زيلينسكي في خطر وبوتين على شفير… الهاوية!
فارس خشان

النشرة الدولية –

منذ انفجرت الطائرتان المسيّرتان، فوق قبّة الكرملين، تمّ تنظيم جولة عاجلة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حتى لا يبقى في كييف مدّة طويلة، قبل أن تُنهي الأجهزة الأمنية وضع خطة جديدة لحمايته، لأنّ موسكو لم تُخفِ ما يخشاه كثيرون: الزعيم الأوكراني بات هدفًا “مشروعًا” لعمليات اغتيال.

وثمّة تقارير مخابراتية غربية وأوروبية أعربت عن اعتقاد الأجهزة التي وضعتها بأنّ الهجوم “العجيب” للطائرتين المسيّرتين على الكرملين كان يهدف إلى إسقاط “الحصانة” التي سبق أن تعهّد بها بوتين لعدد من قادة العالم، بعدم المس بحياة زيلينسكي.

وقد أصبح الرئيس الأوكراني “مشكلة نفسية” للرئيس الروسي، إذ إنّ الصفات التي طالما حلم بها فلاديمير بوتين قد “استأثر” بها عدوّه الآتي إلى السياسة والمقاومة من التمثيل.

وفيما يتعاطى جميع قادة الغرب مع زيلينسكي على أساس أنّه “بطل” و”ملهم” و”استراتيجي”، بدأ التعاطي مع بوتين على أساس أنّه “مهووس” و”متوتّر” و”فاشل”، إذ إنّه لم يعجز عن تحقيق أدنى أهداف حربه على أوركرانيا فحسب، بل خسر نقاط القوة الإستراتيجية التي كانت تتمتع بها روسيا.

ولم يتعرّض الجيش الروسي لهجوم تهشيمي مشابه للهجوم الذي يشنه عليه قائد مجموعة “فاغنر” يفغيني بريغوجين التابع مباشرة لبوتين، الأمر الذي يؤشّر إلى خلل يتم التستّر عليه في سلطة  “القيصر”.

وتشير التقارير إلى أنّ بوتين، في الأسابيع الأخيرة، أمعن في تخطي الهرمية العسكرية في قيادة الحرب على أوكرانيا، ولكنّ ذلك لم يُغيّر شيئًا في الفشل الذي تتكبّده مخططاته الهجومية التي كلّفت روسيا أغلى العتاد وأهم الرجال ومهّدت الطريق أمام هجوم أوكراني “تحريري”.

وفي وقت حملت فيه الحرب على أوكرانيا شعار حماية روسيا من تقدم “حلف شمال الأطلسي”، وجدت موسكو نفسها في مواجهة حدود واسعة غير مسبوقة باستعجال فنلندا والسويد انضمامهما إلى هذا الاتحاد الذي تلعب فيه الولايات المتحدة الأميركية دورًا قياديًّا.

ولم يعد قادة الغرب ينظرون إلى بوتين على أساس أنّه مرجعية دوليّة وازنة، إذ بات بنظرهم مجرّد تابع استراتيجيًّا للصين، وفق ما أعلن قبل يومين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وهذه النظرة الغربية إلى بوتين دفعت بكثير من الدول إلى إسقاط كل تحفظاتها السابقة عن توسيع دائرة تسليح أوكرانيا، الأمر الذي جعل جولة زيلينسكي الحالية على مجموعة من الدول الأوروبية منتجة للغاية.

وسوف يرفع الغرب من وتيرة دعم أوكرانيا، دبلوماسيًا وماليًا وعسكريًا، بعدما تجاوزت أوروبا مأزق الغاز ومشكلات النفط و”رعب” الكهرباء، بهدف تعزيز أوراق كييف، في وقت قرّر فيه الزعيم الصيني شي جي بينغ رفع مستوى وساطته لوقف الحرب الروسية على أوكرانيا، بتعيين ممثل شخصي له لإنجاز هذه المهمة، والدخول في علاقة مباشرة مع زيلينسكي وكبار المسؤولين الأوكرانيّين.

ويأمل قادة أوروبا أن تُثمر وساطة الصين، لأنّه أصبح لها اليد العليا في روسيا التي أضعفتها المقاومة الأوكرانية على كل المستويات.

وقد كانت طريقة التعامل الأوكرانية مع الوساطة الصينية أحد أهم محاور جولة الزعيم الأوكراني الحالية على الدول الأوروبية.

ويأمل القادة الأوروبيون أن تحظى الوساطة الصينية بموافقة أميركية، بعدما ثبت أنّ روسيا لم تفقد القدرة على استهداف أي دولة أوروبية جديدة فحسب، بل أصبحت أعجز من أن تحقق إنجازات جزئية في أوكرانيا نفسها، أيضًا.

وتتستّر القيادة الروسيّة وراء الولايات المتحدة الأميركية حتى تواصل الحرب على أوكرانيا، وحجتها أنّ واشنطن هي التي تحول دون موافقة القيادة الأوكرانية على أي اتفاق.

وقد أكد قادة أوروبيّون للرئيس الصيني أنّ موضوع الولايات المتحدة الأميركية لن يشكّل أي عقدة أمام الوساطة التي يتولاها، خصوصًا إذا ثابرت بكين على رفع مبدأ احترام سيادة الدول.

إنّ هذا التصوّر الإستراتيجي لوضع روسيا وأوكرانيا والصين وأوروبا، يدفع كثيرين إلى رفع منسوب الأمل بأن تشهد الأشهر المقبلة بداية لخروج الحرب التي هزّت العالم من النفق الأسود.

زر الذهاب إلى الأعلى