أمل الرندي تدمج الأدب بالصحة.. لكسر القوالب الجامدة

النشرة الدولية –

انطلقت أخيرا (حملة اقرأ وتذوق) من فكرة محاربة السمنة التي تغزو بلادنا، ونشر التوعية الصحية بين الأطفال، وتثقيفهم حول أهمية الغذاء الصحي، وعادات تناول الطعام الصحيحة، واتباع ما يفيد الجسم كي يبقى سليماً معافى. بعدما باتت نسبة الإصابة بالسمنة، من عمر سنتين إلى 18 سنة، عند الأطفال والمراهقين في الكويت تتراوح بين %35 و%40. فالمشكلة كبيرة، لأن الكويت تحتل مرتبة متقدمة للغاية في الإصابة، فهي الأولى عربياً، والثانية عالمياً، في معدل زيادة انتشار السمنة المفرطة بين أبنائها. والسمنة صارت مرضاً، وبوابة لأمراض أخرى أيضاً.

https://dqnxlhsgmg1ih.cloudfront.net/section/1680187312873_ZDdtj_large.jpeg

تدل المؤشرات على تزايد هذه المشكلة سنوياً، وإن لم نتمكن من التصدي لها، فإن %80 من أطفالنا سوف يكبرون وهم يعانون السمنة ومضاعفاتها في المستقبل.

وإلى جانب دفع الأطفال إلى الاهتمام بصحتهم، تدمج الحملة بين الأدب والطب الغذائي، ليقدما معاً خدمة مهمة لعقل الطفل وجسمه. كما تحرص على توعية الأطفال وتثقيفهم، من 8 إلى 11 سنة، حول ما يجب أن يأكلوه، وما يجب أن يتجنبوه من الطعام.

◄ قالب قصصي جذاب

كل ذلك يكون من خلال قالب قصصي جذاب، يحفز على تكوين عادات غذائية صحية، تنمو شيئاً فشيئاً مع الطفل، ومن خلال أسلوب تربوي توعوي، لا بالإملاء والفرض وممارسة السلطة. فالتعليم في الصغر كالنقش على الحجر، كما يقال. وقد قامت كاتبة أدب الأطفال والناشطة في مجال ثقافة الطفل أمل الرندي بمهمة تأليف قصة لهذه الغاية، وإبداع أسلوب يخاطب وعي الأطفال، ويقدم لهم الواقع القائم بما فيه من أخطاء ومخاطر صحية، من خلال سرد جذاب، ولغة عربية صحيحة، ثم تقديم العلاج، أي الطعام الصحي والعادات المفيدة لجسم الطفل. وأسهمت طبيبة التغذية العلاجية د. مي الهزاع في تصويب الناحية العلاجية في القصة، كما أنها تشارك مع الكاتبة في تقديم ورش الحملة، في مجموعة من المدارس الكويتية الحكومية والخاصة، وأماكن أخرى متنوعة، تحت شعار (طعامك سر صحتك وقوتك). واستهدفت بشكل أساسي طلاب الصفين الرابع والخامس الابتدائيين.

وقد كسبت الحملة منذ التخطيط لها رعاية المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ثم لم تكن لتنجح لولا رعاية ودعم واحتضان جمعية جود الخيرية لها، ومتابعة دائمة لورشها وأنشطتها من قبل مدير إدارة الجمعية د. فريد كلندر ورئيس مجلس إدارتها عبدالعزيز يوسف الزايد.

وقد أقيمت حلقات الحملة في مدرسة «البيان ثنائية اللغة» الخاصة، مدرسة بدر السيد رجب الابتدائية بنين، مدرسة الرديفة الابتدائية بنات، مدرسة أسماء بنت يزيد الأنصارية، مدرسة الفضل بن عباس التابعة لوزارة التربية، دار رعاية الأطفال التابعة لوزارة الشؤون، نادي VISION SOCCER ACADEMY الذي يعلم مهارات كرة القدم للأطفال وأماكن أخرى متنوعة للأطفال.

◄ مبادرة أصدقاء المكتبة

والكاتبة أمل الرندي التي تدير هذه الحملة، معروفة بأنشطتها الثقافية المختصة بالأطفال، فهي، وبالتوازي مع (حملة اقرأ وتذوق) ما زالت تتابع نشاطها المتميز في «مبادرة أصدقاء المكتبة» التي باتت اليوم في عامها الثالث، وعلى المستوى العربي، وهي هذا العام برعاية المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وجمعية جود الخيرية، وتقام في مدارس حكومية وخاصة، بمشاركة كوكبة من كتاب وشعراء أدب الطفل من الكويت ودنيا العرب، وقد حققت نجاحاً مهماً، وتستمر بفعل ودفع هذا النجاح. وقد حولت أمل الرندي هذه المبادرة إلى برنامج تلفزيوني للأطفال، قدمته في قناة البوادي. كما أنها لم تستسلم لما تسببت به جائحة كورونا، من كسل وخمول وتعطيل للدراسة، فاستحدثت «مسابقة نجم أصدقاء المكتبة»، أجرتها بمساعدة مجموعة كتّاب أدب الطفل، وفاز بها 13 طفلاً من 12 دولة عربية. وهي، بالفعل، تعمل بحب كبير ورغبة قوية في تقديم كل ما يطور ثقافة الطفل، ويطور مداركه، ويعزز عادات القراءة لديه.

