تحذيرات من “انتفاضة ضد نتانياهو” بعد اتساع احتجاجات الإسرائيليين
النشرة الدولية –
تعيش إسرائيل غليانا شعبيا في جميع الاتجهات في ظل مواجهة مشحونة بين الحكومة وبين العديد من الإسرائيليين بسبب الإصلاح القضائي الذي يعتزم بنيامين نتانياهو إقراره، ما دفع محللين ومسؤولين إلى التحذير من “حرب أهلية” لم تكن يوما في الحسبان.
وتظاهر عشرات الآلاف من الإسرائيليين في تل أبيب ومدن أخرى، منذ صباح الأربعاء، وحاولوا إغلاق العديد من الشوارع والمحاور الرئيسية، احتجاجا على الخطة الحكومية لإدخال تغييرات على جهاز القضاء.
وزاد الغضب بعد تشبيه نتانياهو، آلاف الأشخاص الذين تظاهروا في تل أبيب بالمستوطنين الذين احتشدوا في بلدة حوارة الفلسطينية.
وقال زعيم المعارضة، يائير لبيد: “كانت حوارة مذبحة نفذها الإرهابيون. كيف يساويهم نتانياهو بالأشخاص الذين خدموا في ساييرت ماتاكال، وطياري الأباتشي، وجنود الاحتياط والأطباء والطلاب والأشخاص الذين خرجوا إلى الشوارع اليوم؟”.
وأثار ما يحدث كتاب الرأي في عدد من الصحف الذين رأوا ما يحدث في إسرائيل بأنه غير مسبوق.
حرب أهلية
وقال كبير مراسلي صحيفة “هآارتس” الإسرائيلية، أنشيل فيفر، في مقال، إنه يبدو “من الجنون تقريبا” الانخراط في بعض التكهنات والتلميح إلى انقلاب عسكري في بلد عمره 75 عاما.
ويتساءل فيفر ما قد يحصل في حال اشتد التوتر وبدأت الحرب الأهلية بين مؤيدي حكومة بنيامين نتانياهو والموالين للمحكمة العليا والقضاء، “فهل ستقف أجهزة إنفاذ القانون والأجهزة الأمنية والجيش جانبا؟”، مشيرا إلى أن مجرد التفكير في ذلك يمرضه.
وكمثال على خطورة الوضع، قال الكاتب إنه تفاجأ من لوحة إعلانية إلكترونية نشرها معهد سياسة الشعب اليهودي، تقول “إخوة أو حرب”.
ويقول الكاتب إن المعهد هو آخر مجموعة يتوقع أن تقحم نفسها في هذه الخلافات السياسية، ولكن رئيسة المعهد، يديديا شتيرن، قالت إن الخطوة جاءت “لتعزيز التماسك في إسرائيل، ومنع المجتمع الإسرائيلي من الانهيار”.
“انتفاضة” ضد نتانياهو
أما المعلق السياسي الأميركي الشهير، توماس فريدمان، وهو كاتب عمود أسبوعي في صحيفة “نيويورك تايمز“، قال في مقال رأي إن “إسرائيل اليوم عبارة عن غلاية بها الكثير من البخار المتراكم في الداخل”.
وأضاف “تتزامن الهجمات المميتة التي يشنها شبان فلسطينيون ضد الإسرائيليين مع توسيع المستوطنات الإسرائيلية وإحراق القرى الفلسطينية من قبل المستوطنين، وكذلك مع انتفاضة شعبية ضد استيلاء رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، على السلطة القضائية. إن كل ذلك يهدد بانهيار الحكم الذي لم نشهد مثله من قبل في إسرائيل”.
وكمثال على خطورة الوضع، يقول الكاتب إن العديد من رؤساء الموساد السابقين، وهم بعض الموظفين العموميين الأكثر احتراما في البلاد، نددوا بـ “انقلاب” نتانياهو القضائي.
ويذكر الكاتب أنه في الأيام القليلة الماضية، وقع حوالي 250 ضابطا من قسم العمليات الخاصة في المخابرات العسكرية رسالة علنية تفيد بأنهم “سيتوقفون عن الحضور للخدمة” إذا مضت الحكومة قدما في إصلاحها القضائي الاستبدادي، وفقا لما ذكرته صحيفة تايمز أوف إسرائيل..
وبحسب الكاتب، “لم تشهد إسرائيل أبدا انتفاضة فلسطينية وانتفاضة استيطانية يهودية وانتفاضة قضائية للمواطنين الإسرائيليين دفعة واحدة. لكن هذا بدأ يتكشف منذ أن تولت حكومة نتانياهو اليمينية المتطرفة السلطة”.
ويشير الكاتب إلى أنها “لعبة قوة يريدها نتانياهو حتى يتمكن بنقرة، تصويت بسيط بأغلبية مقعد واحد في الكنيست، من إلغاء أي شيء تأمر به المحكمة العليا”.
ويخلص المقال إلى أن هذا هو السبب في أن حركة الاحتجاج ضد هذا الانقلاب القضائي لا تزال تكتسب قوة.
وينقل الكاتب ما قاله إيهود باراك، رئيس الوزراء السابق ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي. من أنه إذا أقر ائتلاف نتانياهو هذه “القوانين الديكتاتورية الجديدة”، سيتم “إلغاؤها من قبل المحكمة العليا” باعتبارها غير قانونية. وعندما يحدث ذلك وتتخذ الحكومة خطوات لإلغاء بعض قرارات المحكمة العليا، سيتعين على “حراس” الأمن الإسرائيلي الأربعة الرئيسيين أن يقرروا من الذي يأخذون منه الأوامر”، مؤكدا أن “هذا سيخلق أزمة دستورية حادة للغاية”.
