إعدام أوطان والدول العربية في تزايد
صالح الراشد

 

يظنون أن الأوطان حدود مقدسة متناسين ان من رسمها الإستعمار ، ويعتقدون أن الأوطان تنهض بتأليه قيادات سيُفنيها الدهر، ويذهبون لابعد من ذلك بأن الأوطان غناء وطرب وتصريحات رنانة لإعلامي منافق، وأن الوطن ينمو دون عون أو سند من الأوطان العربية الشقيقة “هكذا تعلمنا”، لنجد انهم يعدمون الأوطان بكذبهم الذي يتحول لفساد وسرقات والتخلي عن وطن حتى ينهض وطن، فهؤلاء لا يدركون يفكرهم القاصر ان الوطن أنا وأنت والآخرين بجميع الإختلافات العرقية والدينية ولون البشرة والجنس، وبجميع الإختلالات الطبقية والطبقات الحزبية، وباللغة التي تضمنا وبالاسلام الذي يقودنا، فالوطن هو الأم القادرة على لم شمل الغني والفقير ، القوي والضعيف، المُتعلم والجاهل، المشلول وصحيح الجسم، والحاكم والمحكوم، والمسؤول والشعب، وفي حال اختلت الموازين ينقلب الوطن من جنة نعيم إلى جهنم يتعذب بها الجميع.

لقد ضلوا الطريق ودخلوا في تيه بني إسرائيل ليفشلوا في ايجاد طريق الوطن منذ أعدموا الوطن الكبير، حين قطعوه إلى أجزاء وأجزاء، وأنشأوا له جامعة دول عربية كان الأصل أن يسموها “مفرقة الدول العربية” كونها زادت من فرقتة الأشقاء ومنحت قدسية كاذبة لكل جزء من أجزائه، ومنحت كل جزء صغير أو كبير مسمى وطن، وأن لكل جزء حدود لا يسمح للأخ الشقيق بالإقتراب منها، فيما شُذاذ الآفاق يدخلونها من أي باب ولهم صلاحيات لا يحق لابناء الوطن ذاته الوصول إليها، والغريب العجيب ان حُراس الأجزاء المقطعة يعتقدون أنهم يسعون لإعادة الوطن الكبير بحماية كل جزء فيه من تهديدات الجزء الآخر، ولم يتنبه أي منهم أن “سايس وبيكو” نفذا حُكم الإعدام ميدانياً بالوطن الكبير وعلى طريقة خونة الأوطان، بل على طريقة محاكمات الثورات، ولم يتنبه اي جزء إلى أن ارتداد الطلقات ستقتله.

تقسمنا وتقسمنا حتى أصبح سكان كل دولة يبحثون عن المزيد من التقسيم، لرغبة البعض بالقيادة حتى لو على متر مربع، كون مرض القيادة اصاب البعض بلوث عقلي، لذا سنجد ان عدد الدول في جامعة الدول العربية والأمم المتحدة سيزداد ويصبح لنا أصوات أكثر لكنها كغثاء السيل بلا قيمة ، فالسودان أصبح دولتين والتوقعات أن يرتفع عددها لأربعة، واليمن يمنين، والعراق وسوريا يبحثون عن تقسيمها حتى نتوه في العد، ومصر نجت بإعجوبة من تقسيم رهيب، والخليج عن المؤمرات ليس ببعيد، فمنذ رضينا بقسمة “سايس بيكو” وصمتنا على الدمار القادم والحالي، أصبحنا غير قادرين على وقف المخطط الساعي لغرس خنجر في كل منطقة عربية كالكيان الصهيوني، لذا سنجد في قادم الايام عدد من الكيانات التي يتم إقتطاعها من الوطن الكبير لتصبح أوطان للخيانات الصغيرة.

ان الأم حين تموت لا يمكن ان تحمل وتنجب ومع موت الوطن الكبير وبقاء الأوطان المتفرقة في الولاء والرؤى، فهل سيشذ الوطن الأم عن الطبيعية وينجب أوطان مختلفة تكون قوية وقادرة على العيش؟، أم أن الموت سيلاحق الجميع لا سيما أن هذه الاوطان فقدت أجزاء منها، فسوريا فقدت لواء الاسكندرونة الذي احتله تركيا والجولان الذي سيطر عليه الصهاينة، والإمارات اضاعت جزر طنب الصغرى والكبرى وابو موسى، وفي المغرب لا زالت مدينتي سبته ومليلة وجزيرة ليلى وعشرين جزيرة أخرى محتلة من قبل القوات اسبانية، وفي لبنان لا زالت مزارع شبعا تحت الاحتلال الصهيوني، كما تحتل إيران منطقة عربستان “الأهواز” في العراق، لقد ظهر انه من الصعب أن تعود الدول العربية إلى الإلتئام بعد أن ذاق القادة طعم القيادة، لذا لن يتخلى أي منهم عن حكمه لغيره، لتصبح الفرقة والإنقسام الطريق الأخير والأزلي مما يعني أن القادم أسوء وأخطر إذا ما بقيت جامعة الدول العربية مجرد مبنى بلا روح

زر الذهاب إلى الأعلى