ما بعد بيان “تشاورى عمان” الأولوية إنهاء الأزمة السورية والتعاون العربى والدولى
بقلم: حسين دعسة

النشرة الدولية

مؤشرات اجتماع وزراء خارجية الأردن ومصر والعراق والسعودية مع وزير الخارجية السورية، الذي عقد في العاصمة الأردنية عمان، أن النوايا جاءت تحتمل الأفكار والقرارات القابلة للبناء على وجود دراسة الوضع وفق دبلوماسية التعاون الدولي وتعاون عربي-عربي لطرح القرارات العملية الملزمة  للدول والجهات المعنية بالأزمة السورية.

ولعل الملفات التي تطرح على طاولات المؤتمرات والاجتماعات، تتجاوز حجم ما يطرح من خصوصية عاطفة مشتركة، حول الأزمة السورية، مع وجود إقرار تفاهمات ناقشها وزير الخارجية السوري، وتعاون مع الوزراء العرب، لإيضاح أنها  أزمة متشعبة أمنيًا وعسكريًا وإنسانيًا، عدا عن قضايا وملفات اللاجئين، التهريب والمخدرات، وإعادة الإعمار والحلول السياسية للدولة السورية وعلاقاته مع مختلف أطياف الشعب السوري.

بيان عمان، فتح الطريق، لمحددات وفهم لقضايا اقتصادية وأمنية، لعل أبرزها ما خص عمليات تهريب المخدرات، إذ دعا، وزراء الاجتماع التشاوري، إلى تعزيز التعاون بين سوريا ودول الجوار والدول المتأثرة بعمليات الاتجار بالمخدرات وتهريبها عبر الحدود السورية مع دول الجوار، انسجامًا مع التزامات سورية العربية والوطنية والدولية بهذا الشأن.

الخطة، باتفاق سوري، تقوم على أن  تتعاون سوريا مع الأردن والعراق في تشكيل فريقي عمل سياسيين/ أمنيين مشتركين منفصلين خلال شهر لتحديد مصادر إنتاج المخدرات في سوريا وتهريبها، والجهات التي تنظم وتدير وتنفذ عمليات التهريب عبر الحدود مع الأردن والعراق، واتخاذ الخطوات اللازمة لإنهاء عمليات التهريب، وإنهاء هذا الخطر المتصاعد على المنطقة برمتها.

*هل تأخذ سوريا مكانتها العربية.. قريبًا؟

سؤال العالم وكل الدول العربية والغربية والخليج العربي والولايات المتحدة، انتظرت بيان عمان، الذي يدور في محاور ملفات حول إمكانية عودة سوريا سياسيًا أمنيًا في نسيج جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، إذ  حدد وزراء خارجية الأردن والسعودية والعراق ومصر، ما يمكن أن يوصف بـ(أولوية إنهاء الأزمة السورية)، بما في ذلك ملف الصراع وما سببه من قتل وخراب ودمار، ومن معاناة للشعب السوري.

عمليًا، جاءت أهمية اجتماع عمان التشاوري، نقطة انطلاق لمكاشفات، تدعم حلولها دول عربية لها وضعها الإقليمي، والدولي، والاقتصادي، وهي تعمل استكمالًا للاجتماع الذي استضافته المملكة العربية السعودية، بدعوة من وزير خارجية السعودية  فيصل بن فرحان آل سعود، لوزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج والأردن، والعراق، ومصر.

أيضًا، وعمليات، بيان عمان كرس، رؤية الأردن، ودبلوماسيتنا العربية الدولية والأممية، وهي التي بادرت، بإطلاق “المبادرة الأردنية القائمة على إطلاق دورٍ عربيٍ قيادي في جهود حل الأزمة السورية” وفق منهجية خطوة مقابل خطوة والمبادرة السعودية وطروحات عربية أخرى، وبيان عمان نتيجة تقبل النقاش والبناء عليها مستقبلًا.

 

*في الجانب الدبلوماسي العلني:

مثل  بيان عمان، بداية للقاءات “عربية، عربية، سورية عربية”، هدفها:

*أولًا:

إجراء محادثات تستهدف الوصول إلى حل الأزمة السورية، ينسجم مع قرار مجلس الأمن 2254، ويعالج جميع تبعات الأزمة الإنسانية والسياسية والأمنية.

*ثانيًا:

بحث الجانب الإنساني، والخطوات المطلوبة لتحقيق تقدم في جهود معالجته، وبما ينعكس مباشرةً على الشعب السوري الشقيق، إضافة إلى عدد من القضايا الأمنية والسياسية.

*ثالثًا:

الاتفاق، مع وزير الخارجية السوري على أجندة المحادثات التي ستتواصل وفق جدول زمني يتفق عليه، وبما يتكامل مع الجهود الأممية كافة وغيرها ذات الصلة (الوضع الإنساني، الوضع الأمني، الوضع السياسي).

*رابعًا:

إيصال المساعدات الإنسانية والطبية التي تسهم في تلبية الاحتياجات الحياتية لكل من يحتاجها من الشعب السوري في جميع أماكن تواجده في سوريا، وضرورة تكاتف كل الجهود لتلبيتها، بالتعاون والتنسيق بين الحكومة السورية وهيئات الأمم المتحدة ذات العلاقة، بما ينسجم مع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما فيها القراران 2642 و2672.

*خامسًا:

فتح معبري باب السلامة والراعي أمام منظمة الأمم المتحدة لإيصال المساعدات الإنسانية والطبية بعد الزلزال الذي ضرب سوريا بتاريخ 6 فبراير 2023، معبرين عن ارتياحهم لقرار الحكومة السورية النظر في تمديد هذا القرار، في ضوء أهمية ذلك في ضمان وصول المساعدات إلى محتاجيها.

