أردوغان حسم الانتخابات الرئاسية بغالبية.. فهل تخسر تركيا المستقبل؟
بقلم: حسين دعسة

النشرة الدولية –

الدستور المصرية –

..كما أي توقع، أو أي تضارب في الاحتمالات، ووفقًا لتقييم  تقارير دولية، أصبح لتركيا “رئيس-إمبراطور” استطاع أن يحسم جولة الانتخابات الثانية ليصبح الرئيس الذي ستدخل معه تركيا الألفية الثالثة، برغم مصاعب الدولة التي لها خصوصيتها الجيوسياسية الأمنية والعسكرية والاقتصادية، بعيدا عن أن صورة أردوغان، وبالتالي تركيا، تثير الجدل على كل مستويات التعاون والأمن والسلم العالمي والدولي والأمني.

.. ربما وقعت وكالة “رويترز” للأنباء في فخ التوقعات المتباينة، لكنها أقرت بأن :” الانتخابات لن تحدد فقط من سيحكم تركيا، وهي دولة عضو في الناتو يبلغ عدد سكانها 85 مليون نسمة”.

.. سؤال انتخاب” الرئيس “الحالي رجب طيب أردوغان، هو : كيف ستُحكم  الدولة التركية وتوجهات اقتصادها، في ظلال  انخفاض عملتها-الليرة التركية- إلى العُشر’من  قيمتها مقابل الدولار، في أقل من 10  سنوات كانت عصيبة على تركيا والمنطقة والإقليم، عدا عن دورة الحرب الروسية الأوكرانية، وهو الأمر  السياسي الأمني، الاقتصادي الذي شكل معالم  سياستها الخارجية، خلال الأزمة الأوكرانية؛ ذلك ما  أثار غضب المجموعة الأوروبية وحلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية، والغرب  بكل مقدرات التعاون والأمن والدبلوماسية التي خاضها بسبب تطور تركيا لعلاقاتها مع إيران وروسيا  والهند ودول الخليج، إشكاليات التواجد العسكري لتركيا في سوريا وشمال العراق وشمال أفريقيا”.

 

*أردوغان عراب السياسة الخارجية التركية.

 

لو لم يفز أردوغان، وهو الرئيس – الإمبراطور، الذي جعل من تركيا السياسة الدولية والخارجية، عواصف لم تنقشع، فقد أعطى أردوغان خلال فترة  حكمه الطويلة، مؤشرات أنه الرئيس الذي يريد إشغال العالم بالوجود التركي، أوروبيا آسيويا وعالميا، عدت عن الأدوار الدبلوماسية الأممية مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في المنطقة والإقليم كمنظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية، ومجلس التعاون الخليجي، والأمم المتحدة، عدا عن حلف الناتو وغيرها من الآلاف والمجموعات الاقتصادية الدولية.

.. نجاح أردوغان كرسته الحملة الانتخابية لجولة الإعادة، التي “بطنها- غلفها  ” أردوغان بالواقع المحلي الداخلي، المعارضة تتورط في مؤشرات مضللة حول  مستقبل نظرة أردوغان نحو  السياسة الخارجية والنهج الذي سيتبعه حال فوزه بالرئاسة للمرة الأخيرة، [ لا يحق له دستورياً الترشح للانتخابات مرة أخرى].

أردوغان اقترب عمليا، من السياسة الخارجية مفتوحة الأسواق، مؤكداً أنه  أسند الدولة التركية مع العالم، لكنه ينفتح خلال سنوات الرئاسة المقبلة، داعيا إلى  ضبط ودعم مؤشرات  العلاقات بدول  المنطقة والإقليم، بالذات بلاد الشام، سوريا والأردن والخليج ومصر وترسيخ العلاقات بروسيا، والصين وإيران ودولة الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين المحتلة.

