البنوك الخليجية بمنأى عن مخاطر عدوى انهيار “سيليكون فالي بنك” و”سيغنتشر بنك” في الولايات المتحدة

النشرة الدولية –

انهيار بنوك إقليمية في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، وما تلاه من هبوط حاد لأسهم “كريدي سويس غروب” المتعثر، كان قد هزّ أسواق المال العالمية وأثار مخاوف كبيرة من تداعيات محتملة على البنوك حول العالم، رغم الجهود التي تبذلها الحكومة الأميركية لاحتواء الأزمة وإعادة الاستقرار إلى القطاع المصرفي.

قبل يومين، ونتيجة انهيار أسهم “كريدي سويس”، تكبدت 3 مؤسسات عربية تُعتبر من بين أكبر المساهمين في البنك، خسائر غير محققة وصلت إلى 8 مليارات دولار، قبل أن تعود أسهم البنك وتتعافى نسبياً بدعم من جهود الإنقاذ التي تضمنت اقتراضه نحو 54 مليار دولار من البنك الوطني السويسري، إضافة إلى عرضه إعادة شراء الديون.

قالت “ستاندرد أند بورز غلوبال ريتينغز” في تقرير، إن البنوك الـ19 التي تصنّفها في منطقة الخليج، ليس لديها انكشاف على المقرضين الإقليميين في الولايات المتحدة، أو أن لديها انكشافاً محدوداً، علماً أن هناك دعماً قوياً لتلك المؤسسات من الحكومة الأميركية التي تحرص على منع انتشار مخاطر العدوى.

الدعم الأميركي الذي قادته وزارة الخزانة إلى جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي والمؤسسة الفيدرالية لتأمين الودائع، تضمّن تعهداً من الحكومة بحماية أموال المودعين، وإقراض البنوك المتعثرة، وهو ما تُرجم الخميس توفير قرض بـ30 مليار دولار لمصرف “فيرست ريبابليك بنك”، بمشاركة البنوك الأميركية الكبرى.

أشارت وكالة “ستاندرد أند بورز غلوبال ريتينغز”، إلى أن نسبة تعرّض البنوك الخليجية التي تصنّفها للسوق الأميركية ككل، تبلغ 4.6% في جانب الأصول، و2.3% في جانب الخصوم، حسب أرقام نهاية عام 2022. وهذه الأرقام، تعكس متوسط تعرّض البنوك الخليجية الذي تتراوح نسبته بين صفر و22% في جانب الأصول، وبين صفر و11.4% في جانب الخصوم.

فمن بين البنوك الـ19، هناك 5 بنوك فقط لديها ما يقارب 5% من أصولها في الولايات المتحدة، بينما تدين 4 بنوك فقط بنحو 5% من مطلوباتها (الخصوم) لأطراف أخرى في الولايات المتحدة، حسب الوكالة.

قالت “ستاندرد أند بورز غلوبال ريتينغز” في تقريرها: “بشكل عام، لدى البنوك الخليجية نشاط إقراض محدود في الولايات المتحدة، ومعظم أصولها هناك هي في أدوات دين ذات جودة ائتمانية عالية، أو مع بنك الاحتياطي الفيدرالي”. وأضافت أن المحافظ الأميركية للبنوك الخليجية “ساهمت في خسائر غير محققة، لكن يبدو أن المبلغ الإجمالي يمكن التحكم به”.

من المهم أيضاً بحسب الوكالة، الإشارة إلى أن الخسائر غير المحققة لا تتعلق كلها بالمخاطر في الولايات المتحدة، بل إنها مرتبطة باستثمارات البنوك بشكل عام، بما في ذلك أدوات الدين في دول مجلس التعاون الخليجي التي انخفضت قيمتها العادلة مع رفع البنوك المركزية في المنطقة لأسعار الفائدة.

في تقييمها لمدى اعتماد البنوك الخليجية على التمويل الخارجي، وما إذا كان ذلك يشكل مصدر خطر، قالت “ستاندرد أند بورز غلوبال ريتينغز” إنها تنظر إلى التمويل على أنه قوة نسبية لمعظم الأنظمة المصرفية في دول الخليج، إذ إن ودائع العملاء تُعتبر مصدر التمويل الرئيسي للبنوك الخليجية، ومن غير المتوقع أن يتغير هذا الوضع في السنوات القليلة المقبلة.

أضافت الوكالة إن الودائع المصرفية أظهرت درجة عالية من الاستقرار في العديد من الأزمات. فمثلاً، تجاوز نمو الإقراض ودائع العملاء في المملكة العربية السعودية على مدى السنوات القليلة الماضية، الأمر الذي أدى إلى ضغوط على السيولة ما دفع بمؤسسة النقد العربي السعودي “ساما” (البنك المركزي) إلى ضخ السيولة وتعزيزها في القطاع المصرفي خلال العام الماضي.

قالت الوكالة: “نتوقع أن تواصل (ساما) التدخل كلما دعت الحاجة، لأن النظام المصرفي السعودي هو أحد الركائز الأساسية في تنفيذ خطة (رؤية 2030)، والتمويل الشامل لاقتصاد المملكة”.

أشارت الوكالة إلى أن استخدام مصادر التمويل بالجملة، يظل محدوداً نسبياً، “ومن غير المرجّح أن يتغير هذا الوضع في أي وقت قريب”. لكنها قالت إن النظام المصرفي القطري يشكل الاستثناء الوحيد، إذ إن لديه قدراً كبيراً من الدين الخارجي الصافي. أضافت: “في رأينا، قد لا يتوسع النظام المصرفي القطري كثيراً على الأرجح في 2023، ما يعني عدم وجود حاجة كبيرة إلى التمويل الخارجي. وعلاوة على ذلك، شدد البنك المركزي القطري القواعد التنظيمية للحد من استخدام التمويل الخارجي”.

Back to top button