شيخ عقل الدروز حمود الحناوي: حراك السويداء محق ونرفض تقسيم سوريا
أكد أن التظاهرات لم تكن وليدة ساعتها و"لن نسمح لأي جهة بأن تعبث في صفوفنا وأمننا"
النشرة الدولية –
اندبندنت عربية –
شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز أبو وائل حمود الحناوي يقول في حديث لـ”اندبندنت عربية” من قريته في سهوة البلاطة إن مشاركته في حراك السويداء كان “موقفاً ضرورياً” اتخذته “المرجعية إلى جانب الحق والمطالب المشروعة، وقمع الفساد ووأد الفتنة وحقن الدماء”
منذ الـ17 من أغسطس (آب) 2023 تشهد محافظة السويداء في جنوب سوريا ذات الغالبية الدرزية تظاهرات مناهضة للحكومة، وهي تحركات احتجاجية خرجت بعناوين حقوقية وسياسية، استمدت شعاراتها من شعارات الثورة السورية نفسها، والتي طالبت بإسقاط النظام، وتطبيق القرار الأممي رقم 2254 الذي تحدث عن عملية الانتقال السياسي وتسوية دائمة للأزمة.
وفي تحركات محافظة السويداء التي تنتشر فيها مظاهر الفقر كباقي المحافظات السورية، حيث يعاني أكثر من 12 مليوناً انعدام الأمن الغذائي، وفقاً للأمم المتحدة، رفعت كذلك عناوين اقتصادية، بعدما صدر القرار الحكومي برفع الدعم عن المحروقات، تزامناً مع ارتفاع سعر صرف الدولار، مما خلق أجواء من التململ في السويداء وغيرها، مثل درعا وحمص امتداداً إلى حلب.
وخروج المواطنين في المحافظة الجنوبية اتخذ طابعاً سلمياً وتنسيقياً بعد انضمام القرى الدرزية الواحدة تلو الأخرى إلى التظاهرات، التي حملت عنوان “قانون عدالة كرامة”. وعلى رغم اندلاع الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، فإن التظاهرات لم تتوقف، وإن خفت وتيرتها، وأبقى السكان على موعدهم الأسبوعي، حيث يتجمعون نهار كل جمعة، في ساحة الكرامة في قلب المحافظة.
وقد انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات لتجمعات احتجاجية، مع هتافات رفعت شعارات “الحرية” و”يسقط بشار الأسد”، و”ارحل، ارحل يا بشار”.
وتحمل هذه التحركات الاحتجاجية كثيراً من التحديات بالنسبة إلى النظام السوري، فهي من جهة سلمية، من ثم لا يمكن اتهام المشاركين فيها بأنهم “إرهابيون”، كما أن السويداء معقل إحدى الأقليات في سوريا، والتي يقول النظام مراراً وتكراراً إنه “يحميها”.
للحديث عن هذه التحركات في السويداء، المشاركة فيها، مستقبلها والاتهامات التي طاولت الحراك بأنه يهدف حتى الانفصال عن سوريا، أجرت “اندبندنت عربية” حواراً خاصاً مع شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز أبو وائل حمود الحناوي في قريته سهوة البلاطة بالمحافظة.
“دم السوري على السوري حرام”
انضم الشيخ الحناوي إلى التظاهرات المناهضة للنظام أمام ضريح قائد الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش، في بلدة القريا، متوجهاً إلى المتظاهرين بالقول، “هذا الحضور والحشد أكبر من كل الكلمات”، ودعا المحتشدين إلى “تحكيم العقل والحكمة البالغة دائماً في جميع التصرفات”. فلماذا اتخذ الشيخ الحناوي تلك الخطوة، وما هو الحدث المفصلي الذي دفعه لاتخاذ قرار المشاركة؟
يقول الحناوي، “نحن أبناء طائفة الموحدين الدروز أهل ثوابت، ومن ثوابتنا الرئاسة الروحية الممثلة بشيوخ العقل الثلاثة، ونظراً إلى أعرافنا وخصائصنا وأحوالنا الشخصية، تلجأ طائفتنا إلى مرجعياتها الروحية والاجتماعية مهما صغرت قضاياها أو كبرت”. ويتابع أنه بخصوص المشاركة في التظاهرات، فـ”القضية ليست التحاقاً بحراك ولا انضماماً لجهة معينة، بل هي مواقف ضرورية تتخذها المرجعية إلى جانب الحق والمطالب المشروعة، وقمع الفساد ووأد الفتنة وحقن الدماء. ومن موقعي كشيخ عقل ورئيس روحي، يدعوني الواجب وأمانة المسؤولية ألا أتخلى عن أبنائي وأهلي ووطني مهما كانت الأسباب. لذلك عندما تعرض أبناؤنا لإطلاق النار في أحد المواقف، اتخذت موقفاً حازماً من دون تردد أو تحيز لمنع الاقتتال بين أهلنا وأبناء شعبنا الواحد، لأن دم السوري على السوري حرام، ومن يقتل نفساً بغير حق فكأنما قتل الناس جميعاً، ولن نسمح لأي جهة بأن تعبث في صفوفنا وأمننا، فالمعركة ليست معركتنا في قتال الأخ لأخيه، والتعدي ليس من شيمنا، وهل يدور بعقل عاقل أن يقف مسؤول مثلي مكتوف الأيدي ويترك الحبال على غواربها!”.
