هل جعلت “الإنقسامات” داخل “إسرائيل” بعيدة عن “التحديات الخارجية”؟
النشرة الدولية –
نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” مقالاً للسفير الأميركي السابق بإسرائيل مارتن إنديك، أشار فيه إلى أن الخلاف حول خطط بنيامين نتنياهو ضد المحكمة العليا، يحرف “إسرائيل” عن العاصفة الخارجية القادمة.
وقال السفير الأميركي السابق، إنّ أعداء وأصدقاء إسرائيل ينظرون ويتساءلون، عما إذا كان هذا الكيان في الشرق الأوسط قد استسلم للخلافات الداخلية، وأضاف: “إنّ طرفي النزاع بعيدان كل البعد عن بعضهما البعض، فالحكومة الإسرائيلية تريد سيطرة كاملة على المحكمة العليا من أجل دعم أهداف اليمين المتطرف، وتريد المعارضة حمايتها عبر إحباط الحكومة”.
وأردف: “كل طرف يعتقد أنه محق، فالحكومة تقول إن من حقها مواصلة أجندتها لأنها منتخبة، لكن كل طرف في تحالف الحكومة له مصلحته من الخطة، فالصهيونية الدينية تريد منع المحكمة من حماية حقوق الفلسطينيين في الضفة الغربية. أما الأحزاب الأرثوذكسية فتريد منع المحكمة من إرسال طلاب المدارس الدينية “يشيفا” للجيش، ويريد نتنياهو منعها من إرساله للسجن”.
وترى المعارضة العلمانية أنّ وقف الخطة يعني حماية استقلالية المحكمة و”الديمقراطية” وطريقة حياتهم، وقد حققت المعارضة هذه انتصاراً كبيراً، وتعرف ما تفعله في المرة القادمة.
وأضاف السفير الأميركي السابق، أن انشغال صناع السياسة بالمشاكل الداخلية أدى لحرف نظرهم عن التعامل مع القضايا الخارجية، ففي الضفة الغربية والقدس، يتدهور الوضع حيث زاد كما يقول “الاحتكاك” بين الفلسطينيين والمستوطنين والجيش من عدد القتلى.
وقال إن هناك عدة عوامل تعمل على تدهور الوضع، من السلطة الوطنية الضعيفة إلى الجيل الفلسطيني الشاب الذي لجأ للسلاح، إضافة إلى المستوطنين الذين يضعون ثمناً على أهداف كما فعلوا مع حوارة، وكذلك حكومة يحرض الوزراء المتطرفون فيها على العنف.
وآخر ما يريده نتنياهو هو انفجار العنف، لكن شركاءه في الائتلاف ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش مصممان على ما يبدو على تبني مدخل مناقض وإطلاق تصريحات نارية ورفض التنازلات التي كان نتنياهو مستعداً للقيام بها للفلسطينيين في مجال موارد الضريبة وتصاريح العمل.
ويؤثر سلوكهم في تدهور العلاقات مع الأردن ودول اتفاقيات إبراهيم، حيث أجلت الإمارات زيارة نتنياهو إلى أبو ظبي، في وقت تصالحت فيه السعودية التي كان يأمل بفتح علاقات دبلوماسية معها مع عدوته إيران.
وتسير إيران نحو برنامجها النووي، حيث قدم المسؤولون الأميركيون شهادة حول حاجتها إلى 12 يوماً لتخصيب يورانيوم نقي للقنبلة. ونجا النظام الإيراني من تظاهرات المرأة، على الأقل في الوقت الحالي، وأقام علاقات مع روسيا والصين، وسيتلقى أسلحة متقدمة من روسيا مكافأة له على دعم موسكو في أوكرانيا.
وتابع إنديك، بأنه حتى هذا الوقت امتنعت إيران عن بناء القنبلة النووية خوفاً من عملية وقائية إسرائيلية أو الانتقام الأميركي، وقد استنتجت أن أميركا منشغلة بمناطق أخرى غير الشرق الأوسط، وربما استنتجت من الخلافات الداخلية الإسرائيلية أنها تستطيع القيام بهذا دون خوف من انتقام.
وشدد على أن كل ذلك يثير خوف إدارة جو بايدن التي اعتمدت على “إسرائيل” للحفاظ على المنطقة الملتهبة، وتلقت على مدى العقود دعماً مالياً وعسكرياً لقاء هذا الدور.
ولم تضعف الخلافات الداخلية حكومة نتنياهو عن هذا الدور، ولكن الخلافات حول الضم والاستيطان أدت لاحتكاك مع واشنطن. واستدعي سفير نتنياهو في واشنطن إلى وزارة الخارجية للتوبيخ، ولم يعلن بعد عن الزيارة التقليدية لرئيس الوزراء إلى البيت الأبيض.
ونوه إلى أن بايدن تدخل مرتين لإقناع نتنياهو بالتراجع عن إصلاحاته القضائية، وعمل مع مصر والأردن وإسرائيل لمنع العنف في المناطق الفلسطينيية كما وأجرت القوات الأميركية مناورة عسكرية كبيرة كتحذير إلى إيران. وربما لم تنفع هذه المساعدات لو تدهور الوضع الداخلي والخارجي الإسرائيلي.