ما هي خطوة الأردن القادمة؟
بقلم: سميح المعايطة
النشرة الدولية
ليس بالضرورة بعد التفاهم السعودي الإيراني أن يسارع الأردن كما يعتقد البعض إلى اتخاذ خطوات غير عادية تجاه إيران والانقلاب على مسار علاقاتها مع طهران خلال العقود الماضية.
تفاهم إيران والسعودية مهم جدا على الصعيد الإقليمي، لكن هذا لا يعني أن كل الدول يجب أن تذهب إلى مسارات انقلابية في علاقتها مع إيران، فإيران ما زالت كما هي في سياساتها تجاه دول الإقليم بما فيها المملكة العربية السعودية وما زال الرهان قائما على التطبيق.
علاقة الأردن مع إيران مرت في مراحل إيجابية حرص على ذلك الأردن عبر عقود إيران تحت حكم الخميني وما بعده، وكانت وما زالت هناك علاقات دبلوماسية وسفارات بين البلدين، وكان هنالك سفراء في مراحل كثيرة، وحرص الأردن على تطوير هذه العلاقة في كافة المجالات.
ومشكلة الأردن مع إيران في أمور، أهمها ثلاثة: أولها محاولات إيران لاختراق الساحة الأردنية أمنيا بوسائل عديدة وتحت عناوين وأسماء حركية مختلفة للاختراق بما فيها ما يسمى السياحة الدينية التي رأيناها في دول محيطة بوابة لوضع موطئ قدم للتشيع والحرس الثوري.
والأمر الثاني يتعلق بتدخل إيران في ساحات عربية والعبث في شؤون دول عربية عديدة، وكان الأردن يعلن دائما رفضه لهذه السياسة الإيرانية.
أما الأمر الثالث فيتعلق بحرب المخدرات التي تشنها مليشيات مرتبطة وموالية لإيران ضد الأردن عبر الحدود الأردنية السورية وبالتواطؤ مع جهات سورية متنفذة لأهداف أمنية وبهدف إغراق الأردن بالمخدرات وللتهريب إلى دول الجوار.
إيران تعلم ماذا يريد الأردن، وتدرك جيدا أن الأردن حريص على إقامة علاقات إيجابية معها، لكنه حذر جدا لأنه يعلم جيدا كيف تفكر إيران، ولديه معلومات موثقة عن كل محاولة اختراق للساحة الأردنية عبر إيران مباشرة أو مليشياتها في المنطقة.
لن يقوم الأردن بأي خطوة سياسية تجاه إيران بعد اتفاق التفاهم السعودي الإيراني، ولن تحدث انقلابات سياسية في المعادلة الإقليمية الأردنية، وإذا ما نجح هذا التفاهم في صياغة سياسة إيرانية جديدة تجاه العالم العربي تقوم على حسن الجوار ووقف عمليات تصدير الحرس الثوري، فمؤكد أن الأردن سيكون حريصا على تطوير علاقات حسن الجوار مع إيران، وستبقى الكرة في مرمى إيران.
على إيران أن تثبت حسن نواياها تجاه الأردن وأول الخطوات وقف حرب المخدرات الطائفية عبر سورية، أما ما تفعله إيران من حديث ناعم ومحادثات دون نتائج فلن يغير من الواقع شيئا حتى لو وقعت عشرات اتفاقات التفاهم مع دول الإقليم.
السؤال الذي يطرح نفسه راهنًا ولا يجد كثيرون إجابة مقنعة عنه بعد: ما هي خارطة الطريق التي يمكن اعتمادها من أجل رفع الآثار الكارثية للسياسة التي سار بها “حزب الله” استتباعًا للسياسة التي كان يعتمدها متشددو إيران؟
سبب هذا السؤال بسيط، إذ إنّ ثمّة آمالًا لدى خصوم “حزب الله” بأن لا تقبل المملكة العربيّة السعوديّة، في تفاهماتها الإقليمية مع إيران التي بدأت تظهر في اليمن، مكافأة الحزب على ما سبق أن ارتكبه، لأنّها بذلك تعينه على الانقضاض مجدّدًا عليها وعلى اللبنانيّين، بمجرّد أن يأتيه “أمر عمليات” معاكس من إيران.
وتتمحور هذه الآمال على ملف رئاسة الجمهوريّة، بحيث يكون العمل مع إيران على تكليف “حزب الله” بالتخلّي عن ترشيح سليمان فرنجيّة لمصلحة آخر يتمّ الحوار في شأنه، بحيث تنشأ سلطة لبنانيّة متوازنة ممّا يضمن مستقبلًا متحرّرًا من عقدة “الانجرار الى محور الممانعة”.
ويدرك أصحاب هذه الآمال أنّ “اتفاق بكين” سرعان ما سوف يعكس نفسه على لبنان، وإذا لم يكن هناك قرار سعودي بمنع مكافأة “حزب الله”، فإنّ ذلك يعني أنّ “الثنائي الشيعي” يملك القدرة على توفير الأغلبية المطلقة لانتخاب مرشحه، في حين لا يثق معارضوه بقدرتهم لا على تعطيل النصاب ولا على دفع تكاليفه الباهظة.