الوجه الاخر للحياة (لروح ريان)
بقلم: سلمى الزيدي

النشرة الدولية –

لطالما كنت أؤمن ان الالهام يأتي لوحده ولا يمكن لأحد ان يفعل شيء في الحياة دون شغف يذكر ولهذا السبب بالتحديد أصبحت أدعني أنساب مع نسق الحياة وأجاري حيثيتها لكنني وبعد فترة طويلة من الروتين الخانق والصامت لم اعد أتحمل. أمنت بعمق في تلك المرحلة ان انتقالا روحيا أصبح وشيكا حدوثه حيث ان الحياة لوهلة تواجهنا وتكشف في طياتها عن حيوات أخرى نعيشها الان وتختبر مدى قدرتنا على المضي قدما رغم عدم منطقية ما يحدث.

لقد كان هذا الانتقال هو الوجه الاخر للحياة الجانب الأخر الذي يمر منه البعض منا بينما نجلس نحن في هول الصدمة نراقب مرورهم ونحن نعجز حتى عن إدراكما يحدث هذا الجانب كان موت أحد أقاربي. كانت صدمة بالنسبة لي وعجزت عن التصرف والتحكم في مشاعري وكان السؤال الوحيد في ذهني حينها “لماذا؟” لماذا نأتي محملين بهواء الحياة وضوءها الذي ريثما نولد يعيينا حتى فتح أعيينا لإدراك وأصواتها التي تمثل صرير مزعجا رغم اننا ريثما نوضع في مدنها نقف بعزم كلنا امال ورجاء ثم نحاول المضي قدما، لماذا كل هذا في حين اننا سنغادرها ذات يوم؟

هناك لحظة فقدان نشعر فيها بعدمية امتلاكنا للحظة الراهنة وعدم حتمية الوجود مع ايقاننا العميق بأن الزوال أت لامحالة سواء إن كان مروره عن طريقنا أو عن طريق أشخاص قربنا.. كل ما يمكن ان اقوله إنني فقدت أحدهم اليوم فقدت وجه من وجوه الطفولة من حياة عشتها خلتها للحظة ابدية.. تغادرني هذه الروح وبرحيلها ترحل جميع مفاهيم التشبث بالحاضر ويغدو الشعور بالدوران عند تذكر الماضي مع الهذيان عند النظر إلى مستقبل

أحاول اليوم مناقشة الموضوع بكل حيادية ودون الانحياز لمشاعري ولدموعي التي تغمرني وأنا الان أكتب هذه الكلمات لأن الموت اليوم المني وجعلني أشعر بالعجز ومحدودية فهمي.انني اكتب هذه الكلمات اليوم لأقول في مطلعها أنه قد كان ذات يوم شخص اسمه ريان يحمل جميع خصال الشاب المتمسك بجذوره المحب والمحسن لأهله الحالم بغد أفضل لقد كان بيننا وبرحيله يرحل جزء كبير من ذاكرتي ويقل تمسكي بالحياة.

أكتب اليوم لأنني أعي جيدا قيمة الكلمة وأعي جيدا ان الله خلد انبيائه واوليائه الصالحين في القرآن بالكلمة وكما كان ريان أخا وشابا صالحا فاليوم أرجو أن تكون هذه الكلمات قادرة على تخليده ليكون وجدوه دائما ويعيش حتى ولو رحلنا نحن من كنا شاهدين على رحيله “إن الموت غدا مثله مثل الموت في أي يوم آخر، وان كل يوم يأتي أما لنحيا فيه وإما لنغادر هذا العالم، والأشياء جمعيها تتعلق بعبارة واحدة هي أن كل شي مكتوب مسبقا.” باولو كويلو.

أعلم جيدا أن كل من رحلوا باكرا قد أتموا رسالة ربهم وكانوا أفضل منا بمراحل لينالوا مجد رؤية وجهه الكريم يجب أن ندرك أن الموت ليس نقيض الحياة، بل هو المتمم لها انه وجهها الاخر بالتحديد وكل من وافتهم المنية موجودون وأحياء، ولكن في مكان أفضل منا بكثير، انهم يقبعون الان في المكان الذي تنشده الإنسانية جمعاء باختلاف أعراقها أجناسها وألوانها وحتى ديانتها انهم في مكان حيث لا مجال فيه للظلم او الجوع وخاصة لا للخوف.

سنواصل لأننا على الوعد باقون ولأننا سوف نحي ذكرى كل من رحلوا ببقائنا ونضالنا المستميت مع معركة الحياة العنيدة حتى ولو شعرنا برحيل كل تلك الأرواح الطاهرة أن الحياة اصبحت مريرة سنواصل من اجل كل من رحلوا وتركوا شيء منهم فينا.

الى أن يجمعنا الملكوت الأعلى حيث سنلتحق بهم لنكمل الالتصاق من أجل أن نكون وجه معا نرى به وجه الله.

لروح ريان…

زر الذهاب إلى الأعلى