ماذا لو غضبت العقول الاصطناعية علينا؟
بقلم: جرمين عامر / رئيس الاتصال المؤسسي لبنك المصرف المتحد

النشرة الدولية –

توصل العلماء إلى إمكانية زرع شريحة داخل الدماغ الإنساني يستطيع الإنسان منها استقاء المعرفة التي يريدها في حياته العملية، ولكن هل تخيل العلماء حال الإنسان بعد ثورة العقول الأصطناعية، وماذا سيكون مصيره حال توقفها عن العمل؟

وماذا بعد ؟!

 

زراعة عقل اصطناعي داخل مخ الإنسان يتم تزويده بالعلوم والمعارف والمعلومات الضرورية؛ فلا داعي لتعليم الإنسان ولا مجال للثقافة المجتمعية، فقط كل ما يريد الإنسان معرفته سيتم تحميله في عقله، ويصبح بعدها جاهزًا للعمل وممارسة حياته اليومية وفقا لمتطلباته.

وماذا بعد ؟!

 

والذكاء الاصطناعي سيتفوق علي البشري في غضون 45 عامًا، وفقا لباحثون في جامعة أوكسفورد الأمريكية، بل والأكثر من ذلك، أنه سيحل محل كافة الوظائف البشرية في غضون 120عامًا.

وماذا بعد؟!

 

ويترقب العالم تحولًا كبيرًا في أنماط حياة وسلوك الإنسان وخصائصه؛ وتأثير هذا التحول سيكون مباشرًا من الناحية الاجتماعية والاقتصادية على المجتمع ككل.

فالدعم المجتمعي الكبير للتطور التكنولوجي وانعكاسته على تحرير الإنسان من القيود والأعمال الكثيرة سيجعله أكثر قدره على الاستمتاع بأوقاته وممارسة الأنشطه المختلفة التي من المؤكد أنها تعود بالنفع على المجتمع ككل خاصة مع تنامي الجانب الإبداعي.

 

تساؤلات مشروعة

 

ولكن وماذا عن الخلل الاقتصادي والاجتماعي؟! واتساع الفجوة بين الطبقات المجتمعية في مستوى الدخل؛ الأمر الذي ينتج عنه اضطرابات أمنية وسياسية واقتصادية.

فهل سيستطيع الذكاء الاصطناعي رعاية كل ما يهتم به الإنسان، بما فيه الحق في الحياة؟!

 

ربما !!

 

وماذا لو غضبت العقول الاصطناعية علينا؟

ماذا لو توقفت هذه العقول عن العمل وعن إمدادنا بالمعلومات اللازمة لحياتنا اليومية؟

هل يستطيع الإنسان الاستمتاع بحياته ؟

هل سيتمكن من إنجاز مهام وظيفته وحياته اليومية بنجاح؟

من أين له بالدخل الذي سيمكنه بالوفاء بالتزاماته الحياتية اليومية؟

هل سيرتبك الإنسان ويحدث الانفجار الدماغي ربما؟

هل سيعود الإنسان للسلوك البدائي حيث الغرائز هي الملهم الوحيد؟

تخيل!!

 

دعونا نتخيل حال الإنسان بعد ثورة العقول الاصطناعية عليه وتوقفها عن العمل.. هل سيعود الإنسان لسكن الكهوف وجمع النباتات وصيد الحيوانات والطيور وأكلها؟!

 

هل سيكتشف النار من جديد؟!

 

هل سيرتدي أوراق الأشجار ويلبس الخشب في قدميه كما كان؟!

 

وماذا عن الحضارة البشرية؟!

 

فالإنسان هو نتاج التعليم والثقافات المجتمعية التي تخلق الخبرات العلمية والحياتية التي تمكنه من التعامل عبر المجتمعات والثقافات المختلفة، فالخبرات البشرية هي من تشكل الوعي والحضارة الإنسانية بكل معطياتها.

فهل وضع حدود للذكاء الاصطناعي ومعايير دولية تحكم أدائه وقدرته على التعلم واستنساخ ردود افعال البشر، هو الحل؟!

ربما!!

 

فالمحاكاة البشرية صعبة ومعقدة ولكنها أمر واقع وتتم حاليًا من خلال لغة الخرازميات التي استطاعات إحلال مكان العديد من أنماط الوظائف البشرية المعتادة.

فالسباق الحقيقي!! هنا ليس سباق لابتكار تكنولوجيا وعقول اصطناعية أدق وأحدث وأسرع تحاكي العقل البشري.

ولكن السباق الحقيقي هنا، في قدرة العلماء على تسخير التكنولوجيا التي تكفل للانسان الحق في الحياة، بالتوازي مع تعظيم قدرة الإنسان على الابداع والتحرر من قيود الأنماط المعتادة في التفكير والسلوك، وبهذا نضمن أن لا تنقرض قدرة الإنسان على الابتكار والتنمية وأن لا تتلاشى المجتمعات ويحل قانون الغابة محل الحضارات الإنسانية.

زر الذهاب إلى الأعلى