نتنياهو وسموتريتش غير مرغوب فيهما في واشنطن
التخوف من أزمة كبيرة مع إدارة بايدن وعزل إسرائيل دولياً
النشرة الدولية –
اندبندنت عربية – أمال شحادة –
احتدم الخلاف بين إسرائيل والولايات المتحدة بعد المصادقة على إلغاء قانون الانفصال الذي يتيح للمستوطنين العودة إلى أربع مستوطنات في الضفة الغربية، واعتبرت واشنطن القرار استفزازياً وأوضحت أن رئيس الحكومة الإسرائيلي بننيامين نتنياهو، الذي يخطط لزيارة قريبة إلى واشنطن، غير مرحب به ولن يحظى باستقبال حميم، ووصل إلى الإسرائيليين موقف واضح من الأميركيين بعدم استقباله أو عقد لقاءات معه، كما أعلن الاميركيون رفضهم إجراء لقاءات مع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش على إثر تصريحاته الاستفزازية.
وفيما حذرت الخارجية الأميركية من القانون وتوسيع المستوطنات ووصفته بالقانون الاستفزازي، حذر سياسيون وأمنيون من تداعيات توتر العلاقة مع الولايات المتحدة، واعتبر الوزير الإسرائيلي السابق أفيغدور ليبرمان أن المصادقة على قانون إلغاء خطة الانسحاب أخطر ما يمكن اتخاذه من قرارات لهذه الحكومة مما سيجعلها معزولة دولياً.
نتنياهو يبدي تراجعاً مع الحفاظ على رضا ائتلافه
التهديدات التي أطلقتها الولايات المتحدة، ولا سيما عدم إجراء لقاءات مع نتنياهو خلال زيارته المقبلة إلى واشنطن، استدعته إلى إصدار بيان يدافع فيه عن القانون، لكنه أعلن أن حكومته لن تتخذ خطوات لتوسيع المستوطنات، وبحسب بيان نتنياهو فإن “قرار الكنيست بإلغاء أجزاء من قانون فك الارتباط يضع نهاية لقانون تمييزي ومهين يمنع اليهود من العيش في مناطق شمال الضفة”.
غير أن واشنطن باشرت بخطوات احتجاجية على هذا القرار واستدعت وزارة خارجيتها السفير الإسرائيلي لدى واشنطن مايك هرتسوغ، وعبرت نائبة وزير الخارجية الأميركية ويندي شيرمان عن قلق الولايات المتحدة بخصوص قانون فك الارتباط من عام 2005، الذي يشمل عدم إقامة مستوطنات في شمال الضفة الغربية، وقالت إن “سموتريتش ليس الوحيد في الحكومة وهو لا يصغي للموقف الأميركي، والتصريحات الإسرائيلية مهينة ومقلقة للغاية وخطرة”.
كما دان الاتحاد الأوروبي المصادقة على تعديل القانون مشيراً إلى أنها “لا تفيد الجهود المبذولة لتجاوز التصعيد، وستجعل من الصعب الاستمرار في اتخاذ خطوات بناءة للثقة وخلق أفق سياسي للحوار”، وبحسب الاتحاد الأوروبي، فإن “المستوطنات هي عقبة رئيسة في طريق السلام وتهدد حل الدولتين”.
والقانون الجديد يتعلق بمستوطنات الضفة من دون أن يشمل غزة، ويهدف إلى إعادة المستوطنين إلى المستوطنات الأربع شمال الضفة الغربية وإلغاء العقاب الجنائي المفروض على المستوطنين الذين يدخلون أو يقيمون في هذه المستوطنات الواقعة بغالبيتها على أراض فلسطينية خاصة، كما يتيح القانون منح الشرعية القانونية للبؤر الاستيطانية العشوائية القائمة شمال الضفة الغربية.
خطوات أكثر استفزازاً
إزاء الرفض الأميركي والفلسطيني والدولي للمصادقة على قانون فك الارتباط، دخل مستوطنون إلى البؤرة الاستيطانية “حومش”، ووصلوا إلى معهد لتعليم التوراة، كان قد تم إخلاؤه، في وقت هددت وزيرة الاستيطان الإسرائيلية أوريت ستروك، بأنها وعضو كنيست أخرى من حزبها (حزب بتسلئيل سموتريتش) ستقاطعان التصويت على تشريعات خطة الحكومة الإسرائيلية لإضعاف جهاز القضاء، في حال عدم المصادقة النهائية، حتى الإثنين المقبل، على قانون إلغاء خطة فك الارتباط في شمال الضفة الغربية. وخشية تنفيذ هذا التهديد، أبلغ الائتلاف الحكومي ستروك بأنه سيتم التصويت على قانون إلغاء فك الارتباط والمصادقة عليه بشكل نهائي، حتى نهاية الأسبوع الجاري.
وأشاد وزير المالية سموتريتش بالقانون واعتبره انتصاراً كبيراً للمشروع الاستيطاني، وكتب على حسابه “تويتر”، “باشر الكنيست الإسرائيلي وائتلافنا في محو وصمة الطرد من عدد من القوانين والتقدم في قرار بشأن مدرسة حومش الدينية”.