يوم الـ13 من سبتمبر (أيلول) 2023، وأثناء محاولة المتظاهرين إغلاق فرع حزب “البعث” في المدينة، قامت عناصر مسلحة من حرس مقر الحزب، كانوا يعتلون الأسطح، بفتح النار على المتظاهرين، مما أوقع إصابات بينهم. وتوجه الشيخ الحناوي إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد بالقول حينها، “مش قادر تحل المشكلات فيه غيرك بحلها”، مضيفاً “إذا تعرضنا لأي خطر لن نكون في الخلف، بل في الأمام”.
وعن هذه الحادثة يقول الشيخ الحناوي، “لذلك ذهبت إلى صرح القائد العام سلطان باشا الأطرش لألتقي أبناءنا وأتحدث إليهم مطالباً بالتهدئة، ومؤيداً للحقوق المشروعة لأن الأوضاع الراهنة تجاوزت حدود الاحتمال، وموجهاً رسالة لجميع السوريين مدنيين ورسميين لأن الحلول بيد أصحاب القرار، خصوصاً أننا مررنا باختبار صعب منه إحراق دار الحكومة في السويداء، وخشينا من تداعيات ذلك وتكراره في مكان آخر، وكانت دار سلطان (سلطان باشا) وصرحه منطلقاً لندائنا”.
حراك السويداء سلمي
ومنذ بداية نزول أهل السويداء للتظاهر، كانوا يحملون مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في البلاد للأسد. لذا، ومنذ اليوم الأول، خرجت التظاهرات بقصد إسقاط النظام ورحيل بشار. وحرص المتظاهرون على إيضاح العناوين السياسية لانتفاضتهم، عبر الهتافات التي تطالب بإسقاط النظام، منها “يسقط بشار الأسد”، و”ما في للأبد يسقط بشار الأسد”، كما تسجيل مقاطع فيديو ليقولوا إنهم “ليسوا جياعاً لأن أرض السويداء أرض خير”. فكيف يقارب الشيخ الحناوي الحراك الشعبي في السويداء ومطالبه؟ وكيف يرد على أنه حراك يخص الطائفة الدرزية؟
يرى الشيخ الحناوي أن “الحراك الحالي في السويداء لم يكن وليد ساعته، ولم يقتصر عليها، والدليل على ذلك أن الأزمة السورية شملت جميع المحافظات، ولها أسبابها ونتائجها، والفارق أنه حراك سلمي اقتداءً بما اتخذناه بدعوتنا إلى السلم الأهلي مع الجميع، ومواقفنا تشهد لنا بذلك. والأوضاع التي دفعت أبناء السويداء لها أسبابها، ومنها الخناق الاقتصادي لعدم وجود معبر من أراضي السويداء على الحدود الجنوبية مع الأردن أسوة بغيرها من المحافظات، إضافة إلى تبعات الأزمة إذ تفشت الجرائم وانتشرت المخدرات، في ظل غياب القانون وانشغال السلطة بحروبها الداخلية، وحدث ولا حرج عن الرشى والفساد الذي هو أصل المشكلة، ولسنا الوحيدين في سوريا الذين يتحدثون عن ذلك، فالعالم بأسره يعرف مأساة الشعب السوري والأزمة التي حلت به”.