اعتداءات وعقوبات وتضييق.. تقرير يرصد انتهاكات ضد الصحافيين في ليبيا
النشرة الدولية –
قالت المنظمة الليبية للإعلام المستقل إنها رصدت 21 انتهاكا ضد الإعلاميين في هذا البلد المغاربي خلال 2022 وطالبت، في تقريرها السنوي الذي أعلنت عنه أمس السبت، السلطات بإلغاء جميع النصوص القانونية التي تعاقب الممارسة المهنية للصحافيين مع إعداد تشريع جديد ينظم الممارسة المهنية.
ولخص تقرير المنظمة الليبية هذه الانتهاكات في تسجيل جملة من “الاعتداءت” في حق الصحافيين و”تجاوزات” أخرى تتعلق بـ”هضم حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية”، بالإضافة إلى رصد “إجرءات غير متوافقة مع المعايير الدولية لحرية الصحافة”.
وتشهد ليبيا منذ اندلاع ثورة فبراير 2011 وضعا سياسيا وأمنيا متأزما أثر بشكل مباشر على العاملين في مجال الإعلام.
ووثقت “شبكة أصوات للإعلام” الليبية المدافعة عن حرية الصحافة مقتل أكثر من 30 صحافيا ومدوناً في البلاد خلال الفترة الممتدة بين عامي 2011 و2021، وهي حالات لم يقدم المسؤولون عنها للعدالة، بحسب عدة منظمات محلية ودولية.
وحسب المنظمة الليبية للإعلام المستقل، فإن النسبة الأكبر من ما اعتبرتها انتهاكات مرصودة تتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للصحافيين، وتشمل عدم دفع مستحقاتهم المالية من قبل إدارات المؤسسات الإعلامية التي عملوا بها بنسبة 47 بالمائة، فضلا عن المنع من التصوير أو التغطية الإعلامية بنسبة قدرت بـ16 بالمائة من الملفات المرصودة.
وحلت القضايا المتعلقة بـ”التشهير بالصحافيين” و”التضييق عليهم بسبب أعمالهم الصحافية” و”الاعتداء الجسدي” بنسبة 10.5 بالمائة.
وشكلت نسبة الصحافيين من أصل ليبي الذين تعرضوا للانتهاكات المذكورة 84 بالمائة من الحالات التي سجلها التقرير، في حين شكلت الجنسيات الأخرى نسبة 16 بالمائة من إجمالي الانتهاكات. كما كان للصحافيات نصيب من هذه الانتهاكات بنسبة 26 بالمائة.
وأفادت المنظمة الليبية للإعلام المستقل بأن 56 بالمائة من الصحافيين الذين وقعت عليهم الانتهاكات بسبب أعمالهم الصحافية لا يرغبون في ذكر أسمائهم ولا تفاصيل الانتهاك الذي تعرضوا إليه، كما دعت إلى “عدم تعقيد إجرءات العمل الصحفي من خلال هيئة يوكل إليها مهمة إعطاء أدوات مزاولة العمل الصحفي وفقا للمعايير الدولية وضمان حصول الصحافيين على التسهيلات الممكنة للحصول علي المعلومات”.
على صعيد آخر، طالب المصدر ذاته من السلطات بضرورة “إصدار قانون جديد ينظم الإعلام في ليبيا مع إلغاء التشريعات والتي تفرض عقوبات تصل إلى الإعدام على جرائم متعلقة بالتعبير السلمي عن الرأي، والتي تخالف الإعلان الدستوري والمواثيق الدولية الخاصة بحماية حرية الصحافة”.
معاناة مستمرة
وسبق للمدير التنفيذي للمركز الليبي لحرية الصحافة، محمد الناجم، التأكيد في حوار سابق مع “أصوات مغاربية” على “تراجع معدل الجرائم في حق الصحافيين، خاصة عمليات القتل والاختطاف ومختلف أشكال العنف”، مشيرا إلى “ارتفاع الإجراءات التعسفية المتخذة ضد الصحافيين من قبل الحكومة أو المسؤولين المحليين على مستوى البلديات”.
وقال الناجم إن “إجراءات التضييق والتعسف ضد وسائل الإعلام لم تتوقف في ليبيا، وهذا للأسف أصبح نهجا تعمل به السلطات في الجهة الغربية من البلاد وفي شرقها أيضا”.
وربط المتحدث استمرار هذه الممرسات بـ “وجود مشروع لدى هذه الأطراف تسعى من ورائه إلى السيطرة على المشهد الإعلامي من أجل فرض توجه واحد وخطاب إعلامي يكرس نظرة هؤلاء المسؤولين للوضع”.
وشهدت ليبيا، مؤخرا، نقاشا واسعا بعد مصادقة مجلس النواب على القانون المتعلق بمحاربة الجريمة الإلكترونية، حيث أثارت ذلك المشروع مخاوف كبيرة عند مهنيين ونشطاء سياسيين بسبب ما تضمنه من مواد أكدوا أنها “تتعارض مع الحق في إبداء الرأي وحرية الصحافة”.
وفي شهر أبريل الماضي، طالبت منظمة “هيومن رايتس واتش” مجلس النواب الليبي بإلغاء قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية الذي وصفته بـ”القمعي” كما طالبت السلطات في شرق ليبيا بـ”الإفراج فورا عن أي شخص تحتجزه بموجب هذا القانون بسبب تعبيره السلمي”.
وأشارت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير لها إلى أن “أربعة خبراء من الأمم المتحدة انتقدوا القانون باعتباره ينتهك حقوق حرية التعبير والخصوصية وتكوين الجمعيات، وقالوا إنه يجب إبطاله”.
وقالت المديرة المشاركة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة الدولية، حنان صلاح، “ينبغي أن يتمتع الليبيون بالحق في حرية التعبير على شبكة الإنترنت أو خارجها. ليس من المقبول التعدي على هذا الحق باسم مكافحة الجرائم الإلكترونية”.
وأصدر 20 تنظيما يمثل قطاعات إعلامية وحقوقية وسياسية، بيانا دعى إلى التراجع عن هذا القانون “لما يمثله من خطر مباشر على الصحافة الإلكترونية”.
وقال البيان “بعد قرابة السنة من المصادقة عليه بتاريخ 26 أكتوبر 2021، قرر مجلس النواب الليبي إصدار قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية يوم 27 سبتمبر 2022 دون سابق إنذار وفي تجاهل تام للمطالب السابقة لمنظمات المجتمع المدني وأربعة من المقررين الخواص للأمم المتحدة بسحب القانون وعدم تطبيقه نظرا لتعارضه مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان والتزامات ليبيا الدولية، إضافة لغياب مبدأ الحوار والتشارك مع مختلف الفاعلين وأصحاب المصلحة عند صياغته”.