 

أردوغان يعي أن اتهاماته لمنظومة الغرب كثيرة وفيها تركيز على المصالح، ودعم الاقتصاديات التركية، إذ اتهم أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، واصفا هذه القوى بالإمبريالية، ربما بحسب ما أثير من الغرب قام بطريقة أو أخرى  بدعم منافسه مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو، بل يعتقد، وهذا برنامج انتخابي نادر، أن الغرب لا يريد أن يراه مستمراً في حكم تركيا لأنه لا يريد الدولة التركية قوية”، دون تحديد أطر على هذه القوة.

 

.. والغريب، أن أردوغان في تصريحات  حملته الانتخابية للجولة  الثانية ركز على أن العلاقات بدول مجلس التعاون  الخليجي ستشهد تطوراً كبيراً بعد فوزه في الانتخابات،  لأن دولاً خليجية دعمت اقتصاد تركيا، وأودعت أموالاً ساهمت في تخفيف الضغط على البنك المركزي والأسواق لفترة، حتى وإن كانت قصيرة… «وسترون أن قادة هذه الدول سيأتون إلينا بعد يوم  الفوز بالانتخابات، وسأقوم على وجه السرعة بزيارتهم لتقديم الشكر على دعمهم لنا»، هذا يدلل على أن أردوغان سيبدأ جولة سياسية لزيارة العديد من الدول العربية والشرق أوسطية، وربما مجموعة دول حلف الناتو، بعدما نجحت خياراته السياسية وأثار الناتو حول مسألة قبول عضوية السويد في الحلف، وهذا ما يقرره أردوغان مقابل سياسة انفتاح اقتصادي داخل وخارج تركيا، الدولة القوية عسكريا في الحلف.

*مصر دولة قوية شقيقة حضارية.

 

ضمن سياسته الخارجية المفتوحة على إشكاليات التعاون الدولي، وربما الدبلوماسية، أكد أردوغان أن جمهورية مصر العربية دولة  حضارية شقيقة، وهي تماثل عند تركيا  دول الخليج.

يأمل أردوغان، فيما بعد مراحل معينة من سياسته الداخلية، أن تكون علاقات تركيا مع  مصر: “ستتطور العلاقات معها بشكل كبير”.

*الوجه الآخر من أردوغان  الغرب

 

.. من يعتقد أن فوز أردوغان سيتسبب في استمرار الجمود أو الفتور السياسي والاقتصادي مع الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي،  ذلك ما اتهم به أردوغان بسبب المواقف العملية والممارسات على الأرض من وضع الديمقراطية وملف حقوق الإنسان والحريات في تركيا، على اعتبار أن أردوغان خلق مجالات من السيطرة والتحكم في مفاصل الدولة.

حتما قد يتغير الرئيس الذي انتخب.. الخيارات متعددة، ما يوفر لتركيا مكانة تحتاج إلى استقرار دولي وسياسي وعسكري حول العالم، وربما يكون موقف تركيا الرسمي مختلفا من طبيعة الحرب الروسية الأوكرانية، وهو الاحتمال الذي تعمل عليه الولايات المتحدة الأمريكية، فالتحليلات الجيوسياسية والأمنية، تضع نقاطا سرية حول علاقات تركيا مع الولايات المتحدة، ومدى تطور ملفات العلاقة بعد فوز أردوغان، وأن ما يشاع عن قول المعارضة «إذا فاز أردوغان ستخسر تركيا»، فالواقع بين تركيا والغرب أكثر تعقيدا من مجرد انتخاب الرئيس.

 

*  حراك سري في الجولة الثانية.

 

ما ظهر من حراك سري سبق الجولة الثانية، التي قادها  مرشح “تحالف الجمهور”، الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، ومرشح “تحالف الأمة” المعارض كمال كيليتشدار أوغلو، وعلى ما جرى في الجولة الأولى، أظهرت استطلاعات الرأي تبايناً في اسم الفائز(…) وهو استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “ORC” البحثية ونُشر السبت، أن أردوغان سيحصل على 46.7% من الأصوات، مقابل 48.1% من الأصوات لكيليتشدار أوغلو، وذلك قبل توزيع أصوات المترددين.

