بعد خمسة أشهر من الاحتجاجات… الانقسامات الأيديولوجية والسياسية للمعارضة الإيرانيية تعرقل ظهور قيادة مركزية

النشرة الدولية –

بعد خمسة أشهر من بدء حركة الاحتجاجات الشعبية التي تشكّل تحديا كبيرا للجمهورية الإسلامية الإيرانية، تكافح تشكيلات المعارضة داخل إيران وخارجها من أجل بناء وحدة لم تتمكن من تحقيقها يوما.

ومنذ ثورة 1979 تواجه معارضو نظام الجمهورية الإسلامية مع بعضهم البعض بقدر ما اشتبكوا مع أجهزة السلطة في طهران. لكنْ ثمة سعي اليوم إلى توافق على تحويل التظاهرات إلى طرح سياسي بديل.

ومنذ أسابيع أصبحت التظاهرات قليلة لكن بعض المعارضين يؤكدون أنها ستبدأ من جديد عند أدنى شرارة. ونشبت الأزمة بعد وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني أثناء توقيفها بزعم انتهاكها قواعد اللباس الصارمة المفروضة على الإيرانيات مما أدى إلى أعمال احتجاجية ضد النظام.

وقال الباحث في جامعة نيويورك أراش عزيزي “ما نحتاج إليه هو جبهة موحدة تشمل القوى المنادية بالديمقراطية”.

واستضافت جامعة جورج تاون في واشنطن في العاشر من فبراير الجاري مؤتمرا جمع شخصيات معارضة تقيم في المنفى ولم تكن تتحدث إلى بعضها البعض حتى وقت قريب.

ومن بين هذه الشخصيات مسيح علي نجاد التي تخوض حملة ضد الحجاب، وحامد إسماعيليون المتحدث باسم أقارب ضحايا تحطم الطائرة الأوكرانية التي أسقطتها إيران في 2020، ورضا بهلوي ابن الشاه الذي أطاحت به الثورة في 1979.

يؤكد رضا بهلوي باستمرار أنه لا يسعى إلى إعادة النظام الملكي بل يرغب في العمل من أجل نظام ديمقراطي علماني. وقال خلال الاجتماع “اليوم ليست هناك منافسة بيننا ولا نحاول تزعم هذه الحركة”.

وبهلوي متهم بأنه لم ينأَ بنفسه بدرجة كافية عن حكم والده الاستبدادي ولا يبدي شفافية بشأن ثروة العائلة ولا يتحرك لوقف عدوانية مؤيدي الملكية على شبكات التواصل الاجتماعي. لكن بسبب موقفه من التظاهرات، كسب احترام الحركة وواجه هجمات من وسائل إعلام مرتبطة بالنظام في إيران.

وقال عزيزي إن “بهلوي يثير بالتأكيد انقساما بالنسبة إلى البعض مثل معظم الشخصيات السياسية في إيران”. لكنه رأى أنه “أشهر وجه للمعارضة اليوم وقدم الدعم الأوضح والأكثر تنظيماً داخل البلاد وخارجها”.

وفي لقاء واشنطن بحث المشاركون، الذين انضمت إليهم عبر الإنترنت شيرين عبادي حائزة جائزة نوبل للسلام والممثلة الإيرانية – الفرنسية غولشيفته فرحاني، مسألة إنشاء ميثاق للمعارضة، وهم يسعون إلى إنشاء مجلس انتقالي بهدف التحضير لانتخابات.

وقالت شيرين عبادي “الآن ليس الوقت المناسب لنتحارب”. وعزت استمرار مدة 44 عامًا إلى انقسام المعارضة.

ولم يدع مؤتمر الأمن الدولي في ميونخ، المزمع عقده خلال نهاية الأسبوع المقبل، مسؤولين إيرانيين بل أعضاء من المجتمع المدني. لكن خطط النشطاء في المنفى لن يكون لها وزن كبير إذا لم تؤخذ في الاعتبار مطالب الشخصيات المعارضة في إيران والمتظاهرين الذين يريدون تغيير النظام.

من بين هذه الشخصيات المحامية نسرين ستوده والمخرج جعفر بناهي والمدافع عن حرية التعبير حسين رونقي وجميعهم أطلق سراحهم مؤخرًا من السجن، وكذلك فاطمة السفري وهي شخصية معارضة ومحافظة دينيا.

وفي الوقت نفسه دعا مير حسين موسوي، رئيس الوزراء في ثمانينات القرن الماضي، مؤخرًا إلى القيام بـ”تغييرات جوهرية في إيران”، عبر إقرار دستور جديد وإجراء انتخابات. لكن لا شيء حاليا يدل على ضعف سلطة آية الله علي خامنئي.

وما زالت بعض فصائل المعارضة خارج هذا التحالف الناشئ الذي يقصي منظمة مجاهدي خلق التي كانت ناشطة ضد النظام الملكي وتؤكد أن لديها شبكة داعمين واسعة في إيران.

وينبغي أن يحل الميثاق الذي تجري صياغته آلاف الصعوبات قبل تقديمه إلى مسؤولين أجانب وإقناع الأقليات العرقية الإيرانية مع حماية وحدة أراضي إيران.

وقالت الفنانة نازانين بونيادي “إذا كانت هناك قوة توحدنا فهي التخلي عن فكرة أننا منقسمون إلى درجة تجعلنا غير قادرين على العمل معًا من أجل الديمقراطية”.

وتكدّر ذكريات عهد الشاه الأخير محمد رضا بهلوي، الذي اتسم أيضا بتعذيب وإعدام وسجن المعارضين، الأجواء؛ فقد ساد التوتر على مواقع التواصل الاجتماعي عندما ظهر برويز سابيتي أحد أفراد السافاك (الشرطة السرية للشاه) خلال اجتماع للمعارضة في لوس أنجلس نهاية الأسبوع الماضي.

ومنذ سبتمبر الماضي أعدمت طهران أربعة أشخاص واعتقلت آلافا آخرين في إطار حملتها على الحركة الاحتجاجية.

زر الذهاب إلى الأعلى