تطورات تونس المتلاحقة وتداعياتها… اعتقال الغنوشي ومداهمة مقرات المعارضة

النشرة الدولية –

الحرة  –

في تصعيد جديد ضد قوى المعارضة، منعت السلطات التونسية، الثلاثاء، الاجتماعات بكل مقرات حركة النهضة، كما أغلقت قوات الشرطة مقر اجتماعات “جبهة الخلاص” الائتلاف الرئيسي المعارض للرئيس قيس سعيد.

ونقلت رويترز عن مصادر حزبية ورسمية، إقدام الأمن التونسي على منع اجتماعات حركة النهضة، بعد أن قامت بمداهمة المقر الرئيسي للحزب في أعقاب اعتقال زعيمه، راشد الغنوشي، مساء الاثنين.

وخلف اعتقال زعيم حركة النهضة التونسية، راشد الغنوشي، تنديدا واسعا من أطياف المعارضة التونسية، التي دانت تواصل “حملة القمع والاعتقالات” التي طالت خلال الأسابيع الأخيرة عددا من الشخصيات السياسية والحقوقية.

وأفادت حركة النهضة التونسية المعارضة في بيان، مساء أمس، بأن زعيمها الغنوشي اعتقل مساء الاثنين، واقتادته وحدة أمنية داهمت منزله “إلى جهة غير معلومة”.

ويعد الغنوشي، الذي مثل عدة مرات أمام القضاء في إطار تحقيقات بقضايا مرتبطة بالإرهاب والفساد، أحد أبرز  المعارضين لسعيّد، الذي يحتكر السلطات في البلاد منذ العام 2021. وكان زعيم النهضة رئيسا للبرلمان الذي حلّه الرئيس في 2022.

وفيما لم تعلّق السلطات القضائية في تونس على أسباب التوقيف، قال مسؤول بوزارة الداخلية لرويترز، إن إحضار الغنوشي للاستجواب وتفتيش منزله، تم بأوامر من النيابة العامة للتحقيق في “تصريحات تحريضية”.

وذكر محامو الغنوشي أنهم لا يعرفون مسار التحقيق معه، وأنهم منعوا من مقابلته حتى الآن.

وربط موقع إذاعة “موزاييك“، وصحف محلية أخرى، بين اعتقال الغنوشي، وتصريحات أدلى بها في اجتماع للمعارضة، السبت، قال فيها إن “تونس من دون النهضة.. بلا إسلام سياسي ولا يسار ولا أي مكون آخر هي مشروع حرب أهلية”.

واعتبر حزب النهضة في بيانه أن توقيف زعيمه “تطور خطير جدا” مطالبة “بإطلاق سراحه فورا، والكف عن استباحة النشطاء السياسيين المعارضين”، كما دعا إلى “الوقوف صفا واحدا في وجه هذه الممارسات القمعية المنتهكة للحقوق والحريات ولأعراض السياسيين المعارضين”.

“تغطية الفشل”

القيادي في حزب التيار الديمقراطي، هشام العجبوني، يشير إلى أن الرئيس التونسي يحاول التغطية على “فشله” في تدبير الأزمة السياسية والاقتصادية بمثل “هذه الاعتقالات والقرارات الاستعراضية” التي طالت عددا من النشطاء والفاعلين السياسيين بتهم “التآمر ضد أمن الدولة”.

ومنذ بداية شهر فبراير الماضي، أوقفت السلطات التونسية ما لا يقل عن عشر شخصيات، معظمهم من المعارضين المنتمين إلى حزب النهضة وحلفائه، بالإضافة إلى نور الدين بوطار وهو مدير محطة إذاعية خاصة كبيرة ورجل أعمال نافذ.

ويتابع السياسي التونسي في تصريح لموقع “الحرة”، أن الاعتقالات الأخيرة كانت منتظرة للتغطية على الأزمة الاقتصادية الأخيرة، موضحا أن “أي حكم تسلطي، ليس لديه شرعية، يلجأ نحو قمع ومحاولة إخراس الأصوات المعارضة”.

