وزيرا المالية ومأساة سوق شرق
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
نسبة كبيرة لا ترى في مشاريع، مثل الأفنيوز و360 والمارينا وغيرها، إلا فرصاً استثمارية ضخمة أعطتها الحكومة، بطريقة شبه مجانية للتجار!
ما لا يعرفه هؤلاء أنه لولا هؤلاء «التجار» لما تحققت هذه المشاريع أصلاً، ولبقيت أراضيها جرداء، كما كانت لأربعة مليارات سنة، أو أكثر!
وما لا يود البعض التفكير فيه، أن كل هؤلاء التجّار، المحسودين، كانوا سيتعرضون للإفلاس الكامل، لو طال أمد «الكورونا»، مثلاً، لسنة أخرى، فليس هناك ربح من غير خسارة.
***
لست معنياً بالجهة المخطئة في موضوع إنهاء عقد الـBOT الخاص بإدارة مشروع سوق شرق، أو العقود المماثلة الأخرى، بعد أن وصلت إلى القضاء، لكن آلمتني رؤية كل هذا الحشد الأمني لمعالجة مسألة تنظيمية بحتة، كان باستطاعة مراقب إدارة في وزارة المالية، وضابط وشرطيين، التكفّل بإنهائها بكل كفاءة، من دون استعراض قوة غريب، وما تخلله من تكسير أبواب واقتحام واستسلام وتسليم جبري، من دون تحية ولا سلام.
كما كان بإمكان الحكومة اللجوء إلى القضاء، وتحميل الشركة كل التكاليف، ومطالبتها بكل ما تحصلت عليه من إيجارات ودخل من تاريخ انتهاء عقد الإدارة أو الـBOT وحتى تاريخ الحكم، ولكن المسألة ربما تكون في مكان آخر!
***
لا خلاف كبيراً على الأمور الإجرائية، الخلاف هو على فلسفة واستراتيجية ما يتم القيام به. فمن الواضح أن القطاع الخاص لا يجد غير المعوقات أمامه. أما المواطن، غير التاجر، فلا يرى إلا مبيعات التاجر وأرباحه، ولا يعرف شيئاً عن مخاطره وتعبه وسهره واحتمال خسارته، وكلها أمور لا علاقة لطبقة الحساد بها، الذين بإمكانهم إغلاق عقولهم، وترك كل همومهم خلفهم، في الثانية التي يتركون فيها عملهم الوزاري، أو غيره، ظهراً!
ما أصبحنا نراه هو التضييق على المستثمر المحلي، إن من خلال وضع العوائق أمامه، أو تأخر الحكومة الواضح في القضاء على البيروقراطية، وتقاعسها عن محاربة الرشوة، والاستمرار في مصادرة أو استعادة مشاريع الغير، بحجة أو بأخرى، من دون خطة «ب» لدى الحكومة في كيفية إدارتها.
لست ضد استرجاع مشاريع الـBOT، ولكن من الضروري تجنّب تحويل ما تم استرجاعه إلى خرائب، كما حدث مع مشروع المنطقة الحرة ومشروع السنعوسي، وهذا ربما سيكون مصير مشروع المثنى ومخازن أجيليتي، التي سيصعب على أية جهة غيرها إدارتها بالكفاءة نفسها، والتي تحتوي على بضائع استراتيجية قابلة للتلف!
***
لا شك في أن الرؤية الحكومية اتجاه القطاع الخاص، أو فلسفة التعامل معه مفقودة، فليس هناك فهم حقيقي لمتطلبات المستثمرين الجادين، فهم وصاحب ترخيص البقالة يتم التعامل معهما بالأساليب والطرق نفسها، ومن الجهات الحكومية نفسها. ولم يكن غريباً بالتالي رؤية هذه الهجرة المتزايدة للشركات المحلية والمشتركة الملكية إلى مدن أخرى في الخليج أكثر ترحيباً وأسهل تعاملاً، وأقل بيروقراطية من أنظمتنا المتهالكة، وقامت بذلك على الرغم من علمها بما ستتكلفه نتيجة الانتقال، بخلاف ما ستضطر إلى دفعه من ضرائب، لكن هناك مقابل ذلك حصول أصحابها على حياة سهلة وجميلة وبيئة عمل صحية ومرنة وسريعة في التعامل مع متطلباتهم ورغباتهم.
***
هناك مقولة محلية، قديمة وطريفة، تلخّص ما حدث مع إدارة سوق شرق:
شيخ (أو وزير مالية) يبيع، وشيخ (أو وزير مالية) يطق!