توقيف رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان
النشرة الدولية –
بعد محاولات سابقة عدّة باءت بالفشل، أوقف رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان أمس أثناء مثوله أمام محكمة في إسلام آباد في إحدى القضايا العديدة التي تستهدفه منذ إزاحته من السلطة العام الماضي، ما أدّى إلى خروج تظاهرات مندّدة في مختلف أنحاء البلاد.
وصبّ عدد من المتظاهرين غضبهم على الجيش، فاقتحموا مقرّ قائد الوحدة في لاهور وحاصروا بوابة القيادة العامة للجيش في مدينة روالبيندي، فيما استخدمت الشرطة الغاز المسيّل للدموع وخراطيم المياه لتفريق مناصري خان الذين كانوا يتظاهرون في كراتشي (جنوب) ولاهور (شرق). وأغلق متظاهرون طرقاً في إسلام آباد وكذلك في مدينة بيشاور غرب العاصمة وغيرهما.
وأوضحت شرطة إسلام آباد أنّه “تمّ توقيف عمران خان في قضية قدير تراست”، في إشارة إلى قضية فساد، في حين أظهرت محطات التلفزة المحلّية مشاهد فوضى أمام المحكمة، حيث دارت صدامات بين مؤيّدي حزب “حركة إنصاف” وعناصر الأمن. وأظهر شريط فيديو عشرات العناصر شبه العسكرية يدفعون عمران خان إلى سيارة مصفحة أمام المحكمة العليا في إسلام آباد.
وقال علي بخاري، محامي حزب عمران خان لوكالة “فرانس برس”: “عند وصولنا إلى قاعة المراقبة البيومترية لتسجيل حضورنا، قام عشرات العناصر بمهاجمتنا”، مضيفاً: “لقد ضربوه وأخرجوه”. وكان خان قد قال في شريط فيديو مسجّل مسبقاً تحسّباً لاحتمال اعتقاله: “أيها الباكستانيون، حين تصلكم هذه الكلمات سأكون قد اعتُقلت في إطار قضية غير قانونية”، معتبراً أن “الحقوق الأساسية في باكستان، الحقوق التي منحنا إيّاها الدستور وديموقراطيّتنا، قد دُفنت”.
من ناحيته، كشف وزير الداخلية رانا صنع الله أن خان تمّ توقيفه من قبل المكتب الوطني للمساءلة، أكبر هيئات مكافحة الفساد في باكستان. وأكد أن “توقيفه حصل وفقاً للقانون”، لافتاً إلى أن “المكتب الوطني للمساءلة هيئة مستقلّة وليس خاضعاً لسلطة الحكومة”. ولم يتّضح بعد المكان الذي نُقل إليه خان.
وجاء توقيف خان غداة تحذير وجّهه الجيش له من إطلاق “مزاعم لا أساس لها”، بعدما اتهم مجدّداً ضابطاً كبيراً بالتآمر لقتله. وهذا التحذير الذي صدر مساء الإثنين، يظهر مدى تدهور العلاقات بين الجيش النافذ في البلاد وخان. وكان الجيش قد ساند في بادئ الأمر وصوله إلى السلطة عام 2018، قبل أن يسحب دعمه له ثمّ تمّت إزاحة خان من السلطة عبر تصويت لحجب الثقة عن حكومته في البرلمان في نيسان 2022.
ومنذ ذلك الحين يُمارس خان ضغوطاً على الحكومة الإئتلافية الهشّة لتنظيم انتخابات مبكرة قبل تشرين الأوّل. وخلال تجمّع نُظّم في نهاية الأسبوع الماضي في لاهور (شرق)، أكد خان مجدّداً أن الميجور جنرال فيصل نصير، وهو ضابط كبير في الاستخبارات، ضالع في محاولة الاغتيال التي حصلت في مطلع تشرين الثاني 2022 حين أُصيب رئيس الوزراء السابق برصاصة في ساقه، بينما اعتبر جهاز العلاقات العامة في الجيش في بيان أن “هذه المزاعم المفبركة والخبيثة مؤسفة جدّاً وغير مقبولة”.
كذلك، ردّ رئيس الوزراء شهباز شريف، الذي اتهمه خان أيضاً بالضلوع في مخطط لاغتياله، على “تويتر” قائلاً إنّ “مزاعمه التي لا تستند إلى أي دليل ضدّ الجنرال فيصل نصير والضباط في وكالة استخباراتنا، لا يُمكن السماح بها ولن يتمّ التسامح معها”.
وبحسب الرواية الرسمية، فإنّ محاولة الاغتيال هذه التي أُصيب خلالها خان في ساقه، هي من تنفيذ مسلّح واحد اعترف في شريط فيديو بثته الشرطة بأنّه منفّذ الهجوم، وهو حاليّاً قيد الاعتقال. لكن هذه النتائج رفضها خان، مؤكداً أن السلطات رفضت محاولاته لتقديم تقرير إخبار أوّلي لدى الشرطة لتحديد “المذنبين الحقيقيين”. وقال رئيس الوزراء السابق في شريط فيديو بثّ أمس إنّه “ليس هناك أي سبب لكي اخترع وقائع”.
والانتقادات للمؤسّسة العسكرية في باكستان نادرة عموماً، حيث يُمارس قادة الجيش نفوذاً واسعاً على السياسة الداخلية والخارجية. وهم يواجهون منذ فترة طويلة اتهامات بالتدخّل لإيصال حكومات إلى السلطة أو إسقاطها. والجيش الباكستاني، السابع في العالم، يُمارس نفوذاً واسعاً في البلاد ونظّم 3 انقلابات على الأقلّ منذ استقلالها عام 1947، وحكم باكستان لأكثر من 30 عاماً.