النائب الوسمي وأعاجيب الزمان
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
بالرغم من وقوف النائب عبيد الوسمي في الجانب الذي أؤيده وأتفق مع رؤاه، فإن ذلك لا يعني أنه محصن من النقد، ولا يعني ذلك الحط من مكانته كنائب مفوّه، وصاحب حجة سياسية وقانونية، فهو بحاجة بالفعل إلى من يبيّن له نقاط ضعفه، فيتجنبها، إن استطاع إلى ذلك سبيلا!
***
السقطة الكبرى للنائب عبيد الوسمي كانت «تعهده»، أثناء قيامه برحلة إلى أميركا، بالتعاون مع الجهات المعنية فيها لاستعادة استثماراتنا وثرواتنا المنهوبة!
يعلم هو جيداً أن هذا ليس من واجباته كنائب، ولا هي أصلاً من مهام الجهات التشريعية أو التنفيذية، التي قال إنه سيلتقي بها هناك، والتصريح برمته كان «نكتة سمجة» وتعهداً خالياً من أي معنى أو غرض، فهو لم يكلف من أية جهة حكومية القيام بالمهمة، وهو أصلاً لم يقابل أية جهة قضائية أو تنفيذية أو استثمارية للاطلاع على ما لديها من معلومات وملفات وأحكام تتعلق بنهب وسرقة أموال الدولة!
وعاد من سفره، ولم يشرح لنا أو لأية جهة نتائج رحلته، وما حققه من نجاح، ولا أعتقد أنه فشل، فهو لم يفعل شيئاً أصلاً.. لكي يفشل!
***
كما عقد النائب الوسمي مؤخراً مؤتمراً صحافياً، بيّن فيه شكوكه في نتائج انتخابات مجلس 2022 المبطل، وطالب بعض من كانوا نواباً فيه بأن يقسموا بصحة عدد الأصوات التي حصلوا عليها في تلك الانتخابات، وأنها بالفعل تمثل الحقيقة!
أولاً: هذا ليس عملهم، ولا تقع عليهم مهمة تأكيد صحتها من عدمها، بل هي مهمة جهات قضائية وتنفيذية، والبيّنة على من ادّعى.
ثانياً: أين كان السيد النائب الوسمي من هذا الموضوع الخطير والمهم، طوال أكثر من أربعة أشهر؟
ثالثاً: ما أهمية مطالبته الآن، والمحكمة الدستورية حكمت ببطلان المجلس، وعدم صحته، وبالتالي لا يحق لمن فاز فيه أصلاً اعتبار نفسه «نائباً سابقاً»، وهو كقانوني، أو هكذا يفترض، يعلم بأن الصفة قد سقطت عنه، فهو بالتالي لن يجيب عن سؤال لا تتوافر أركانه أصلاً! كسؤال الشخص الذي لم يتمكّن من الطيران عما رآه وهو يطير!
كما طالب النائب الوسمي الحكومة بكشف ملفات الصراع، أو الخلاف الذي كان بين الشيخ أحمد الفهد من جهة، والشيخ ناصر المحمد من جهة أخرى، ليعرف الشعب الحقيقة، ونتساءل هنا أيضاً: لماذا الآن، وقد مرت سنوات طوال على الموضوع؟ ولماذا لم يبيّن في مؤتمره الصحافي السبب الذي دفعه لإثارة الموضوع؟
وأخيراً، كان النائب الوسمي طرفاً فيما سُمي جوراً بـ«الحوار الوطني»، وصرح في أكثر من مؤتمر ولقاء عن سعادته بما أنجزه من خلال ذلك الحوار!
النائب الوسمي ومن شارك في الحوار كانوا على علم تام بأنه لم يكن في أية لحظة حواراً وطنياً، بل لقاء من أطراف ثلاثة، لمناقشة أمر محدد، وانتهى «الحوار الوطني» بانتهاء ما كان مطلوباً من أطرافه القيام به، وهو إصدار مرسوم العفو عن البعض، فهل يرقى ما قاموا به إلى صفة «الحوار الوطني»؟
***
لقد كنت، يا عزيزي النائب، ولسنوات، جزءاً من المنظومة، التي أضاعت مستقبل جيل كامل تقريباً في جدال عقيم، شاركت فيه وأطراف عدة، وأشغلتمونا والأمة بأسرها في أمور ثانوية، وخلافات سياسية وشخصية، وتسببتم في وقف تقدمنا، بل في تأخرنا في كل مجال، وعطلتم إصدار القوانين، وفشلتم في مراقبة الحكومة، وفي تحقيق حتى %1 مما هو مطلوب منكم، كمشرّعين ومراقبين، القيام به، ومع هذا لم يتبرع أي منكم بالاعتذار للشعب عن تقصيره.
ولا يخلي ذلك الحكومة من مسؤولية كل ما أصابنا من أضرار مخيفة!