ما مستقبل بشّار الأسد ونظامه في ضوء نجوميّة القمة العربيّة؟
بقلم: فارس خشان

النشرة الدولية –

لم تكن مشكلة النظام السوري يومًا مع العرب، وإن كانت دول عربيّة عدة، بينها المملكة العربية السعودية، دعمت المعارضة السورية حتى استقالة رئيس مخابراتها الأمير بندر بن سلطان، في السنوات الأخيرة من عهد الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز.

كانت مشكلة هذا النظام مع شعبه أوّلًا، وانتقلت لتصبح مع الغرب الذي ردّ على النوعية الخطرة من جرائم الحرب وضد الإنسانية، بسلسلة عقوبات تدرجت حتى وصلت الى ضراوة  “قانون قيصر” المقدّر له أن يزداد قسوة بهدف  “فرملة” مسار التطبيع.

ولم تغيّر المصالحات العربيّة مع النظام السوري هذا التوجه الغربي المندّد ببشّار الأسد، فالشروط التي فرضها مجلس الأمن الدولي في القرار 2254 الصادر في 18 كانون الأول( ديسمبر) 2015، لا تزال قائمة والدول العربية التي سرّعت من وتيرة التطبيع مع النظام السوري تعهّدت بأن تضع هذا الإلتزام نصب أعينها، وفق خطة “خطوة مقابل خطوة”.

والخطوة الأولى التي ينتظرها العرب من النظام السوري تتمحور حول أن يوقف استراتيجية إغراق المجتمعات بالمخدرات عمومًا وبالكبتاغون خصوصًا، الأمر الذي من شأنه أن ينعكس سلبًا على الميليشيات الإيرانية الناشطة في سوريا تحت قيادة “الحرس الثوري الإيراني”.

ولكنّ التقاطع في النظرة الأميركية- الأوروبية الى النظام السوري يشكّك في إمكان نجاح الدول العربية في هذه الخطوة، لأنّ قيادة بشار الأسد، حتى لو أرادت المساهمة في منع تصنيع وتهريب المخدرات، فهي عاجزة لأنّ المافيا التي تمّ تشكيلها للقيام بهذه المهمة أصبحت أقوى من المنع، لأنّها تغلغلت عميقًا في كل أجهزة النظام السياسية والأمنية والعسكرية والإقليمية.

وقد ازدادت قناعة الغرب بعجز بشّار الأسد عن القيام بأيّ خطوة مطلوبة منه، بعد توقف المراقبين عند وضع مسؤولي نظامه الشروط التعجيزية أمام العودة الطوعية للاجئين السوريين في العالم، يتقدّمها وجوب أن تسبق إعادة إعمار سوريا عودة أبنائها الى مدنهم وبلداتهم وقراهم، الأمر الذي حوّل وزير خارجية لبنان عبد الله بو حبيب الذي كان قبل أيّام “بطل مواجهة النازحين” ودخل في صدامات مع عدد من الدبلوماسيين الأوروبيين يتقدمهم السفير الألماني في لبنان،  إلى “حمامة”، وشبّه، متماهيًّا مع  أدبيات النظام السوري الرافضة للعودة، النازحين الصوريين بالمغتربين اللبنانيين في العالم الذين لا يمكن “إجبارهم على العودة الى بلادهم”.

ولن يتزحزح الغرب عن موقفه من النظام السوري قبل تطبيق الإصلاحات السياسية والدستورية والأمنية والعسكرية المنصوص عنها في القرار 2254.

ولا تملك الدول الغربية الليونة التي تملكها الدول العربية في التعامل مع أنظمة مثل النظام السوري، لأنّ رأيها العام الذي يصنع الرؤساء والحكام والنواب معبّأ ضد الأسد ونظامه وقد ازداد احتقانه ضده بعد إرساله مرتزقة لدعم الحرب الروسية ضد أوكرانيا.

واللاجئون السوريّون الذين استضافهم الغرب يختلفون جذريًّا عن نظرائهم الذي توزعوا على الدول المحيطة بسوريا، إذ إنّ من ذهب الى الغرب أصبح مواطنًا مكتمل الحقوق، ولم يبق ورقة مزايدة أو مقايضة كذاك الذي وجد نفسه عالقًا في لبنان والأردن وتركيا.

ولا تعتقد الدول الغربية أنّ بشار الأسد انتصر على الثورة التي حوّلها الى حرب أهلية ولا على الإرهاب الذي صنعه بنفسه ليبرر الإرهاب الذي مارسه ضد شعبه، لأنّه تفوّق، بقوة إيران وروسيا، على منظمات تخلّى عنها الجميع، في حين لم يستطع أن يتقدّم خطوة واحدة في المناطق التي رعتها الولايات المتحدة الأميركية وتركيا، كما عجز عن التصدي لغارة إسرائيلية واحدة، وهذا يعني أنّ بشار الأسد تفوّق حيث سمحت له الدول الكبرى والإقليمية أن يتفوّق.

من دون شك، إنّ  إعادة بشّار الأسد الى “جامعة الدول العربية”، بعد التطبيع مع نطامه خطوة متقدمة لمصلحته، ولكن يجب عدم التغاضي عن خلفيات لا تتصل حصرًا بالنظام السوري، ففي هذا المسار رسائل لمصلحة روسيا وإيران، كما فيه تغطية من جهة وتمهيد من جهة ثانية للعلاقات الحديثة التي أقيمت وقد تقام مع إسرائيل.

ولكنّ المملكة العربية السعودية التي قادت هذه العملية، بقيت حريصة على التوازن، فكانت الدعوة الإستثنائية للرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي الذي أصبح رمزًا للغرب.

إنّ نقطة الضعف في كل هذا المسار، تكمن في أنّ القيادات تلعب في الأبراج العاجية فيما الشعوب تواصل معاناتها في دول حوّلتها جرائم الدولة الى جحيم!

 

زر الذهاب إلى الأعلى