الغرب فشل في تحويل القضية الفلسطينية عن مسارها..
صالح الراشد

النشرة الدولية –

تختلف نوايا الدول عما يصرح به زعمائها، فهذا يتهم الصهاية بقتل الأطفال وآخر يطالب بفتح المعابر، فيما الرئيس الأمريكي بايدن يبني جسراً بحرينأ لإدخال الغذاء والدواء لغزة، بدورها تصدر محكمة العدل الدولية سلسلة قرارات انصبت حول إدخال الغذاء وحماية المواطنين، حتى جامعة الدول العربية ذهبت صوب هذا الاتجاه وهو ما تبناه وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الأخير، وطالبت الأمم المتحدة بفتح المعابر للحفاظ على حياة أهل غزة، كل هذه التصريحات جميلة في شكلها لكنها كارثية في باطنها كون قضية غزة ليست فقط غذاء ودواء بل استقلال وحرية وتقليم لأظافر المحتل الصهيوني ومنعه من العبث بغزة الفلسطينية أرضاً وشعباً ولا يجوز فصلها تحت أي عنوان عن فلسطين التي يريد شعبها من العالم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة فقط، رغم قسوتها لكن العالم الحر لا يجرأ على إغضاب الصهيانة وفرض القوانين الدولية التي لو كانت بحق العرب لغير مجلس الأمن إسمه وأصبح مجلس الحرب.

لنشعر أن العالم متفق على إبعاد الأنظار عن الحق الحقيقي لفلسطين وهو التحرر من آخر استعمار يشهده العالم الحر “كلامياً” المستعبد من الصهيونية العالمية “فعلياً”، لذا عمل العالم مع الصهاينة على تعذيب أبناء غزة حتى بإدخال الغذاء على طريقة الإبقاء على الرمق الأخير من الحياة في محاولة لإضافة أبناء القطاع لقطعان العبيد المنتشرين في عديد دول العالم، بل قامت هذه الدول بمحاولات جنونية للسيطرة على القرار الفلسطيني وتحويله إلى تابع لفرض الهيمنة المطلقة على فلسطين، حين قامت بعض الدول بتبني بعض القيادات الفلسطينية ليكونوا طوع أمرها وقت الحاجة، فيما يتعاضد العالم أجمع لتطويع حماس لجعلها توافق على إنشاء سلطة شبيهة بتلك التي في الضفة حيث يُقتل يومياً مواطنين في المدن التابعة لها، ليحاول الغرب وبعض العرب جعل مناقشة مستقبل غزة قرار عالمي وإبعاد الفلسطينيين عن تقرير مستقبلهم وكأن ما يجري عودة لعصر الانتداب.

ان إدخال الطعام على الطريقة الأمريكية ما هو إلا محاولة لتحسين صورة واشنطن السوداء أمام العالم، فهذه الدولة قادرة على فرض وقف العدوان خلال لحظة وهي اللحظة التي تستطيع بها الدول العربية لجم الكيان الصهيوني وخلفه واشنطن بإنهاء العلاقات العربية مع الدولتين في حال استمرار العدوان، واذا اتخذ هذا القرار سيتوقف العدوان خلال دقائق، وليس كما يجري حالياً من محادثات بائسة هدفها الرئيسي توفير الوقت الكافي للصهاينة لقتل أكبر عدد من أهل غزة، وهذا القتل يتم بشراكة عالمية فمن لا يقتل أبناء غزة بالصواريخ يقتلهم بالتهديد السياسي والبقية بحجب الغذاء والدواء والصمت.

لقد رفضت جميع الفصائل الفلسطينية تحويل القضية إلى قضية إجتماعية ومعيشية، وتحسين أوضاع الفلسطينين تحت الحكم الصهيوني المطلق حتى بوجود قيادات فلسطينية صورية في المشهد، لذا ركزت جهودها مجتمعة على ضرورة الحديث حول الحق الفلسطيني وعدم العبث بأولويات القضية وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة بإجماع عالمي، ورفضت الفصائل ان تكون قضية اجتماعية تقوم على تحسين الاحوال المعيشية لان هذه الخطوة إذا نجحت ستقتل القضية الفلسطينية ويضيع حق انشاء الدولة المستقلة والقدس واللاجئين، وبالتالي تضيع فلسطين ويصبح وجود الكيان على جميع الأراضي الفلسطينية أمر دائم، وهو ما ظهر بأنه هدف للعديد من الدول التي لا ترغب بوجود فلسطين كدولة قائمة في هذه الأرض.

لقد نجح العالم الغربي بالعبث بفكر العديد من السياسيين العرب بعد أن نجح بفرض المجاعة على غزة، لكنه فشل في التأثير على فكر رجال ونساء وأطفال غزة المتمسكين بأرضهم ومستقبلهم السياسي، ويرفضون الإملاءات بشأن من يحكم غزة واليات الحكم والتي يريدها الغرب مائعة حتى تتحول لساحة يعبث بها الصهاينة كما يريدون، لذا يجب ان يكون الحوار متعدد الاتجاهات وفي مقدمته تطبيق قرارات الأمم المتحدة ورفع الحصار ووقف العدوان وفتح المعابر

زر الذهاب إلى الأعلى