وقال العجبوني إن راشد الغنوشي “كان أحد المسؤولين الكبار عن تردي الوضع السياسي بتونس وارتكب أخطاء كبرى في حق تونس والتونسيين لكن المسؤولية السياسية شيء والمسؤولية الجزائية شيء”، مبديا رفض حزبه لتوجه سعيد لـ”تصفية الحسابات مع معارضيه بغض النظر عن اختلافاتنا معهم”.

وانتقد المتحدث “غياب ضمانات المحاكمة العادلة للمعتقلين بالسجون التونسية، في ظل تدخل الرئيس في السلطة القضائية التي فقدت استقلاليتها”، مشيرا إلى أن “أي محاكمة سياسية في ظل الظروف الراهنة ستكون باطلة”.

“تصفية أم محاسبة؟”

واعتبرت منظمة العفو الدولية غير الحكومية أن حملة الاعتقالات التي لحقت نشطاء وسياسيين تونسيين “محاولة متعمّدة للتضييق على المعارضة ولا سيما الانتقادات الموجهة للرئيس”، داعية قيس سعيد إلى “وقف هذه الحملة ذات الاعتبارات السياسية”.

المحلل السياسي، طارق السعيدي، يشير إلى أن القراءة موضوعية للاعتقالات الأخيرة، يجب أن تتم بعد أن تكشف الجهة التي قامت بها، عن خلفياتها والأدلة التي استندت إليها وكل المعطيات الضرورية لتنوير الرأي العام، موضحا أنه في ظل غيابها، “يظهر جليا أن السلطة القائمة متمثلة في الرئيس قيس سعيد، دخلت في مواجهة مع قوى المعارضة متعددة الأطراف”.

ويوضح السعيدي في حديثه لموقع “الحرة”، أن الرئيس يتمسك في تبرير الاعتقالات الأخيرة بشعارات “المحاسبة” معتبرا أن المعتقلين أجرموا وعليهم أن يحاسبوا أو يشير إلى قضية “منع أخطار التآمر ضد أمن الدولة”، وفي المقابل يرى خصومه في القرارات الأخيرة “تصفيات سياسية لإفراغ الساحة السياسية من كل نفس معارض”.

ويبرز المتحدث ذاته أنه، أمام هذه المعطيات المتضاربة يبقى الاستنتاج الوحيد، أن العلاقة بين المعارضة والسلطة وصلت مرحلة “قطيعة نهائية”، وخاصة مع المعارضة التي كانت إلى يوم قريب مشاركة في الحكم.

ويبرز المتحدث ذاته، أن الشعب التونسي يميل إلى السكون، مما يجعل أمام المعارضة هامش مناورة ضعيف على الصعيد السياسي المدني، بالنظر إلى عوامل ترتبط بفشلها في الحكم خلال مناسبات سابقة، بالإضافة إلى انهيار صورة العمل الحزبي المنظم وغياب ثقته في النخبة السياسية، ليبقى الأمر على مستوى موازين القوى محسوبا لصالح الرئيس.

وفي هذا السياق، يعتبر السعيدي أن الانعكاسات الحقيقية للأزمة السياسية ستظهر أساسا على المستوى الاقتصادي، حيث تلتقط هذه التوترات بعدم ترحاب من المؤسسات المالية الدولية ومن المستثمرين بقلق، وبالتالي تبرز دعوة عديد الأطراف إلى فتح حوار وطني لتخفيض حدة التوتر السياسي.

وتواجه تونس أزمة اقتصادية حادة، إذ تتعرض المالية العامة للدولة لضغوط بسبب واحدة من أعلى فواتير رواتب القطاع العام في العالم مقارنة بحجم الاقتصاد، والإنفاق الضخم على واردات الطاقة ودعم المواد الغذائية، بحسب رويترز.

 

زر الذهاب إلى الأعلى