الأمن القومي
الموقف الأميركي الحاد الذي أطلقه أكثر من مسؤول زاد القلق الإسرائيلي من التوصل إلى حد عدم استقبال نتنياهو من قبل الرئيس الأميركي جو بايدن لما تتضمنه تداعيات القانون الجديد من استفزاز لواشنطن وحتى إهانتها، كما رأى إسرائيليون.
نائب رئيس مجلس الأمن القومي تشيك فرايلخ لم يخف القلق من مخاطر توتر العلاقة مع الولايات المتحدة، واعتبر محادثة نتنياهو – بايدن التي عبر فيها الأخير عن قلقه من التقدم في الإصلاح القضائي، إشارة على عدم الرضا الأميركي من سياسة متخذي القرارات في إسرائيل، ودعا إلى بذل كل جهد للحفاظ على علاقة جيدة مع واشنطن قائلاً “يجب على الحكومة الإسرائيلية عندما تريد القيام بخطوات مهمة أن تأخذ في الحسبان مصالح أميركا وأن تتذكر بأن الحفاظ على علاقة جيدة مع الولايات المتحدة هو مركب مهم في الأمن القومي الإسرائيلي”.
وكان بايدن قد بادر للاتصال بنتنياهو بعد قطيعة شهرين للتعبير عن قلقه من خطة الإصلاح القضائي من جهة، والوضع على الساحة الفلسطينية من جهة أخرى.
وبحسب نائب رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي فإن مكالمة الرئيس الأميركي مع نتنياهو لا تترك أي مجال للشك بأنه على رغم الأساس المتين للعلاقة بين الدولتين والصداقة العميقة بين واشنطن وتل أبيب، فإن إدارة بايدن لا تخفي الامتعاض والقلق من الخطوات التي تقوم بها الحكومة، وقال فرايلخ “تعبير بارز على الامتعاض والقلق كان بتلعثم الرئيس الأميركي في دعوة نتنياهو إلى البيت الأبيض. تطورات مقلقة أخرى في الساحة الأميركية تشير إلى خطر حقيقي سيهز القاعدة الصلبة التي أقيمت عليها شبكة العلاقات بين الدولتين، التي مكنتهما من الحفاظ عليها حتى على رغم الخلافات، بينها استطلاع جديد بين أن أكثر من 49 في المئة من المستطلعين المحسوبين على الحزب الديمقراطي يتماهون مع الفلسطينيين أكثر مما يتماهون مع إسرائيل (38 في المئة)”.
ورأى فرايلخ أنه “حتى لو حرصت واشنطن، حتى الآن، على تأكيد التعاطف مع إسرائيل والالتزام بأمنها، فإن التوتر بين الدولتين أصبح يؤثر في العلاقات بينهما، وعلى المدى القريب تشكل القضية الفلسطينية بؤرة التهديد الرئيسة إلى جانب خطوات إسرائيلية تنحرف عن الوعود التي تم الاتفاق عليها في اللقاءات التي أجريت أخيراً في العاصمة الأردنية عمان وفي شرم الشيخ، وخطوات أحادية الجانب، وضمن ذلك قانون إلغاء فك الارتباط الذي جاء في الأصل نتيجة وعود أعطيت للأميركيين”، وأضاف “قد يزيد القانون الجديد بشكل كبير امتعاض الإدارة الأميركية. في المقابل يجب التعامل بجدية مع الإشارات التي تطلقها واشنطن، وهي أن التشريع من أجل تغيير وجه جهاز القضاء من دون إجماع واسع، يمكن أن يغير، بحسب رأيها، الطابع الديمقراطي لإسرائيل، ونتيجة لذلك سيقوض قدرتها على إظهار أهميتها بالنسبة إلى الولايات المتحدة على اعتبار أنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط وحليفتها الاستراتيجية”.
وحذر فرايلخ الحكومة الإسرائيلية من أن “الاستمرار بالعمل خلافاً للمصالح الآنية لأميركا قد يضر بالعلاقات الحميمة بين الدولتين، بخاصة في هذه الفترة الحساسة حيث التحديات الأمنية، لا سيما من إيران التي تواصل وبشكل حازم الدفع قدماً بمشروعها النووي، إذ تحتاج إلى تعزيز التنسيق بين الدولتين”، وتابع “سيكون لسلوك إسرائيل وخصائص العلاقة بين الدولتين أهمية كبيرة على المدى البعيد إزاء عمليات ديمغرافية واقتصادية واجتماعية تحدث في الولايات المتحدة، التي حتى لو كان جزء منها لا يرتبط مباشرة بإسرائيل إلا أنها ستساهم في تآكل التزام أميركي بعيد المدى تجاه إسرائيل. والتجاهل في إسرائيل لهذه الأخطار يمكن أن يكون كارثياً على مصالح تل أبيب حيث هناك إمكانية للمس عاجلاً أم آجلاً بشبكة العلاقات الخاصة بين الدولتين”.