المدارس الخاصة في لبنان تقفز فوق القانون… أقساط خياليّة للعام المقبل

النشرة الدولية  –

لبنان 24 – نوال الأشقر –

تقفز المدارس الخاصة فوق القانون 515، وتقرّ زيادات عشوائيّة بالدولار، على أقساطها للعام الدراسي المقبل 2024-2025. لا تنتظر موافقات لجان الأهل ولا إعداد موازناتها، وقطوعات الحسابات، ومعرفة عدد طلّابها، وفق ما تنصّ عليه القوانين الناظمة للقطاع. وبطبيعة الحال لا تكثرت للأوضاع الماديّة لذوي الطلاب، ولا لتوصيفها القانوني بأنّها “مؤسسات لا تبغي الربح” لتؤكّد ممارساتها أنّها تبغي الربح، ثمّ الربح، ولا شيء سواه. أبسط دليل، أنّ الزيادات الكبيرة بالدولار التي تتقضاها كل عام، لم تلحظها في موازناتها، متجاهلةً التعميم 33 الصادر عن وزير التربية القاضي عباس الحلبي، والمتعلّق بعدم جواز فرض المدارس الخاصة غير المجانيّة على الأهالي، أيّ مبالغ، أيًّا كانت تسميتها أو قيمتها، خارج الموازنة المدرسيّة، أي خارج إطار القسط المدرسي.

كيف تتجاوز المدارس الخاصة القانون في رفع أقساطها؟

عمدت المدارس الخاصة خلال العام الدراسي الحالي إلى رفع أقساطها في منتصف العام، على خلفية إقرار قانون تغذية صندوق التعويضات، علمًا أنّ القانون تمّ رده من قبل الحكومة ولم يدخل حيز التنفيذ، بفعل اعتراضات اتحادات المدارس الخاصة، ورغم ذلك، مضت هذه المدارس في زياداتها، وراسلت مؤخّرًا إداراتُ عددٍ من المدارس الخاصة ذوي الطلّاب، تُعلمهم بزيادات على الأقساط للعام المقبل بلغت 50%، وفق ما أكّدت رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور لما الطويل لـ “لبنان 24″، على سبيل المثال، القسط الحالي المقدّر بـ 1500 دولار و30 مليون ليرة أضحى 3000 الآف دولار و60 مليونًا، والـ 2000 دولار أضحى 400 دولار وهكذا دواليك، مرفقة بعبارة أنّ هذه الأرقام غير نهائيّة وخاضعة للزيادة أيضًا. أسباب هذه الزيادات الخياليّة غير معلومة بالنسبة للجان الأهل، لاسيّما وأنّ سعر صرف الدولار مستقرّ منذ أكثر من عام، والمصاريف التشغيليّة هي نفسها. كما أنّ القوانين المرعيّة الإجراء تحدّد آلية رفع الأقساط، بحيث تفرض على إدارات المدارس تقديم موازنات سنويّة، وفق نموذج لدى وزارة التربية، تذكر فيها كلّ عناصر الكلفة لتحديد قيمة القسط السنوي على الطالب الواحد. يرتكز النموذج على القانون 515، الذي يحدّد عناصر القسط من مكوّنين: 65% من أعباء ونفقات الأجور والرواتب، و35% من النفقات الأخرى، وتتنوع بين التأمين ومصاريف إداريّة وتشغيليّة كالتدفئة والماء والتبريد وغيرها. فيتمّ احتساب هذه الأكلاف، وتُقسم على عدد التلاميذ المسجّلين في السنة الدراسية، ليُحتسب القسط السنوي على التلميذ الواحد. وتُرفع الموازنة إلى لجان الأهل، إذا وافقت عليها الأخيرة، تُحال إلى وزارة التربية، لتصديقها واعتمادها. وإذا لم توافق لجان الأهل، فعلى وزارة التربية فتح تحقيق بتفاصيل الموازنة، والفواتير التي استندت إليها، والتأكّد من مدى صحتها. المدارس الخاصة تجاوزت كل هذه الآلية القانونيّة، وضربت القسط بضعفه بكلّ بساطة.