وخلال كلمة له مساء الأربعاء، قال وزير الدفاع يوآف غالانت، إنه يرفض كليا أي نداء صادر من أي جهة كانت يدعو لعصيان جنود الاحتياط، كرد فعل احتجاجي على التعديلات القضائية التي تقودها الحكومة.
وقال غالانت، إن “أي نداء لعصيان الأوامر، هي انتهاك لأمن إسرائيل، ولا يُسمح لأحد باستخدام رمز الوحدة أو رمز الجيش الإسرائيلي أو العلم الإسرائيلي من أجل إبراز صحة موقفه الأحادي”.
حكومة نتانياهو تصم آذانها
وتستغرب صحيفة “جورزليوم بوست” كيف يستمر نتانياهو في رفض المعارضة الهائلة لخطته.
وتواجه محاولات نتانياهو معارضة من فئة عريضة من الإسرائيليين من قادة التكنولوجيا الفائقة ورجال الأعمال، إلى الرؤساء السابقين لأجهزة الأمن الإسرائيلية وكذلك العديد من القادة اليهود الأميركيين، بحسب الصحيفة.
وتتساءل الصحيفة في افتتاحيتها لماذا لا يبطئ نتانياهو العملية ويقبل بتوصية الرئيس يتسحاق هرتسوغ بتعليق التشريع وأن يستثمر الوقت بدلا من ذلك في حوار يهدف إلى خلق إجماع واسع على الإصلاحات.
ونقلت الصحيفة أن السفير الأميركي لدى إسرائيل، توم نايدز، نصح نتانياهو بـ”الضغط على الفرامل” على التشريع خلال مقابلة في بودكاست خلال نهاية الأسبوع.
لكن وزير شؤون الشتات، عميحاي شيكلي، رد عليه بأن يهتم بشؤونه، وهو مثال آخر على رفض الحكومة الاستماع إلى أي شخص ليس جزءا من هجومها ضد المعايير القديمة للتركيبة القضائية الإسرائيلية، بحسب الصحيفة.
تبعات على الاقتصاد الإسرائيلي
وفي مقال على صحيفة “فاينانشال تايمز“، قال الكاتب جون ثورنهيل، المحرر لدى الصحيفة ذاتها، إنه على مدى العقود الثلاثة الماضية، تجاهل البلد الصغير الذي يبلغ عدد سكانه 9 ملايين نسمة، الحروب والانتفاضات والأزمات المالية لخلق نقطة استثنائية للتكنولوجيا في العالم، ولكن الابتعاد الأخير عن الديمقراطية من قبل الحكومة الائتلافية اليمينية في إسرائيل يثير قلق رواد الأعمال المشهورين في مجال التكنولوجيا في البلاد حيث يهدد بعضهم الآن بالمغادرة.
وينقل المقال كيف شبه المؤرخ الإسرائيلي، يوفال نوح هراري، تحرك الحكومة لتقييد سلطات المحكمة العليا بأنه “انقلاب مناهض للديمقراطية”.
ويشير المقال إلى أن المواجهة السياسية، التي أثارت احتجاجات حاشدة في الشوارع، هزت رجال الأعمال المحليين والمستثمرين الدوليين على حد سواء وأدت إلى انخفاض قيمة الشيكل.
والإثنين، باتت شركة Wiz الناشئة، التي تبلغ من العمر ثلاث سنوات، الأحدث في سلسلة من شركات التكنولوجيا التي أسستها إسرائيل، لتدق ناقوس الخطر. وقالت الشركة إنها لن تحول أيا من الأموال التي جمعتها إلى إسرائيل مع استمرار حالة عدم اليقين السياسي.
وقال عساف رابابورت، الرئيس التنفيذي لشركة ويز، لكاتب المقال: “هذا تهديد وجودي أكثر من أي صواريخ”.
ونقل الكاتب عن رائد أعمال آخر قوله: “إنه لأمر رائع أن نعيش في ديمقراطية حقيقية كما نرى اليوم. لكن الوضع مخيف”.
الخطر الذي يواجه قطاع التكنولوجيا في إسرائيل هو أن الاقتتال الداخلي سيؤدي إلى تدهور انعدام الأمن الخلاق وتآكل الشبكات الاجتماعية الحساسة في البلاد، بحسب الكاتب.
ويقول المستثمر المخضرم إن الأمر استغرق 30 عاما لبناء “Start-up Nation”، ولكن يمكن أن يتضرر بسهولة، وفق المقال.
وأغلق متظاهرون إسرائيليون، الأربعاء، عدة طرق ومحطات قطار في تل أبيب ومناطق أخرى، ضمن إطار احتجاجات غاضبة على إصلاحات قضائية تتبناها الحكومة ويرفضها المحتجون.
والأربعاء، بعد أن تحولت المظاهرات ضد الحكومة في تل أبيب إلى أعمال عنف، حث زعيم حزب الوحدة الوطنية المعارض، بيني غانتس، نتانياهو على الاجتماع معه على الفور بشأن خطط الحكومة لإصلاح القضاء، محذرا من أن البلاد تتجه إلى حرب أهلية.
ونقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” إن غانتس قال في مؤتمر صحفي: “حرب أهلية قادمة والتحالف يتجه نحوها وعيناه مغلقتان”.
وانضم الرئيس السابق لجهاز الأمن العام (الشاباك) يوفال ديسكين، للتظاهرات، محذرا من أن إسرائيل “على مسافة أسابيع قليلة من حرب أهلية”.