الحوار الوطنى.. اختلاف لا خلاف
بقلم: محاسن السنوسي
النشرة الدولية –
الدستور المصرية –
عاد مجددًا «الحوار الوطنى» إلى طاولة النقاش، الكل مدعو من كل فئات الشعب للتأكيد على رغبة الدولة وإرادتها فى مشاركة مواطنيها فى بناء الجمهورية الجديدة. وبدأت الجلسة الافتتاحية، أمس، بحضور كبير ورغبة فى مناقشة كل الملفات، ويستأنف الحضور مناقشة المحاور الثلاثة التى دعا إليها الرئيس عبدالفتاح السيسى أبريل ٢٠٢٢، على أن تكون البداية بالمحور السياسى ويناقش تباعًا المحور الاقتصادى والاجتماعى.
لم تعد هناك خطوط حمراء للنقاش، وحق المعرفة والمتابعة الفورية والشفافة مكفول للرأى العام أثناء فعاليات الحوار، وإن كان الاختلاف سيد الموقف وليس الخلاف، فالاختلاف يعنى التنوع وتلاقى الأفكار والتدافع بين الآراء واختلاف الحجج والبراهين، أما الخلاف أمر طبيعى تتقارب المسافات وتتبدد المخاوف مع الحوار وهذا ما نأمله مع استمرار الحوار الوطنى بين أقطاب القوى السياسية المختلفة.
مما لا شك أن المواطن لديه العديد من الأسئلة تبحث عن إجابات سريعة حتى يشعر بأنه معنى بـ«الحوار الوطنى»، وأن من يمثله من الحضور يعبر عن همومه قبل طموحه وأحلامه.. الموطن يتساءل كيف يتسنى له العبور للجمهورية الجديدة من خلال الحوار الوطنى؟.. الإجابة تبدو سهلة وصعبة فى آن واحد، ويتوقف ذلك الأمر على أداء الحضور والمعنيين بالنقاش وأى ملفات ستطرح وما هى أولويات القضايا الآنية محل النقاش؟ وما هى الموضوعات العاجلة التى يجب أن يستهل المحاورون بها جدول أعمالهم؟.. هناك قضايا لا تقبل التأجيل فالمواطن العادى بحاجة للطمأنة على قوت يومه، وعلى استقرار أمنه ولا يشغله ملف المحبوسين احتياطيًا بقدر انشغاله بالوضع الاقتصادى وحدود بلده الآمنة، خاصة أن بعض أحزاب وقوى المعارضة كانت تصر على إطلاق سراح بعض الأسماء بعينها من المحبوسين فى قضايا على ذمة التحقيق، وهذا لا يعنى أن نتجاهل هذا الملف فى ظل وجود لجنة «العفو الرئاسى» التى تقوم بدورها قبل تدشين الحوار الوطنى، بل ساهمت فى الإفراج عن أعداد كبيرة وفقًا للقانون والدستور.
المواطن يريد أن يتابع جلسات الحوار عبر وسائل الإعلام المختلفة، فى وقت أعلنت فيه الحكومة أنه «ليس لدينا ما نخفيه».. المواطن يتمنى أن يُسمح له بالتفاعل مع محاور الحوار وإن كان يتم ذلك من واقع استخدام آلية من تطبيقات شبكة الإنترنت، فلم لا؟!
تساؤلات أخرى تطرح نفسها تدور فى خلد المواطن.. لماذا تأخر الحوار الوطنى فى العودة مجددًا لطاولة النقاش؟ وإن جاءت الإجابة لقيادات سياسية مقنعة بأن الفترة التى توقف فيها الحوار سمحت لهم بتحديد الموضوعات العاجلة التى يجب أن يستهل المحاورون جدول أعمالهم حين العودة للحوار، وأنها ساعدتهم على التواصل مع المواطنين فى القرى والنجوع لمعرفة مطالبهم وطرق وضع الحلول المناسبة لها.
أمنيات المواطن لا تتوقف أن تطرح فى صيغة سؤال لماذا لا يستمر الحوار لفترات وتتسع دائرته فى كل المحافظات كما أعلن فى العام الماضى قبل انعقاد مؤتمر المناخ ٢٧ بشرم الشيخ وتشكلت مجموعات فى محافظات قطاع شمال وجنوب، للنقاش حول أهم القضايا المتعلقة بالمناخ، وحققت هذه النقاشات والمحاضرات نجاحًا ملحوظًا، حيث شارك فيها الجمهور بالحضور فى قاعات مخصصة ومجهزة تم تجهيزها من المسئولين، فضلًا عن مشاركة البعض عن طريق تطبيق «ZOOM» لمن لم يستطع الحضور؟
إن هندسة وبنية الحوار بما لديها من آليات عديدة ومختلفة تضمن المشاركة والتفاعل مع جلسات الحوار دون إقصاء لفئة أو كيان سياسى يعمل على أرضية وطنية، فالحوار وطنى خالص بدون مزايدة، وإن كانت الأمنيات يشوبها بعض المخاوف من انجراف جلسات الحوار الوطنى إلى منحى الإثارة أو إطلاق الشعارات الرنانة وإن نجحت الأغلبية المشاركة فى الجلسات الأولى أن يكون الحوار واقعيًا بين الواقع والمأمول.