◄ تذوق وتفوق

وبالعودة إلى (حملة اقرأ وتذوق)، فإن ورشها تترافق مع مجموعة من أغاني الأطفال التي تسهم في إيصال المعلومة للأطفال بشكل أسرع، وقد صدرت أولاها بعنوان «اقرأ وتذوق وتفوق»، وهي من تأليف الشاعر علاء الجابر، تلحين محمد غنيم، غناء سماء ونور غنيم، ومحمد غنيم وإخراج محمد سلامة.

يضاف تفاعل الأغنية في الحملة إلى التفاعل المهم بين الكاتبة أمل الرندي، وهي تشرح للأطفال مضمون الكتاب ود. مي الهزاع، وهي تحمل سلة الفاكهة والخضار التي تحضرها معها لمزيد من الإيضاح، من جهة، واهتمام الأطفال المشاركين واستجابتهم وتفاعلهم ومشاركتهم في تطبيقات عملية في نهاية كل ورشة، من جهة أخرى. ولمزيد من التطبيق العملي توزع أثناء الورشة وجبة صغيرة، تقدمها مؤسسة دايت بوكس Dietbux. كل ذلك يبشر بحملة ناجحة، يتمتع الأطفال خلالها بأحداث القصة، ويستفيدون من لغتها، ويكتسبون منها المعلومات الطبية المفيدة.

وإذا كانت الورشة تحث الأطفال على أكل الخضار والفواكه الصحية، والابتعاد عن الطعام الجاهز الذي كثيراً ما يسبب السمنة، ففي نهايتها يطلب من الأطفال رسم إحدى الفواكه أو الخضار التي يحبها، ليشكل ذلك تسابقاً وحيوية جديدة بين الأطفال.

والحملة التي استغرقت خمسة أشهر متتالية، من نوفمبر 2022 حتى مارس 2023، سوف تتجدد دائماً لتقدم ثقافة صحية للأطفال، وتكسبهم مناعة ضد إغراءات الطعام الجاهز، والإعلانات الذكية لشركات التغذية، كما تستمر بهدف تمتين علاقة الأطفال بالكتاب والقصة، وتعزيز عادة القراءة، وتحميلهم زاداً ثقافياً. على أن مثل هذه المبادرات والحملات تصب، في النهاية، في تعزيز ثقافة الطفل الذي نعتمد عليه لبناء المستقبل.

طعام أمي اللذيذ

تستند ورش الحملة الى قصة «طعام أمي اللذيذ» التي تُوزَّع على الأطفال مجاناً قبل كل ورشة، وهي من تأليف الكاتبة أمل الرندي، وإسهام طبيبة التغذية العلاجية د. مي الهزاع، وهي صادرة في الكويت عن جمعية جود الخيرية، في كتاب أنيق وبحجم كبير، ويوجد في نهاية القصة مساحة يعبر فيها الطفل من خلال الرسم عن الفواكه والخضروات التي يحبها، ليكون للطفل دور إيجابي تفاعلي يشارك فيه من خلال الورشة، تزين القصة برسوم جميلة من الفنانة السورية المبدعة منال محجوب.

وتعتبر قصة «طعام أمي اللذيذ» جزءاً أول من سلسلة تصدر تباعاً عن «جود»، بعنوان عام هو «حكايات قبل الأكل». تدور القصة حول رحلة يقوم بها أطفال مدرسة إلى خارج البلاد، ويخضعون خلالها لنظام غذائي صحي، بصحبة طبيبة التغذية العلاجية (د. مي)، ولنظام صارم من قائد الرحلة حازم. لكن الأنشطة الرياضية الممتعة والطعام الطيب الذي تناولوه أثناء الرحلة، وأسلوب الاختصاصية اللطيف، غيرت قناعات الأطفال، فساعد ذلك على تخليهم عن عاداتهم في طلب الوجبات السريعة، وصاروا يتبعون أسلوب حياة صحيا. فالعادات البسيطة المفيدة قد تصنع تغييراً كبيراً في حياتنا، وتغيير عادات الأطفال بالذات لا شك أسهل بكثير من عادات الكبار.

في معرض القاهرة للكتاب

وفي خطوة لافتة للنظر، وجهت إدارة معرض القاهرة الدولي للكتاب الـ54 دعوة لمشاركة (حملة اقرأ وتذوق) في أنشطة القسم الخاص بمعرض كتب الأطفال، بشخص مديرة الحملة الكاتبة أمل الرندي. وبالفعل فقد قدمت الرندي ورشة، مستضيفة معها استشارية التغذية العلاجية المصرية د. ريهام صفوت الحبيبي، لتشرح، من موقعها وبثوبها الأبيض، للأطفال أهمية الغذاء السليم، فوجود طبيبة في الورشة، في القاهرة وكذلك في الكويت، يؤمن مصداقية كبيرة لمضمون الحملة، والتفاعل مع الكِتاب الذي يكون بين أيدي الأطفال. وتم التعاون أيضا داخل الكويت مع الكابتن بدر الدويسان مدرب اللياقة البدنية الذي شجع الأطفال على ممارسة الرياضة بشكل منتظم، وقواعد الجلسة الصحية السليمة، وقدم لهم مجموعة من الحركات الرياضية البسيطة المهمة التي يمكن ان يقوموا بها بشكل يومي.

زر الذهاب إلى الأعلى