بعد شهر على بدء حرب السودان 750 قتيل و قصف وانفجارات الجوع سيطال 19 مليون
النشرة الدولية –
هزّ القصف الجوي والانفجارات السودان مجدداً، الإثنين، بعد شهر من بدء معارك بين قوات الجنرالين المتصارعين على السلطة تهدد بدفع البلاد إلى حافة الانهيار.
أوقعت الحرب بين قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو أكثر من 750 قتيلاً وآلاف الجرحى، إضافة إلى قرابة مليون نازح ولاجئ.
في جميع أنحاء السودان، أحد أفقر بلدان العالم، يعيش 45 مليون مواطن في الخوف ويعانون من أزمات غذائية تصل إلى حد الجوع.
والإثنين أفاد شاهد عيان في العاصمة بتعرض منطقة “شرق النيل في شرق الخرطوم لقصف جوي”، فيما أكد آخر في جنوب العاصمة أن “قصف الطيران وضرب المضادات له يجري منذ الثامنة والنصف صباحاً”.
وأضاف “الأوضاع تتجه إلى الأسوأ رغم الحديث عن الهدنة، لكن عنف الطرفين ومخاوف الناس تتزايد كل يوم”، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وأفاد شاهد عيان آخر بوقوع “اشتباكات بمختلف أنواع الأسلحة” في مدينة أم درمان.
وتعرضت أجزاء من العاصمة السودانية لقصف مدفعي وجوي الأحد وسط غياب أي دلائل على استعداد أي من الفصيلين العسكريين المتحاربين للتراجع عن موقفه على رغم محادثات وقف إطلاق النار في السعودية.
وأعلنت وزارة الخارجية الأردنية في بيان الإثنين أن مبنى السفارة الأردنية في الخرطوم تعرض “للاقتحام والتخريب”.
وأعربت الوزارة عن “إدانتها واستنكارها للاعتداء” ولـ”كافة أشكال العنف والتخريب، وخاصة تلك التي تستهدف المباني الدبلوماسية وتنتهك حرمتها”.
واتهمت الوزارة في بيان لها قوات الدعم السريع بالهجوم على البعثات الدبلوماسية وانتهاك للأعراف الدولية.
وأشار البيان إلى اعتداءات لقوات الدعم السريع استهدفت الأحد سفارات الأردن وجنوب السودان والصومال وأوغندا.
وقبل الحرب كان ثلث سكان البلاد يعتمدون على المساعدة الغذائية الدولية، واليوم أصبحوا محرومين منها، فمخازن المنظمات الإنسانية نهبت كما علقت الكثير من هذه المنظمات عملها بعد مقتل 18 من موظفيها.
وأصبحت السيولة نادرة. فالبنوك، التي تعرض بعضها للنهب، لم تفتح أبوابها منذ الخامس عشر من أبريل (نيسان)، فيما سجلت الأسعار ارتفاعاً حاداً وصل إلى أربعة أضعاف بالنسبة للمواد الغذائية و20 ضعفاً بالنسبة للوقود.
ويعيش سكان الخرطوم الخمسة ملايين مختبئين في منازلهم في انتظار وقف لإطلاق نار لم يتحقق حتى الآن، فيما تستمر الغارات الجوية والمعارك بالأسلحة الثقيلة ونيران المدفعية التي تطال حتى المستشفيات والمنازل.
بحسب الأمم المتحدة تخطّت حصيلة النازحين داخلياً هرباً من المعارك 700 ألف شخص، واللاجئين إلى بلدان مجاورة 200 ألف شخص.
بالإضافة إلى الخرطوم ودارفور اتّسع نطاق الاشتباكات إلى مناطق أخرى. وأسفرت أعمال عنف عرقية في ولايتي غرب كردفان والنيل الأبيض، حيث أسفرت عن مقتل أكثر من خمسين شخصاً، بحسب الأمم المتحدة.
بعد شهر على المعارك أعلن البرهان تجميد أصول قوات الدعم السريع التي يقول محللون إن اهتماماتها تشمل مناجم الذهب في السودان.
وهذا ما يجعل الجنرالين يفضلان خوض نزاع طويل الأمد على تقديم تنازلات من أجل التوصل إلى تسوية.
والواقع أنه في كل مرة يتعهدان وقف إطلاق نار، يخرقانه منذ الدقائق الأولى.
ويقول أليكس روندوس ممثل الاتحاد الأوروبي السابق للقرن الأفريقي إن “الجيش وقوات الدعم السريع يخرقان الهدن بانتظام ما يدل على درجة غير مسبوقة من الإفلات من المحاسبة، حتى بالمعايير السودانية للنزاع”.
عرف السودان الكثير من النزاعات. في دارفور، أسفر قمع أقليات عرقية مطلع الألفية في عهد عمر البشير (1989-2019) من قبل قوات الجيش وقوات دقلو المتحالفة آنذاك، عن سقوط 300 ألف قتيل ونزوح ما يزيد على 2,5 مليون شخص.
ولا تزال المنطقة إلى اليوم غير مستقرة. ومع اندلاع الحرب بين الجنرالين في الخرطوم، بات الجميع يقاتل في الإقليم الغربي في السودان، الجيش وقوات الدعم السريع والمقاتلون القبليون ومدنيون مسلحون.
وقال محمد عثمان من هيومن رايتس ووتش “نتلقى تقارير بأن قناصة يطلقون النار على أي شخص يخرج من بيته”. وأضاف أن “أشخاصاً جرحوا في المعارك قبل أسبوعين يموتون في منازلهم” لأنهم لا يستطيعون الخروج منها.
وفي مدينة الجنينة عاصمة غرب دارفور، أكدت نقابة الأطباء في السودان أنه خلال يومي الجمعة والسبت “تمكنا من مصادر طبية وقانونية بالمدينة حصر 280 قتيلاً وأكثر من 160 جريحاً”.
وفي السياق نفسه، أفاد مجلس النروج للاجئين بأن الوضع في الجنينة ألقى “بنحو مئة ألف نازح داخلياً تحت رحمة العنف المستمر، مع تحول المخيمات إلى رماد”.
وتقول منظمة أطباء بلا حدود إن نازحي دارفور في المخيمات “باتوا يأكلون وجبة واحدة يومياً بدلاً من ثلاث وجبات”.
وحذرت الأمم المتحدة من أن الجوع سيطال 19 مليون سوداني في غضون ستة أشهر، إذا استمرت الحرب.
وكل يوم، يدخل آلاف اللاجئين إلى مصر وتشاد وإثيوبيا وجنوب السودان وهي الدول الحدودية مع السودان.
لم يعد هناك في الخرطوم لا مطار ولا أجانب بعدما تم إجلاؤهم جميعاً على عجل في الأيام الأولى للقتال، ولا مراكز تجارية إذ تعرضت كلها للنهب.
كذلك، أغلقت الإدارات الحكومية “حتى إشعار آخر” ولم يتحدث الجنرالان إلا لتبادل الاتهامات عبر وسائل الإعلام. وانتقلت بقية إدارات الدولة إلى بورتسودان.
هناك، يسعى فريق مصغر من الأمم المتحدة للتفاوض على مرور المساعدات الإنسانية، ويعقد بعض الوزراء وكبار المسؤولين مؤتمرات صحافية يومية يحرصون فيها على توجيه رسائل طمأنة.