صحيفة «يسرائيل هيوم» من أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلى المتطرف، بحث وبايدن قضية التوصل إلى اتفاق مع لبنان، بينما أكدت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» المقربة من الخارجية الإسرائيلية أنّ بايدن «نفد صبره بالفعل» من نتنياهو.
.. كيف هذا المسار سياسيًا وأمنيً ا؟
الإعلام العبرى، عادة يحاول لعب عدة طرق من التضليل الإعلامى، ويلاحق أكاذيب حكومة الحرب الكابنيت فى هذه المرحلة من الحرب على غزة، وتنقل «يسرائيل هيوم» عن «تشاؤم» إسرائيلى إزاء إمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن لبنان قبل انتهاء الحرب فى غزة، وأن «مسئولين إسرائيليين» قابلوا المبعوث الأمريكى «آموس هوكشتاين»، الذى يعتقد أنّ التوصل لصفقة تبادل للأسرى سيعمّق الحوار حول الاتّفاق السياسى مع «حزب الله»، وأنّه «بعد تحقيق الأمر، ستظلّ الحدود الشمالية هادئة وإن عادت إسرائيل للقتال فى غزة».
يوآف جالانت يتولى منصب وزير الدفاع فى الكابنيت الإرهابية، يُهدّد بمهاجمة بيروت ويمر للإعلام العبرى: طائراتنا فى سماء لبنان تحمل قنابل ثقيلة لأهداف بعيدة.
وجاء رد جالانت، بعدما أعلن حزب الله، فى رد أولى على المجزرتين فى بلدتى النبطية والصوانة الجنوبيتين اللتين أسفرتا عن استشهاد عدد من المدنيين، مؤكدا أن «المقاومة الإسلامية فى لبنان» هاجمت مستوطنة كريات شمونة بعشرات صواريخ الكاتيوشا، وأنها- أيضا استهدفت التجهيزات التجسسية فى موقع «الناقورة البحرى» بالأسلحة وحققت فيها إصابات مباشرة، والموقع ملاصق للحدود اللبنانية الفلسطينية.
*مجزرة إسرائيلية فى النبطية.
المجزرة الإرهابية الإسرائيلية، قتلت عشرة شهداء من جنوب لبنان، فجر يوم الأربعاء، فبعد سقوط امرأة وولديها نهارًا فى الصوانة واستشهاد عنصر لحزب الله فى عدشيت، ارتكب العدو الإسرائيلى مجزرة فى مدينة النبطية باستهدافه مبنى سكنيًا فى حى المسلخ ما أدى إلى تدميره وسقوط 4 شهداء من عائلة واحدة، إذ نفذت مسيرة اسرائيلية غارة جوية بصاروخين على حى المسلخ فى النبطية وبحسب المعلومات المتضاربة، فإن الغارة الإسرائيلية استهدفت مبنى توجد فيه محطة فلسطين، ردًا على استهداف قواعد عسكرية فى مدينة صفد، واتهمت دولة الاحتلال حزب الله بالضربة فى عملية صفد، والتى لم يُصدر بيان يعلن فيه حزب الله تبنيه لها وتفاصيلها، بينما أشارت صحيفة هآرتس إلى أن أحد الصواريخ التى أطلقت من لبنان على صفد دمر مبنيين فى مقر القيادة الشمالية، كما أعلنت القناة 12 الإسرائيلية أن عدد الإسرائيليين الذين قتلوا على الحدود مع لبنان منذ بداية المواجهات إلى 14 شباط، بلغ 18 إسرائيليًا.
ونفذ الطيران الإسرائيلى غارة على منزل بين بلدة الطيبة ودير سريان، وفى توقيت آخر، رافق المجزرة هجمات بطائرات حربية صهيونية غارة على أطراف حلتا فى كفرشوبا.
.. وبين وقع مجزرة النبطية، وإصرار حكومة الحرب الإسرائيلية النازية، يستعد الجيش الإسرائيلى لكل آليات واحتمالات التصعيد العسكرى ضد لبنان، تستند فيها على استهداف حزب الله «..» مقر قيادة المنطقة الشمالية للجيش الإسرائيلى فى مدينة صفد بعدة صواريخ، أسفرت عن مقتل مجندة وإصابة 8 جنود، جراح أحدهم خطيرة، تتضح صورة هذا الاستعداد ، وفق مصادر عديدة، على حراك «الوحدات النظامية فى الجيش الإسرائيلى التى قاتلت فى غزة، وهى صدرت لها أوامر عسكرية بالتدرب استعدادًا لمناورة برية فى لبنان»، بحسب معلومات نشرتها صحيفة يديعوت أحرونوت، وأن «التردد بشأن قدرات سلاح البرّ قبل الدخول إلى غزة، تحول إلى توقعات مرتفعة قبيل التحدى فى لبنان». لكن الصحيفة أشارت من جهة أخرى إلى أن «الفرق بين الجبهتين كبير»، وأنه فى لبنان المناطق المأهولة مكتظة، ويوجد خطر إطلاق قذائف مضادة للمدرعات من مسافة 8 كيلومترات، إلى جانب «قدرات متطورة» لدى مقاتلى حزب الله المدربين أكثر من مقاتلى حماس، فيما التزمت الأطراف اللبنانية والفلسطينية الصمت إزاء هذه المقارنة.
* لغة التصعيد غير لغة الحرب.
واقع مجزرة النبطية المؤلم، وضربة صفد، سرعت بشكل جنونى اجتماع للجنة الطوارئ العليا، وحكومة الحرب، الكابنيت، وفى الاجتماعات العنصرية وقف وزير الدفاع جالانت، يفسر الأحداث، وقال: «نجتمع هنا بعد يوم قتال بقوة فائقة فى الشمال، وقد ارتقينا درجة واحدة، لكن هذه درجة واحدة بين عشر درجات. وبإمكاننا أن نهاجم ليس على بعد 20 كيلومترا و50 كيلومترا فقط، وإنما فى بيروت وفى أى مكان آخر أيضًا، وهناك قوة شديدة جدًا للجيش الإسرائيلى».
