“نيوزويك” الأمريكية تكشف عن تمويل واشنطن لمختبراً بيولوجياً بالسودان
ذكرت مجلة Newsweek الأمريكية في تقرير نشرته الثلاثاء 16 مايو/أيار 2023، أن خطر الصراع الدائر في السودان يشتد؛ نظراً إلى أن المسلحين يسيطرون على مختبر صحة عامة يحتوي على مُسببات مرض فتاكة، وقال مُمثل عن منظمة الصحة العالمية إن الفنيين عجزوا عن الوصول إلى المعمل القومي للصحة العامة (معمل أستاك)، في العاصمة الخرطوم، ووصفوا الموقف بأنه “بالغ الخطورة“.
في الوقت نفسه، فقد أثارت الأنباء ادعاءات بأن المختبر السوداني -الذي يحتوي على كائنات ممرضة، بما في ذلك مسببات أمراض شلل الأطفال والكوليرا والحصبة- كان يُموَّل تمويلاً مباشراً من حكومة الولايات المتحدة.
قالت تغريدة نشرها مستخدمٌ عنوان حسابه على موقع تويتر @amuse، في 27 أبريل/نيسان وشوهدت 30 ألف مرة، إن “الولايات المتحدة تحتاج إلى التفكير ملياً في سياسة تمويلها المختبرات البيولوجية في بلاد مثل أوكرانيا والسودان. المقاتلون السودانيون استولوا للتو على مختبر بيولوجي في الخرطوم تموله الولايات المتحدة، وتحذر منظمة الصحة العالمية من “قنبلة جرثومية”.
أثارت مشاركة الولايات المتحدة في المختبرات البيولوجية الأجنبية اهتمام نظريات المؤامرة منذ الجائحة، لا سيما فيما يتعلق بعلاقات الحكومة بمعهد ووهان لأبحاث الفيروسات.
وأشارت تقارير إلى أن معاهد الصحة الوطنية الأمريكية منحت منظمة EcoHealth Alliance المستقرة في أمريكا منحة قدرها 3.7 مليون دولار في عام 2014، وأن 600 ألف دولار من هذا المبلغ أُرسلت إلى معهد ووهان لأبحاث الفيروسات لدراسة فيروسات كورونا لدى الخفافيش.
أنكر الدكتور أنتوني فاوتشي، الذي كان عضواً رئيسياً في معاهد الصحة الوطنية الأمريكية منذ عام 1984، أكثر من مرة أمام الكونغرس أن يكون التمويل قد استُخدم لأبحاث اكتساب الوظيفة، التي تسعى لتحسين الفيروسات للتنبؤ بتطورها.
تضمنت تغريدة المستخدم @amuse رابطاً لمقالة تذكر مختبر ووهان أيضاً. ولكن في حالة معمل أستاك، فليس هناك إلا القليل من الأدلة التي تشير إلى وجود تمويل أمريكي مباشر، على الأقل ليس من أجل الجهود البحثية.
ادعاءات باطلة تخص مختبر السودان
صحيحٌ أن المقالة التي نشرها المستخدم @amuse لم تحتوِ على أية مصادر، فيبدو أن ادعاءاته تأتي من الموقع الإلكتروني War Room، الخاص بستيف بانون، المساعد السابق للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي يعد جزءاً من عملية إعلامية مرتبطة بتكرار مشاركة معلومات مضللة لا أساس لها.
في حين ادعت مقالة موقع War Room أن معمل أستاك حصل على دعم من “وزارة الدفاع ومركز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)”.
لكن المقالة خلطت أكثر من مرة بالخطأ بين السودان وجنوب السودان، التي انفصلت عن السودان في 2011.
من جهة أخرى، وجد موقع War Room علاقة مالية واحدة بين الولايات المتحدة ومعمل الخرطوم، لكنها كانت في إطار دعم تكميلي للسودان بقيمة 98 مليون دولار لمواجهة جائحة كوفيد 19، وكانت مشاركة معمل أستاك لا تشكل إلا عنصراً واحداً منه.
حيث قال متحدث باسم مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها: “يبدو أن هناك خلطاً بين السودان وجنوب السودان، وهما بلدان مستقلان”. وأوضح: “لم نرتبط بالمعمل في العاصمة السودانية. لكننا برغم ذلك أسسنا مكتباً في جنوب السودان في عام 2006 للعمل على الوقاية من فيروس العوز المناعي البشري، من خلال خطة الرئيس الأمريكي الطارئة للإغاثة من الإيدز”.
كما أضاف متحدث باسم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID): “إن مقالة [War Room] تشير إلى بيان صحفي صادر عن منظمة الصحة العالمية في 2018 يرتبط بدعم جنوب السودان، وهو بلد آخر غير السودان”.
تابع: “في سبتمبر/أيلول 2021، قدمت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية منحة صغيرة (بقيمة 640 ألف دولار) إلى منظمة الصحة العالمية لتعزيز قدرات المعمل القومي للصحة العامة في السودان، بالإضافة إلى 9 معامل قومية فرعية أخرى لاكتشاف حالات كوفيد 19 وتتبعها”.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد حذرت من وجود “خطر بيولوجي كبير” في العاصمة السودانية بعد سيطرة أحد طرفي القتال الدائر في السودان على مختبر يحتوي على مسببات الحصبة والكوليرا وغيرها من المواد الخطيرة.
أوضح: “استُخدمت هذه التمويلات لتقديم التدريب وأدوات الاختبار والجمع الآمن للعينات، والمعدات اللازمة لتطوير قدرة المعامل على جمع البيانات ومشاركتها مع بعضها”. واختتم: “لا تدعم تمويلات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية البحوث التي تتضمن علماء من المعمل القومي للصحة العامة في السودان”.