وثائق البنتاغون المسربة: أفغانستان عادت ساحة انطلاق للإرهاب
النشرة الدولية –
بعد أقل من عامين على خروج القوات الأميركية والغربية من أفغانستان، أضحى ذلك البلد “مركز تنسيق مهم” لجماعة ولاية خراسان التابعة لتنظيم داعش الإرهابي، والتي تسعى من هناك لشن هجمات دموية في أوروبا وآسيا، وفقا لوثائق البنتاغون المسربة.
وبحسب صحيفة “واشنطن بوست” التي حصلت على نسخة من تلك الوثائق فإن التنظيم الإرهابي كانت لديه جهودا محددة لاستهداف مواقع معنية خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم التي أقيمت في قطر قبل بضعة أشهر واجتذبت نحو مليوني شخص.
وأظهرت الوثائق أن مسؤولو البنتاغون كانوا على علم في ديسمبر الماضي بوجود بتسع مؤامرات من هذا القبيل نسقها قادة داعش في أفغانستان، وارتفع العدد إلى 15 بحلول فبراير، بحسب التقييم، الذي لم يجر الكشف عنه سابقا.
وأظهرت الوثائق أن داعش في أفغانستان كان يخطط لشن هجمات في جميع أنحاء أوروبا وآسيا، والتخطيط أيضا لتنفيذ مؤامرة ضد الولايات المتحدة ما جعل تلك الوثائق تعتبر تلك التهديدات “مصدر قلق أمني متزايد”.
كما درس المتشددون عدة مؤامرات “انتقامية” رداً على حرق القرآن من قبل نشطاء اليمين المتطرف في السويد وهولندا.
وقالت الوثائق المسربة إن تلك المؤامرات تضمنت دعوات لشن هجمات على منشآت دبلوماسية سويدية أو هولندية في أذربيجان وطاجيكستان وروسيا وتركيا ودول أخرى، رغم أنه لا يبدو أن مثل هذه الهجمات قد نفذت.
وكشفت الوثائق أيضا جهود حثيثة من قبل تنظيم داعش في أجزاء أخرى من العالم للحصول على الخبرات اللازمة لصنع أسلحة كيمياوية وتشغيل طائرات بدون طيار، ومؤامرة لخطف دبلوماسيين عراقيين في بلجيكا أو فرنسا ومحاولة تأمين الإفراج عن 4 آلاف عنصر من التنظيم المتطرف.
“القدرة على مواجهة الإرهاب”
ورفض مسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، التعليق ما ورد في الوثائق المسربة، لكنهم دافعوا عن سجلهم في مكافحة الإرهاب خلال الفترة التي قضاها الرئيس الديمقراطي في البيت الأبيض حتى الآن.
وأكدت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي، أدريان واتسون، في بيان أن واشنطن لا تزال لديها “القدرة على إخراج الإرهابيين من ساحة المعركة دون وجود دائم للقوات على الأرض”.
وذكرت واتسون بالإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأميركية هذا العام ومن ضمنها الغارة التي نفذتها وحدات من “الكوماندوس” في الصومال ونجم عنها مصرع زعيم داعش هناك والمعروف باسم “بلال السوداني”.
وكان مسؤولون أميركيون قد أكدوا في وقت سابق أن “السوداني” كان له تأثير واضح على التنظيم في أفغانستان، وهنا تجدر الإشارة إلى وزارة الدفاع الأميركية لا تزال تحتفط بقوة عسكرية صغيرة في الصومال.
“ملاذ آمن”
وفي المقابل، أوضح مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون أن الوثائق المسربة تتضمن تحذيرات بشأن احتمال تجدد العمليات الإرهابية في أفغانستان عقب إنهاء مهام قوات التحالف الدولي هناك.