.. بدت مخاوف لغة التصعيد الإسرائيلية، غير عن لغة الحرب فى غزة، فالدفاع الإسرائيلى، قال بلسان المتطرف جالانت: «لا نريد الوصول إلى هذا الوضع. ولا نريد الدخول إلى حرب، وإنما نحن معنيون بالتوصل إلى تسوية تعيد سكان الشمال إلى بيوتهم بأمان ومن خلال عملية تفاوض على اتفاق». وانتقل جالانت إلى التهديد، قائلا إنه «إذا لم يكن هناك مفر، فإننا سنعمل من أجل إعادتهم وتحقيق الأمن الملائم لهم، وهذا الأمر ينبغى أن يكون واضحًا لأعدائنا وكذلك لأصدقائنا، ومثلما أثبتت دولة إسرائيل وجهاز الأمن والجيش الإسرائيلى فى الأشهر الأخيرة، فإنه عندما نتحدث نقصد ما نقول».
وأجرت لجنة الطوارئ العليا الإسرائيلية، اليوم، تدريبًا يحاكى جهوزية الجبهة الداخلية لسيناريو اتساع الحرب مقابل لبنان، وأن تشمل مصاعب فى تزويد الكهرباء والطاقة ونقل مواد غذائية وإجلاء مرضى من بيوتهم إلى مستشفيات.
.. والعودة إلى التضليل الإعلامى الإسرائيلى، فهناك من يضع مؤشرات لأسباب تأخير دولة الاحتلال الإسرائيلى فى شن حرب ضد حزب الله، وأن سبب ذلك يعود استراتيجيا وعسكريا وأمنيا، نظرا لتركيز جيش الحرب الإسرائيلى الصهيونى – حاليًا – على الحرب فى غزة، وأنه يدرس استخدم منظومات اعتراض صواريخ جديدة، «بإمكانها تحييد قسم كبير من تهديد القذائف الصاروخية والصواريخ الدقيقة» التى بحوزة حزب الله. وبالطبع، المجتمع الدولى، يعيش رهانات فتح جبهات، ليس أقلها إصرار السفاح نتنياهو، على دخول رفح، ذلك أن إسرائيل أخذت تنهى تفكيك قوة حركة حماس «..» فى غزة ويتجه تركيزها شيئا فشيئا نحو حزب الله وبالتالى، ربما اجتياح بيروت».
.. ما حدث يؤشر على مخاوف حكومة الحرب الإسرائيلية من فتح جبهة لبنان، وهى تجاهر أنها تدخل جبهة معبر رفح، مع ملاحظة جوهرية أن الولايات المتحدة الأمريكية وعديد الدول الأوروبية بدأت حراكا سياسيا تزامن مع هذه التطورات، إذ تزايدت الدعوات الدولية لتخفيض التصعيد بين إسرائيل وحزب الله، منها:
*1:
الخارجية الأمريكية عبرت عن قلقها من تطور الوضع عند الحدود اللبنانية، واعتبرت أن المسار الدبلوماسى هو الخيار الأمثل. وقال مستشار الأمن القومى الأمريكى، جيك سوليفان، إنّ «واشنطن قلقة من التصعيد بين إسرائيل وحزب الله»، مشيرًا إلى أن إطلاق الحزب الصواريخ بشكلٍ أعمق داخل إسرائيل، يشكل مصدر قلق بالنسبة لأمريكا.
*2:
السفير الأمريكى فى قطر قال: «نحن لا نريد أن يتسع النزاع فى لبنان. حتى إسرائيل لا ترغب فى ذلك».
*3:
وزير الخارجية الفرنسى اعتبر أن الوضع فى لبنان «خطير لكنه لم يبلغ نقطة اللاعودة» داعيا إلى التركيز على الوصول لحلّ دبلوماسى.
*4:
وزير الدفاع الإسرائيلى، يوآف جالانت، قال لوزير الدفاع الأمريكى، لويد أوستن، بأن لا تهاون فى الرد على هجمات حزب الله.
*5:
وزير خارجية أيرلندا، مايكل مارتن، قال إن «خطر التصعيد فى لبنان وارد وقلقون من الأوضاع هناك».
*6:
رئيس أركان الجيش الإسرائيلى، هيرتسى هاليفى، خلال جولة قرب الحدود اللبنانية، قال إنه «لن نساوم على الإنجازات فى حرب غزة، ونستعد للحرب فى الشمال – لبنان؛ وفى نهاية الأمر سنكون جاهزين للحرب. وإذا لم ينته هذا بحرب، فلن ينتهى بالمساومة على الإنجازات».
.. *المؤشر التالى!
هناك من يفهم المرحلة التى وصلت لها المنطقة والإقليم، لعودة المؤشر التالى لأى حراك سياسى أو أمنى، وغالبا، وهذا محسوس، هناك فشل مخيف نتيجة غياب المسؤولية فى المحادثات الإقليمية التى تجتاح عواصم المنطقة والعالم، وهى جهود تنبرى إلى حلول ومبادرات تراوح مكانها ما يزيد من مخاوف اتساع رقعة الحرب، ليس ذلك الشكل من التصعيد المحلى، بل ذروة الحرب التى لن يكون لها إلا المزيد من الدمار والدم والإبادة، بينما الحال فى غزة تدهور نحو المجهول، المغلف بالإبادة والتهجير وديمومة الصراع، المرتبط بضرورة وقف إطلاق النار فى غزة.