تويتر مشتاق لدورسي
هناك حاجة ماسة ومتصاعدة إلى إعادة كتابة تاريخ تويتر ورفض ثقافة الانصياع الذي يراد لها أن تسود وفق سياسة ماسك
النشرة الدولية
العرب – كرم نعمة –
في يوم ما سخر مارك زوكربيرغ المرشد الأعلى لأكبر إمبراطورية رقمية في العالم، من تويتر عندما كان ينظر إلى مجلس إدارة الشركة كمجموعة من المغامرين يقودون مركبتهم، إلا أنها تعطلت بمجرد وصولها إلى منجم ذهب!
كان غرور زوكربيرغ آنذاك مشروعا في خضم النجاح الهائل الذي تحقق لفيسبوك، بينما بقي تويتر في مراحل متأخرة في سوق المنافسة الرقمية.
لم يعبأ كثيرا جاك دورسي حينها بتهكمات زميله زوكربيرغ، وفضّل أن يعيش هادئا. أطاح به السأم بعدها وتخلى عن إدارة تويتر ليتفرغ لمشروع أقل صداعا من العملات الرقمية ويعيش صراعات الرفاهية الصحية وساعات من اليوغا. سبق وأن اعترف، وهو يتحدث في مؤتمر عن العملة المشفرة بيتكوين، بأن لا شيء أكثر أهمية بالنسبة إليه من أن تبقى حياته محافظة على نسقها لتظلّ سعيدة. علينا ألا ننسى أن هذا الرجل الذي يتحدث عن السعادة أصبح مليارديرا في العام 2013، بثروة تقدّر بـ11.8 مليار دولار.
اليوم بدا الحال في تويتر، أقرب إلى لهفة الاشتياق إلى عصر دورسي الذي ترك رئاسة المجلس التنفيذي للشركة عام 2021 بعد ستة عشر عاما، فيما صديقه القديم الثري النزق إيلون ماسك يقود بعبث الأثرياء كل شيء على نحو خاطئ.
تحدث دورسي الذي يوصف بلحيته الرمادية الطويلة بالمعلم الروحي، منتقدا الوضع الحالي بعد أن انتهى الأمر بتويتر في يد ماسك. مع أنه لطالما أعجب ماسك ودورسي ببعضهما البعض في “صداقة” لعبت دورا مهما في تشكيل محاولة الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا لشراء تويتر.
لا يعتقد دورسي أن ماسك تصرف بشكل صحيح في تعامله مع تويتر. وكتب “لقد سار كل شيء على نحو خاطئ، لكن هذا ما حدث وكل ما يمكننا فعله الآن هو بناء شيء ما لتجنب حدوث ذلك مرة أخرى”.
بالنسبة إلى موظفي تويتر الذين شعروا بالخيانة الشديدة من قبل دورسي المتهم بتمهيد الطريق لاستيلاء ماسك على الموقع، فإن انتقاداته الأخيرة لماسك كانت متوقعة منذ فترة طويلة. ويتوقع بعضهم عودة أتباعه السابقين مع مرور الوقت.
عبّر أحد كبار الموظفين عن اعتقاده بأن لدى موظفي تويتر القدماء ذاكرة قصيرة وسيتقدمون بسرعة بمجرد حصولهم على وظائف جديدة. دورسي نفسه اعتذر بود مفرط لموظفي تويتر وقال “أدرك أن كثيرين بينكم غاضبون مني. أتحمل المسؤولية أمام كل الذين باتوا في هذا الموقف: لقد جعلت هذه الشركة تكبر بسرعة. أعتذر عن ذلك”.
أما ماسك فسبق وأن قال إنه سيستقيل من منصبه كرئيس تنفيذي لتويتر بمجرد أن يجد شخصا “أحمق بما يكفي لتولي المنصب”، بعد استطلاع للرأي شارك فيه 17.5 مليون مستخدم طالبه 57.5 في المئة منهم بالتنحي. لذلك اختار ليندا ياكارينو، مديرة الإعلان في “أن.بي.سي يونيفيرسال” لشغل المنصب.
المستخدمون عادة لا يتشوقون لعمل مقارنة بين المديرين الثريين، كما أن لا أحد من المحللين يتوقع عودة دورسي، فهو سبق وأن أكد أنه لن يعود أبدا إلى الشركة كرئيس تنفيذي، وناقش مع ماسك طريقة الإبقاء على حصته المالية.
لكن هناك حاجة ماسة ومتصاعدة إلى إعادة كتابة تاريخ تويتر، ورفض ثقافة الانصياع الذي يراد لها أن تسود وفق سياسة ماسك. لأن دورسي يعد من الرؤساء التنفيذيين المؤسسين وهم طبقة رفيعة المستوى في قطاع التكنولوجيا. تتم الإشادة بهم بصفتهم عباقرة في مجال الأعمال وليس فقط مبتكرين موهوبين بشكل خارق للطبيعة.
الازدهار التكنولوجي، وفق الكاتبة إيلين مور، تم بناؤه جزئيا على الفكرة المشوقة بأن بعض الناس يمكنهم رؤية المستقبل وتكييف البقية منا لإرادتهم.
ماذا عن ماسك وليندا، دعونا نترقب ما ينتظر تويتر!