زلزال تركيا.. كارثة تاريخية انتظرت 500 عام
النشرة الدولية –
الخليج 24 –
شكل تاريخ السادس من فبراير/شباط الحالي، نقطة تحول جديدة في التاريخ الجيولوجي للأرض، حيث أسهم زلزال تركيا، بانزياح الصفيحة التي تقع عليها بما يقارب 3 أمتار.
حدوث الزلازل في تركيا، ليس أمرا جديدا، لكن قوة الزلزال أنذرت بنشاط كبير للصفائح التي تتقاطع ويقع عليها هذا البلد، الذي يشارك قارة آسيا وأوروبا في الوجود الجغرافي.
شغل الزلزال، الذي ضرب بقوة 7,8 على مقياس ريختر جنوب تركيا وأصاب شمال سوريا، خبراء الجولوجيا والباحثين على مستوى العالم.
ورغم أن وقوع زلزال في هذه المنطقة التي تسبح فوق صفيح ساخن ليس بغريب، إلا أن قوة الزلزال فتحت تساؤلات على الكيفية التي تحركت بها الصفائح ودفعها بهذا الشكل.
تركيا بين صفيحتين لا تهدآن
تعيش تركيا في قلب العالم القديم، الذي تشكل من الصفيحة الأوراسية قبل 350 مليون عام على الأقل، وهي الصفيحة التي تعتبر قشرة أرضية ثابتة نسبيا.
تشكلت أوراسيا (المكونة من قارتي أوروبا وآسيا) بعد اندماج القارات: سيبيريا وكازاخستانيا وبلطيقا (والتي اندمجت مع لورينتيا التي تمثل الآن أمريكا الشمالية لتشكل أورأمريكا).
إضافة إلى ذلك، تتكون الأرض من أربعة أجزاء رئيسية، أعلاها القشرة الأرضية، وهي التي نعيش عليها ونراها، وهذه القشرة مثبته بما يسمى الصفائح التكتونية
تمتلك الأرض عددا من صفائح تكتونية رئيسية، أكبرها صفيحة المحيط الهادي، إضافة صفائح إلى أمريكا الشمالية، أمريكا الجنوبية، الأوراسية، الأفريقية، أنتارتيكا، الهندية، الأسترالية، الهندية الأسترالية.
وتوجد صفائح تكتونية أخرى، وهي الصغيرة حجما، والتي يرجع إليها سبب حدوث الزلازل والبراكين، تقع معظم الأراضي التركية على الصفيحة التكتونية للأناضول، الموجودة بين الصفيحة العربية التي تتحرك شمالاً بمعدل بوصة سنوياً، والصفيحة الأوراسية.
كما أن غرب تركيا يتأثر بصفيحة تكتونية أخرى هي صفيحة إيجه.
ونظرا لتموضع تركيا بين الصفيحتين (العربية والأوراسية)، فإن ذلك يشكل ضغطا على المنطقة التي أصبحت ملتقى لخطوط متصدعة عديدة.
ارتطام حتمي
تعد الصفيحة العربية، واحدة من ثلاث صفائح تكتونية (الصفيحة الأفريقية والعربية والهندية)، وهي تتألف من شبه الجزيرة العربية، وتمتد شمالا نحو تركيا.
ومنذ ملايين السنين، تتحرك الصفيحة العربية باتجاه الشمال بمعدل بوصة سنويا، متجهة لارتطام حتمي بالصفيحة الأوراسية.
ستكون نتيجة هذا الارتطام، حدوث اندماج بين السلاسل الجبلية الممتدة في الغرب من جبال البرانس، عبر جنوب أوروبا والشرق الأوسط، إلى جبال الهيمالايا وسلاسل جبلية في جنوب شرق آسيا.
ونتيجة لهذا الدفع المستمر من الصفيحة العربية لصفيحة الأناضول عبر ملايين السنين نحو الشمال الغربي، تكونت انشقاقات الصدوع.
خط الصدع للأناضول
يعتبر خط الصدع للأناضول الذي تلتقي فيه الصفيحة الأوراسية والأناضولية الأكثر تدميرا.
ويمتد خط صدع الأناضول الشمالي من جنوب إسطنبول حتى شمال شرق تركيا.
في حين يمتد خط صدع شرق الأناضول على نحو 650 كيلومتراً من مرتفعات شرق تركيا حتى البحر الأبيض المتوسط، حيث تتجه جنوباً ثم تلتقي في النهاية بالصدع الكبير الذي يفصل الصفيحة الأفريقية عن الصفيحة العربية.
زلزال غير شائع
أرجعت الباحثة في هندسة الزلازل في كلية لندن، تيزيان روسيتو، قوة الزلزال، إلى أنها كانت نتيجة “تحفيز زلزالين لبعضهما بعضا”، الأول وقع بقوة 7.7 درجة، والثاني بعد ساعات بقوة 7.6 درجة، وهما اللذان ضربا ولاية قهرمان مرعش جنوب تركيا.
وقالت الباحثة روسيتو، أن تحفيز الزلزالين لبعضهما بعضا، حالة “ليست شائعة” في هندسة الزلازل.
وأوضحت أن الزلزال الكبير الأول تسبب في حدوث الثاني على خط “صدع شرق الأناضول”.
وأكدت أن الزلزالين حدثا في نقطة تتقاطع فيها ثلاث صفائح تكتونية هي الأناضول والصفائح الأفريقية والعربية.
وأشارت الباحثة روسيتو إلى أن الصفائح التكتونية تتنافر أو تتحرك في اتجاهين متعاكسين ما يتسبب بتراكم الطاقة على مدار السنين، و”هذه يجري تفريغها في وقت قصير جدًا ما يتسبب بوقوع الزلازل”.
وأرجعت سبب وقوع الزلزالين المدمرين إلى تراكمات الطاقة على خط الصدع، ما أدى إلى انهياره.
وأضافت أن “الزلزال الأول أدى إلى انكسار الصدع وحدوث الزلزال الثاني”.
انتظار 500 عام
انتظر زلزال كهرمان مرعش، وفق روسيتو، 500 عام، حيث كان آخر زلزال وقع فيها في ذلك الوقت.
ونوهت الباحثة في هندسة الزلازل أنه منذ ذلك الوقت تراكمت الطاقة عند نقطة التقاء الصفائح بشكل كبير.
ولفتت إلى أن الزلازل الصغيرة تؤدي عادة إلى تفريغ الطاقة المتراكمة بشكل تدريجي وهذا ما لم يحدث خلال الـ500 عام الماضية في كهرمان مرعش، ما أدى إلى حدوث هذا الزلزال.
ومع استمرار الحركة التاريخية للصفائح في هذه البؤرة تحديدا من العالم، أكدت روسيتو عدم القدرة على التنبؤ بتاريخ الزلزال الكبير القادم في المنطقة.
وقالت: “ليس من المؤكد أن الزلزال القادم سيكون بقوة 7.8 درجة وأنه سيحدث مرة أخرى خلال 500 عام”