زلزال «معاوية بن ابي سفيان» المنتظر!
بقلم: رجا طلب

النشرة الدولبة –

بعد التأكد من أن فضائية (mbc) ستقوم بعرض مسلسل معاوية بن أبي سفيان في شهر رمضان المبارك، أضع يدي على قلبي خوفا من أن يتحول شهر رمضان المبارك بسبب هذا المسلسل من شهر يوحد المسلمين في أصقاع الأرض كافة إلى شهر خلافي يعيد إنتاج خلاف سياسي مغلف بالدين عمره 1400 سنة كان وما يزال هذا الخلاف يشكل واحدا من أكثر الخلافات التاريخية المؤثرة سلبا على صورة الإسلام وبنيته العقائدية والفكرية، ومن أكثرها فتكا بوحدة الأمة الإسلامية واحد أكبر أسباب ضعفها منذ وفاة النبي محمد عليه الصلاة والسلام والخليفة الأول للمسلمين أبو بكر?الصديق رضى الله عنه.

التخوف من عرض هذا المسلسل يأتي من عدة أسباب تتعلق بالمحتوى التاريخي أو السرد التاريخي الذي سيستند عليه كاتب المسلسل الصحافي (خالد صالح) والرؤية الإخراجية التي سيرسمها المخرج طارق العريان والتي ستكون محكومة بالأحداث والوقائع التاريخية، وما أقصده هنا أن النص سيتطرق حتما وبصورة أساسية إلى مقتل الخليفة عثمان بن عفان والاتهام الذي وجه للأمام علي بن أبي طالب وتبني معاوية بن أبي سفيان لقضية «الثأر لأبن عمه الخليفة عثمان بن عفان» وما تمخض عن ذلك الحدث الجلل من نتائج ومن أبرزها تولي الأمام علي بن أبي طالب الخلافة و?لصراع بين علي بن أبي طالب ومعاوية، والتطرق لمقتل الأمام علي نفسه لاحقا وكيفية انتقال الخلافة إلى ابنه الأكبر الحسن بن علي وما رافق هذه الخلافة من لغط وتأويلات تاريخية والمواجهة بين الأمام الحسن وبين معاوية بن أبي سفيان وصولا إلى المحطة الأكثر جدلا وحساسية في هذه السردية التاريخية ألا وهي محطة المصالحة بين الأمام الحسن بن علي ومعاوية بن أبي سفيان وتنازل الأمام الحسن المشروط عن الخلافة لمعاوية، وهذه المحطات التي أشرت إليها بعدد من الكلمات كلفت الإسلام والمسلمين أثمانا بالغة على صعيد نقاء العقيدة الدينية وطها?تها ووحدة الإسلام وتسامحه، وما زالت الاجتهادات بشأن تلك المحطات التي أشرت إليها تمثل مواطن خلاف عميق انتقلت بالقضية برمتها من صراع سياسي بحت على السلطة بصورة أو باخرى إلى صراع على الدين لدى البعض أو صراع ديني لدى البعض الآخر وتجذر الأمر وانتهى إلى نوع من الصراع الديني على أساس مذهبي بين السنة والشيعة.

بهذه المحطات التي اجتهدت في الاضاءة عليها في هذا المقال، أعتقد أن المسلسل سينقلنا إلى تلك الفترة الأكثر جدلية ودموية في التاريخ الإسلامي وفي ظرف صعب وبائس كالظرف الحالي، ومن النتائج المخيفة التي سترافق استحضار ثقافة الصراع التاريخي «بين بني هاشم وبين بني أمية» والمؤرخ في كتاب (مطلع النور) للأديب الكبير عباس محمود العقاد، سيكون الخوف من تلك الإسقاطات السياسية التي سيتبرع بها البعض من الكتاب والمفكرين والسياسيين لفرضها على حاضرنا المنهك من تبعات القراءات الملونة و”الغرضية – المعلبة» للتاريخ العربي – الإسلامي?والتي لا يراد بها ومنها في نهاية المطاف منفعة أو مصلحة للأمة.

أرفض بشدة وأد الاعمال الفنية والإبداعية بداعي حماية المجتمع على اعتبار أن المجتمع هو «مجرد طفل ساذج» بحاجة للرعاية والعناية، لكني أؤمن بالمقابل بالتأثير البالغ والعميق للدراما التلفزيونية على المتلقي وتحديدا في المسائل ذات الطابع الخلافي الحاد وحيال شخصية جدلية كشخصية معاوية بن أبي سفيان.

أعتقد أن موضوع مثل موضوع معاوية بن أبي سفيان ليس مكانه أو إطاره مسلسل تلفزيوني وفي شهر مثل شهر رمضان، وبقناة لها هويتها السياسية والدينية مثل قناة (mbc) والتي تصبح في شهر رمضان القاسم المشترك بين العرب من المحيط إلى الخليج، فمكانه الكتب والأبحاث العلمية – التاريخية.

أمام كل ما سبق فإنه من المطلوب أن تراجع قناة الـ (mbc) جدوى بث المسلسل من عدمه وتقدير مدى الضرر المتوقع ومدى قدرة المسلسل على النجاح ببناء رؤية تاريخية مشتركة بين السنة والشيعة لهذه الحقبة من تاريخنا، وما مدى إمكانية أن يساهم عرضه في ترسيخ وحدة الدين والمسلمين.

أتمنى أن يخيب حدسي وظني بشأن عدم التفاؤل بعرض المسلسل، لكن ما اطلعت عليه من مواد مكتوبة وفلمية تشير إلى أننا بانتظار (زلزال اسمه مسلسل معاوية بن ابي سفيان).

Back to top button