المدارس الكبيرة تعبّد طريق الزيادات

في جعبة الطويل قائمة بالمدارس “الجريئة” أو الوقحة التي أبلغت الأهالي بالزيادات، متخطيّة كلّ إطار قانوني”المدارس المعروفة بأقساطها الكبيرة، وهي التي تعتبر نفسها “براند” لم  تجد حرجًا في مضاعفة أقساطها للعام المقبل، فأبلغت الأهالي “على بكير” بزياداتها العشوائيّة. ساعدها في ذلك لجان الأهل التابعة لها، تصمت تلك اللجان، لاسيّما وأنها تضم مقتدرات ومقتدرين، فتمرّ الزيادات من دون شوشرة، وهكذا تعبّد المدارس الكبيرة لشقيقاتها الصغرى طريق رفع الأقساط قبل دراسة الموازنات”. تكمل الطويل توصيفها للوضع التربوي فتقول “في حال لم يتمّ وضح حدّ لهذه الزيادات العشوائيّة، نحن ذاهبون إلى كارثة في العام المقبل، خصوصًا أنّ الأهالي يدفعون باللحم الحي منذ عامين، ولا يمكنهم تحمّل مبالغ إضافيّة، في وقت لا يوجد بديل بظل واقع التعليم الرسمي.”

ثلاثة أسباب خلف تعسّف المدارس

تجاوز المدارس الخاصة لأيّ قانون ومنطق في زيادة أقساطها كلّ عام، مردّه وفق الطويل إلى الخلل الحاصل في عوامل عدّة “من لجان الأهل المتواطئة مع الإدارات، وهي اللجان التي انتقتها الإدارات، مستغلّة غياب مشاركة الأهل في الانتخابات، وعدم قيام وزارة التربية بعملها الرقابي عبر فرض إجراء انتخابات حقيقيّة ومراقبة العمليّة الإنتخابيّة. مرورًا بكارتيل المدارس الخاصة واتحاداتها وهي بمعظمها تابعة لمرجعيّات دينيّة من مختلف الطوائف والمذاهب، ومرجعيّات سياسية تحميها، وإلا لما كانت تمادت إلى هذا الحدّ، وتلجأ مرجعيّاتها إلى ممارسة الضغوطات عند إقرار أيّ قانون لا يعجبها، وهو ما حصل مؤخرًا عبر حملة الضغط الكبيرة حيال قانون صندوق التعويضات وبراءة الذمّة الماليّة. وصولًا إلى الخلل في النصوص التشريعيّة، فالقانون 515 الذي أقرّ عام 1996 تمّ تفصيله على قياس أصحاب المدارس الخاصة، بمعنى أنّ القانون لا ينصّ على أيّ محاسبة في حال ارتكبت المدارس الخاصة مخالفات، إذ نصّ على وجوب وضع مجالس تحكيميّة تربويّة للفصل في النزاعات والمخالفات، أي ايكال المهمّة إلى القضاء التربوي الذي يلجأ إليه الأهل والمدارس في حال نشوب أيّ نزاع ، والمجالس التحكيميّة هذه معطّلة قسرًا منذ خمسة عشرة عامًا، إذ أنّ المدارس لا تريد ممثلين فعليين عن لجان الأهل في هذه المجالس، التي تتألف من عضوين من لجان الأهل وعضوين من إدارات المدارس، وأعضاء من وزراة التربية وقاضٍ، والوزراء المتعاقبون لم يعمدوا إلى تشكيلها“.

كيف ستواجه اتحادات لجان الأهل رفع الأقساط؟

“حيال الزيادات الكبيرة القادمة، نكرر دعوتنا إلى الأهالي ولجان الأهل بعدم الموافقة على أيّ زيادة قبل التسجيل، وقبل تقديم قطع حساب، وقبل أن تصرّح المدارس عن المبالغ التي تتقاضاها بالدولار من الأهالي، وعن كيفية إنفاقها. ونطلب من مجلس النواب إقرار قوانين تضع ضوابط حيال عشوائية الأقساط” تقول الطويل غامزة من قناة “نواب التقيناهم، فإذا بهم يدافعون عن المدارس الخاصة، بدل أن يضعوا قوانين للجم زياداتها” وتشير إلى اجتماعات نيابيّة تحصل “تُناقش اقتراحات تتعلق بالمدارس الخاصة، تُدعى إليها إدارات المدارس واتحاداتها، ونقابة المعلمين، وتُغيّب اتحادات لجان الأهل. ولو أنّ لجنة التربية النيابيّة الحاليّة أفضل من سابقتها، وتضم نوابًا يعملون بضمير”. الطويل تتوجه إلى وزارة التربية، طالبة منها التدخل بموجب المادة 13 من قانون 515، التي تتحدّث عن الموازنات المخالفة، أي التي تحدّد أقساطها بطريقة مخالفة وغير قانونيّة، وتنصّ على وجوب أن يعمد رئيس مصلحة التعليم الخاص إلى التدقيق في الموازنات، وتحديد الأقساط، وتبليغ لجان الأهل بالقيمة الحقيقيّة للأقساط، وهو ما لا يحصل، على رغم أنّ كل الموازنات باعتراف رئيس مصلحة التعليم الخاص تُعتبر حاليًا غير قانونيّة، كونها لا تتضمن كلّ المبالغ التي تتقضاها المدارس من الأهل”.

Back to top button