وزعم ناثان سيلز، الذي كان يشغل منسق وزارة الخارجية لمكافحة الإرهاب خلال إدارة الرئيس الجمهوري السابق، دونالد ترمب “أن تنظيم ولاية خراسان التابع لداعش أضحى يتمتع بملاذ آمن في أفغانستان” منذ خروج القوات الأميركية قبل 20 شهراً”.
ودعا سيلز إلى إعداد خطط طوارئ لاستهداف قيادة التنظيم والبنية التحتية لداعش في أفغستان، موضحا أن لتك الجماعة “مساع وطموحات لاستهداف المصالح الأميركية في المنطقة”.
وتابع: “وفي نهاية المطاف، سوف يعمدون إلى استهداف الولايات المتحدة نفسها”.
ويبدو أن التقييم الذي تم تسريبه يتوافق مع شهادة أمام الكونغرس لقائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل إريك” كوريلا، الذي كان أخبر لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب في مارس الماضي أن تنظيم داعش لديه وجود أقوى في أفغانستان مما كان عليه قبل عام ويمكن أن يكون قادراً على شن هجمات خارج البلاد.
وشدد كوريلا، الذي يشرف على العمليات العسكرية الأميركية في المنطقة، أن واشنطن يمكن أن ترى فقط “خطوطا عريضة” لخطط داعش هناك ولكن دون أن تحظى “بصورة كاملة”.
ورفض متحدث باسم كوريلا التعليق لصحيفة “واشنطن بوست” على ما ورد في الوثائق.
تدهور في “القاعدة”
وتشير الوثائق إلى أن وكالات المخابرات الأميركية نجحت مرارًا وتكرارًا في اعتراض الاتصالات بين خلايا تنظيم داعش.
ويبدو أن عمليات الاعتراض هذه أدت إلى تعطيل خطط عمليات الخطف والهجمات بالأسلحة الصغيرة على المباني الحكومية في أوروبا.
ونفذت القوات الأميركية في الأسابيع الأخيرة ضربتين في شمال سوريا استهدفت من وصفهم “البنتاغون” بقادة كبار في تنظيم داعش.
وقتلت غارة في 4 أبريل رجلاً قيل إنه “مسؤول عن التخطيط لهجمات داعش في أوروبا”، بحسب بيان .
وقال متحدث إن غارة بطائرة هليكوبتر شنتها قوات العمليات الخاصة الأميركية في 17 أبريل أسفرت عن مقتل مسؤول ثان في تنظيم داعش وُصف بأنه “مخطط عملياتي مسؤول عن التخطيط لهجمات إرهابية في الشرق الأوسط وأوروبا”.
كما تشير الوثائق إلى أن تنظيم القاعدة الذي كان يرأسه زعيمها القتيل، أسامة بن لادن، لايزال يعاني تدهورا مستمرا.
وفيبينما تسلط التقارير الضوء على التهديد الناشئ من داعش في أفغانستان، لا يوجد أي ذكر لعودة تنظيم القاعدة هناك، وهو أمر كان العديد من خبراء مكافحة الإرهاب يخشون حدوثه بعد خروج القوات الأميركية.
وكان أيمن الظواهري الذي خلف بن لادن في زعامة القاعدة قد لجأ إلى كابول للاختباء فيها، لكن تم تحديد هويته وجرى استهدافه في عملية بقيادة وكالة المخابرات المركزية في يوليو 2022 مما أدى إلى مصرعه.
منذ ذلك الحين، تشير الدلائل إلى أن تنظيم القاعدة “لايعيد تشكيلها”، كما قال بروس ريدل، المسؤول السابق في مكافحة الإرهاب في وكالة المخابرات المركزية والذي كان يقدم النصح للإدارات الأميركية المتعاقبة بشأن استراتيجية محاربة الجماعة الإرهابية.
واعتبر أن ريدل: “الانسحاب من أفغانستان كارثة، خاصة بالنسبة للمرأة الأفغانية”، مضيفا: “لكن الإدارة محقة فيما يتعلق بالقاعدة، فقد جرى تم تدميرها بالكامل”.