جريمة تسطيح فكر المواطن
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

منذ فترة ليست بالقصيرة هناك حركة زحف «إخوانية وسلفية» قوية ومستمرة في كل اتجاه، مصحوبة بتغلغل يصعب وقفه وكأنه مدعوم حكوميا، أو من قوى أكثر شراسة تهدف لتسطيح فكر المجتمع وإشغاله بتوافه الأمور، وبالصراعات الفقهية، والخلافات الشرعية، وبقضايا جانبية تجاوزها الزمن، ونصرّ أن «نلتّ ونعجن» بها، منذ أكثر من ألف عام.

***

تراقب «التجارة» الأسعار خوفاً على جيب المواطن والمقيم.

وتراقب البلدية وهيئة الغذاء تجار الأغذية ومخازن تبريدها، والمطاعم والفنادق، خوفاً على معدة المواطن والمقيم.

وتراقب «الإطفاء» صحة تنفيذ مختلف المنشآت متطلبات السلامة، خوفاً من نشوب حريق.

وتراقب «الصحة» صلاحية وسلامة الأدوية خوفاً على الصحة العامة.

وهكذا مع الجهات الأخرى تجاه مختلف المخاطر!

لكن لا جهة تهتم بما هو أكثر أهمية من كل ذلك وهو سلامة عقل المواطن والمقيم، وما يتلقاه أبناؤهم من مستوى تعليمي متواضع جدا في جودته، أو ما يسمعه ويشاهده من مواعظ وخطب، أكثر تأثيرا في عقله ونفسيته، من خلال مختلف وسائل التواصل، ومن أبواق وجهات سبق أن ساهمت الدولة في خلقها وإشهارها، ونشر أفكارها، وفتح أبواب مدارس البنين وحتى البنات أمامها!

كيف تسكت الحكومة عن قيام هؤلاء الدعاة ببث أكاذيبهم وسمومهم وتخريبهم، كقولهم مثلاً بأن دولاً أوروبية سمحت بفتح مواخير لممارسة الجنس مع الحيوانات؟ وهل يستحق هؤلاء«شرف» تعليم وتربية أبنائنا؟

وكيف تسمح الحكومة لمن أطلق على نفسه لقب «دكتور» وخبير أغذية، وشهادته مضروبة، بأن يقدم نصائح غذائية لجمهور جاهل وعريض من الناس؟ وكيف تسكت «الإعلام» عن ظهور فتاة محجبة، وبكامل مكياجها الفاقع والمثير، وشفتيها المنفوختين، وهي تحاضر في موضوع «العقوبات التسع» لتارك الصلاة؟

***

إن إسرائيل والصهيونية والاستعمار والاستكبار العالمي ليسوا بحاجة لغزونا أو التآمر علينا، فهؤلاء الموجودون بيننا، من دعاة ورجال دين وخبراء فقه وأغذية وماكياج، كفيلون بتخريب عقول الناشئة أكثر مما تفعله كل أجهزة مخابرات الدول المعادية لنا!!

فكيف نتساهل أو نمرر بخفة كل ما يصدر عن دعاة أصبحوا فجأة من كبار مشاهير السوشيال ميديا، ولهم أتباع ومقلدون ومؤيدون، وعقولهم لا تتجاوز عتبة باب المكان الذي يلقون فيه محاضراتهم، فأحد هؤلاء، والذي يصدقه الكثير لم يتردد لثانية واحدة، في تغيير فتواه 180 درجة، بعد أن لفت، أحد حضور محاضرته، إلى أن الروس كفار! فغير رجل الدين فتواه خلال ثانية، وحرم تناول لحوم ذبائحهم، التي أفتى قبلها بثانيتين بجواز أكلها لأنهم.. «نصارى»!

كما سبق أن أفتى «الداهية الداعية» نفسه بأن الديموقراطية كفر، والدعوة لها كفر بالله تعالى وصد عن سبيله، ولا يجوز لمسلم أن يطالب بها(!!)

كيف يصدر مثل هذا التكفير من مواطن في دولة دستورية، وهل هذه حرية رأي؟

هل الطعن في أساس قيام الدولة، وتكفير لجزء أساسي من دستورها، والسماح بهذا التطاول يعني السكوت عن أي تطاول آخر على أية مادة في الدستور، من خلال وصفها بالمادة الكافرة، وطلب عدم التقيد بها، وبالتالي تعريض أمن الدولة برمته للخطر؟!

***

لقد جربنا فكر وفقه هؤلاء لألف عام، ولم يساعدنا ذلك في الخروج من كهف التخلف، فلم لا نجرب شيئا آخر؟

 

زر الذهاب إلى الأعلى