الأردن والمعركة ضد «الخرافة»!
بقلم: رجا طلب
النشرة الدولية –
لا أبالغ إن قلت أني أحد المصدومين من ردة فعلنا على خارطة «سموتيريش» التي لصقها على المنبر الذي كان يتحدث من خلفه في باريس في التاسع عشر من الشهر الماضي، فاتفاق السلام مع دولة الاحتلال الموقع عام 1994 لم يكنس التاريخ الأسود والمعتقدات الخرافية التي استقرت في عقول ونفوس قادة الاحتلال من كافة الوان الطيف الصهيوني تجاه الأردن، فمظم الأحزاب داخل دولة الاحتلال تؤمن بما يسمى (أرض اسرائيل التاريخية التي منحها الرب لبني إسرائيل) لدى خروجهم من مصر هربا من اضطهاد الفراعنة والتي تشمل ضفتي نهر الأردن أي الأردن وفلسطين ?تمتد لتشمل اجزاء من العراق ولبنان.
لأننا لا نُدرس ابناءنا التاريخ ولا نثقفهم بطبيعة هذا الكيان المتوحش وعقيدته، فقلة قليلة جدا ولربما تشمل عددا محدودا من الرسميين هم الذين يعلمون ويعرفون أن «خارطة سموتيريش» ليست وليدة الشهر الماضي ولا الذي قبله ولا عام أو عامين، هذه الخارطة هي وليدة العقل المأزوم المستند للأساطير التلمودية البائدة، فهذه الخريطة هي شعار «الأرغون» المنظمة الإرهابية التي كانت تطلق على نفسها (المنظمة العسكرية الوطنية في أرض إسرائيل)، وهي منظمة مسلحة ذات منطلق أيدولوجي أساسه «تحرير واستعادة» ما يسمى بأرض إسرائيل الكبرى، والتي تض? فلسطين التاريخية وأراضي المملكة الأردنية الهاشمية، وقد انشأت هذه المنظمة الإرهابية المسماة اختصارا (اتسل) عام 1931 وتكونت وقتذاك باندماج جماعة «بيتار» الإرهابية والهاغاناة وأصبح اسمها (ارغون) برئاسة المنظر الصهيوني الشهير «فلاديمير جابوتينسكي» الذي كان يعد المثل الاعلى لوالد نتنياهو، وكان شعار تلك المنظمة والذي مازال يرفع الى الإن اليد التي تمسك البندقية والمكتوب تحتها عبارة (هكذا فقط) أي بمعنى أن هذه الأرض لا «تسترد» إلا بالبندقية.
يمكنني القول إن دولة الاحتلال وبعد 78 سنة من قيامها هي في ذروة وحشيتها وتطرفها والتصاقها بالتلمود والخرافات التي كتبت في بابل حيث أسرهم نبوخذ نصر سنة 586 قبل الميلاد ومكثوا فيها قرابة السبعين عاما إلى أن حررهم الملك الفارسي «كورش» كما هو معروف، فخارطة سموتيريتش أعيد احياؤها كتوطئة من أجل خطوات اخرى قادمة خلال الأيام والفترات الزمنية القريبة، فهؤلاء المتطرفون يستعدون ومنذ عام 2015 للبدء بذبح القرابين داخل أو في باحات المسجد الأقصى احياء للخرافة التي تقول أن هذا الطقس كان معمولا به فترة وجود معبد سليمان الذي?دمر عام 586 قبل الميلاد وفقا لأساطيرهم التي لم يتوفر إلى اليوم أي دليل على وجودها المادي الملموس.
والسؤال المطروح بهذا الشأن لماذا تريد طبقة الكهنة (السنهدرين) وبعض الحاخامات ذبح القرابين في المسجد الأقصى أو منطقة الحرم القدسي؟
الجواب هو (اختلاق دليل معنوي وهمي يغطى الخرافة أو الكذبة الدينية وللقول أن هذا المكان هو المكان الذي كان فيه معبد سليمان وكان يمارس فيه هذا الطقس).
والسؤال أيضا، وماذا يعني ذلك؟
الجواب هو أخذ شرعية دينية أو انتزاع «حق ديني» لا أساس له لإعادة بناء هذا الهيكل المزعوم في ذات المكان الموجود به المسجد الأقصى بعد هدمه، لتبدأ بعد ذلك مرحلة اخرى من «الخرافة» وهي التمهيد لعودة المسيح،
ويوجد داخل دولة الاحتلال 64 منظمة متطرفة تعمل على تحقيق هذه الغاية المشار إليها وتضم في عضويتها عشرات الآلاف من عتاة المتطرفين الذين تحركهم عقيدة (إعادة بناء الهيكل المزعوم)، ويدعم الاحتلال بشكل مباشر وغير مباشر هذه المنظمات الإرهابية والتي تعزز وضعها السياسي والقانوني بشكل كبير للغاية مؤخرا وبعد اكتساح اليمين المتطرف الانتخابات الأخيرة للكنيست، حيث أصبح لهذه العقيدة المشوهة 16 وزيرا في حكومة نتنياهو يدعمون ويحرضون على تنفيذ خطط بناء الهيكل.
تحدي كبير بانتظار الأردن الوصي على المقدسات في مدينة القدس، وأعتقد أن هذا المخطط الذي بدأ يأخذ خطوات علنية بعد سنوات من السرية يتطلب تحركا حثيثا من الآن على الصعيد السياسي والإعلامي والديني لفضحه، والذي سيزداد قوة في حال عودة التيار «الإنجيلي المتصهين» إلى البيت الأبيض الذي بات يسيطر على الحزب الجمهوري.