ووفقا للاستطلاع، فإنه بعد توزيع هذه المعدلات بين المترددين، ترتفع هذه المعدلات إلى 49.2% لصالح أردوغان، مقابل 50.8% لصالح كليتشدار أوغلو.

فيما كشف استطلاع ثانٍ أجرته مؤسسة “سونار”، التي كانت نتائج استطلاعها في الجولة الأولى الأقرب للنتائج النهائية، أن أردوغان سيحصل على 53.8% من الأصوات، مقابل 46.2% لكيليتشدار أوغلو.

 

وكان  أردوغان أثناء حملته الانتخابية قام بزيارة لضريح رئيس الوزراء الإسلامي الأسبق عدنان مندريس ورفاقه، وذلك خلال مراسم أقيمت في الذكرى الـ63 لانقلاب 27 أيار/مايو 1960، الذي أطاح بمندريس.

وقال أردوغان أمام الضريح إن الديمقراطية في بلاده نالت ضربة ثقيلة يوم انقلاب 27 أيار 1960، عندما شهدت تركيا انقلاباً عسكرياً على حكومة عدنان مندريس، نفذه جنرالات وضباط وضعوا أياديهم على السلطة في البلاد آنذاك، وأعدموا مندريس رفقة بعض الوزراء بعد نحو 16 شهراً من الانقلاب.

ربما صدفة أو دلالة اجتماعية سياسية،  أن أردوغان تباكي على  وجود الكثير من الآلام والمآسي والتضحيات في تاريخ الشعب التركي، مضيفاً: “لذا فإننا نعرف جيداً قيمة الديمقراطية”. وتابع: “بعد مرور 63 عاماً على الانقلاب، ننتظر بفارغ الصبر الإعلان للعالم أجمع، غدا الأحد، انتهاء حقبة الانقلابات في تركيا التاريخ .

وأضاف أن المشاركة العالية في الانتخابات التي شهدتها البلاد يوم 14 أيار/مايو، في الجولة الأول، تعد مؤشراً بارزاً على دفاع الشعب التركي عن الديمقراطية.

وأكد، بحسب المصادر الإعلامية التركية، أن الانتخابات في بلاده تجرى بشكل شفاف ونزيه وبنسبة مشاركة لا مثيل لها حول العالم.

من جهته، اختتم كيليتشدارأوغلو حملته بشريط مصور نشره في تغريدة، وأكد فيه أنه سيفوز في الجولة الثانية من الانتخابات.

وفي نداء وجهه للناخبين من خلال المقطع، قال كيليتشدارأوغلو إنه “بالرغم من كل الضغوط، وكل الحظر، يمكن تحقيق الفوز إذا أراد الشعب ذلك”.

وأضاف: “إذا كنت تريد ذلك حقاً، فسنخرج جميعاً من هذه الحفرة المظلمة معاً، بغض النظر عن وجهة نظرك أو أسلوب حياتك، أناشد كل أفراد شعبنا. هذا هو المخرج الأخير. فليأتِ من يحبون وطنهم إلى صناديق الاقتراع”.

 

.. لا ننسى أن أردوغان، قدم صورة عن تركيا عشية الجولة الانتخابية الثانية، تقول إن أردوغان يتهم منافسه، – كليتشدار أوغلو-  بالنازية.

.. ماذا يريد أردوغان وهو يدخل مرحلة استكمال ثلاثة عقود من الحكم في تركيا المعاصرة؟.

..القادم قد يكون مختلفا، التجربة صعبة نتيجة وضع العالم ومكانة تركيا الجيوسياسية من أوروبا وآسيا وأذرعها النمطية التي تقود تركيا للخروج من عباءة الإمبراطور، ليكون في شخصية الرئيس الذي يريد إصلاح البلاد في واقع عالمي صعب.

Back to top button