العقلية الكويتية قبل النفط
بقلم: الجازي طارق السنافي

النشرة الدولية –

طرح عليّ سؤال أثناء لقاء تلفزيوني حول دور المرأة الكويتية والرجل الكويتي قبل النفط، ودور الزوجة والمرأة أثناء غياب الزوج الذي قد يغيب شهورا طويلة في رحلة البحر والبحث عن الرزق، من كان يعمل ويدير المنزل؟

كان لا بد من التوضيح وذكر اختلاف «العقلية» الكويتية سابقا وحديثا، وهو اختلاف شاسع كاختلاف المسافة بين السماء والأرض، في السابق كان الكويتيون منفتحين بشكل أكبر من الآن، كانوا مؤمنين بأهمية دور المرأة في العمل داخل المنزل وخارجه، كان المجتمع الكويتي – قبل النفط – يمتلك ثقافة تقبل المرأة ودورها وعملها، بعكس ما يثار حول انغلاق المجتمع سابقا وجعل الصورة النمطية حول المرأة محصورا في «بخنق وبوشية».

كان الانفتاح الفكري والثقافي في الكويت سابقا زمانه ومتفوقا على المناطق المحيطة، بدليل أن الأسر والمجتمع كانوا متعطشين للعلم، وحرصوا على أهمية تعلم المرأة، لأنها عمود من أعمدة المجتمع والأسرة، هي الأساس في تنشئة أسرة متمدنة ومتحضرة ومتعلمة، ففي الخمسينيات، بعثت أول دفعة نسائية كويتية للقاهرة – مصر، لم يمانع المجتمع ولم يحتج على سفر 7 نساء كويتيات بمفردهن للخارج بل صادفن العدوان الثلاثي (حرب 1956) وعملن في إسعاف الجرحى متطوعات، وكن مصدر فخر واعتزاز – ولا يزلن – في المجتمع، كان الدعم الأسري والاجتماعي للمرأة غير محدود، وهذا يتعاكس مع تعميم مصطلح وفكرة المجتمع «المحافظ» – وهو مصطلح تقديري لا أصل أو أساس له – وهناك العديد من الأمثلة الواقعية المدونة والموثقة وهي ليست من وحي الخيال.

وبتلك «العقلية» المنفتحة بالمشاركة وعدم التفرقة والتمييز، ساهم ذلك وساعد في بناء الكويت الحديثة وتطورها على الصعيد البشري والاجتماعي والثقافي والتعليمي، وبناء على ذلك الوضع، أقر الدستور حق المساواة – بين الناس- ولم يخص امرأة ولا رجلا.

حديثا وواقعا، العقلية الكويتية الحديثة – ربما بسبب اتساع الرقعة الجغرافية والتأثر بحركات سياسية متنوعة – أصبحت مختلفة، فرقت بين الناس وخلقت مشكلة تصنيفات – رجل وامرأة- أصبحت أكثر انغلاقا وأكثر حكما وأكثر تدخلا في شؤون الناس، لم تعد العقلية الإدارية المنفتحة موجودة، بل أصبحت عقلية تميل إلى التشدد في اتخاذ القرارات ويغلب عليها العاطفة المبنية على أعراف وعادات بعيدة كل البعد عن الواقع السابق، والمجتمع «المنفتح»، بالرغم من وصول المرأة وتبوئها مناصب قيادية في هذا الوقت، إلا أنها أصبحت تعاني للحصول على بقية حقوقها المستحقة.

٭ بالقلم الأحمر: كانت المرأة «نصف» المجتمع، أصبحت اليوم «نصفا» في المجتمع، بسبب العقلية أو الموجة الفكرية الحديثة.

زر الذهاب إلى الأعلى