*سادسًا:

إن العودة الطوعية والآمنة للاجئين إلى بلدهم أولوية قصوى، ويجب اتخاذ الخطوات اللازمة للبدء في تنفيذها فورًا، إضافة إلى تعزيز التعاون بين الحكومة السورية والدول المستضيفة للاجئين، والتنسيق مع هيئات الأمم المتحدة ذات العلاقة، لتنظيم عمليات عودة طوعية وآمنة للاجئين وإنهاء معاناتهم، وفق إجراءات محددة وإطار زمني واضح.

 

*سابعًا:

تكثيف العمل مع المجتمع الدولي والأمم المتحدة للدفع نحو تسريع تنفيذ مشاريع التعافي المبكر، بما في ذلك في المناطق التي يُتوقع عودة اللاجئين إليها، وبما يفضي إلى تحسين البنية التحتية اللازمة لتوفير العيش الكريم للاجئين الذين يختارون العودة طوعيًا إلى سوريا، وبما يشمل بناء مدارس ومستشفيات ومرافق عامة وتوفير فرص العمل، ويسهم في تثبيت الاستقرار، وأن تُتخذ خطوات مماثلة، وحسب مقتضى الحال، لحل قضية النازحين داخليًا، وبما في ذلك قضية مخيم الركبان.

*ثامنًا:

ضرورة التعاون بين الحكومة السورية والحكومة الأردنية، وبالتنسيق مع هيئات الأمم المتحدة ذات العلاقة، في تنظيم عملية عودة طوعية لحوالي ألف لاجئ سوري في الأردن، وبحيث تضمن الحكومة السورية توفير الظروف والمتطلبات اللازمة لعودتهم، وتوفر هيئات الأمم المتحدة احتياجاتهم الحياتية، وفق آليات عملها المعتمدة وفي سياق عملية التعافي المبكر التي نصت عليها قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وأن يشمل ذلك في مرحلة لاحقة الدول الأخرى المستضيفة للاجئين السوريين.

*تاسعًا:

أهمية تعزيز التعاون لدفع جهود تبادل المخطوفين والموقوفين والبحث عن المفقودين وفق نهج مدروس مع جميع الأطراف والمنظمات الدولية المعنية، كاللجنة الدولية للصليب الأحمر، وذلك بالتنسيق مع الحكومة السورية، إضافة إلى التعاون بين الحكومة السورية والدول المعنية والأمم المتحدة في بلورة استراتيجية شاملة لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب بجميع أشكاله وتنظيماته، وإنهاء تواجد المنظمات الإرهابية في الأراضي السورية وتحييد قدرتها على تهديد الأمن الإقليمي والدولي.

*عاشرًا:

ضرورة دعم سوريا ومؤسساتها في أية جهود مشروعة لبسط سيطرتها على أراضيها وفرض سيادة القانون، وإنهاء تواجد الجماعات المسلحة والإرهابية، على الأراضي السورية، ووقف التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي السوري، ووفق أحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

شكلت الأرضية السياسية والتعاون العربي المشترك، مناخًا للحوار، عبر تشاوري عمان وقبل ذلك تشاوري جدة العربية، وتمركزت الأزمة  السورية، في منظار مختلف نتيجة الضغط العربي الإيجابي، ما يراهن عليه العديد من الدول.. والرؤية المستقبلية تبشر بالحوار والسلام الجاد.

*مسارات ممكنة

عمليًا، كان الاجتماع التشاوري في عمان مع الوزير السوري فيصل المقداد، الذي يزور الأردن للمرة الأولى منذ بدء الأزمة. حالة جمعت نخبة رجال الدبلوماسية العربية في الاجتماع: وزراء خارجية الأردن أيمن الصفدي، ومصر سامح شكري، والعراق فؤاد حسين، والسعودية فيصل بن فرحان. بالتأكيد، خضع الوزراء لاجتماعات عديدة ومشاورات حول قضايا لها بعدها الأمني والعسكري والإنساني.

إلى ذلك قالت وكالة الأنباء العراقية “واع”، عن وزير خارجيتها فؤاد حسين، إنه أكد في كلمته خلال الجلسة الأولى على أن بلاده دعت إلى “عودة سوريا الشقيقة إلى مقعدها في الجامعة العربية مرارًا”.

الأمر قد يمكن المسارات الممكنة التي تراها النخب المختلفة خلال الاجتماعات أو عمل اللجان المتشعبة، من بقايا مكونات عديدة، جاء الوقت لحسمها.

بيان عمان، حاول أن يكون- مرحليًا- مع أرض الواقع، التي تؤدي إلى فهم ما تريد سوريا، الحكومة، والشعب والمعارضة، ضمن ما يأتي من حالة التوجه الرسمي (عربيًا وإسلاميًا.. وربما دوليًا) لعودة سوريا إلى محيطها وكيانها السياسي والاقتصادي، ما يعيدنا إلى أهمية  نتائج  الزيارات المكوكية التي أجراها المقداد إلى جدة والقاهرة في أبريل الماضي، ما حرك كل المسارات المحيرة على الأرض من سياسة عربية تقودها دبلوماسية الأزمة، وهي في المطلق أزمة جيوسياسية، بصماتها أخطر من القول بأن مؤتمر القمة يريد أن تكون سوريا في مقعدها، قبل نحو 3 أسابيع من انعقاد القمة العربية المرتقبة في الرياض في 19 مايو 2023.

القمة في جدولها وموعدها، والأزمة السورية داخلية، لن تتحلحل مكوناتها إلا بالحوار وفهم كل ما يجري على الأرض.

بيان عمان، وضع مقدمات الحلول نحو سياسة خطوة بخطوة.. لربما.

Back to top button