القصة 10في مجموعة “نحر الغزال” عودة الوعول

النشرة الدولية – بسمة الخطيب –

بدأ الأمر ذات يوم لا تميّز فيه. وقد بقي من دون تميّز إلى أن تكرّرت حوادث الوعول في الأيّام التالية، وعرف البشر أنّهم يعيشون ظاهرة فريدة ومرعبة.

الطرقات والحدائق وجميع المحافل المفتوحة لم تعد آمنة. الهواء الطلق لم يعد آمناً. الحياة نفسها لم تعد آمنة.

ففي أيّ لحظة، ومن غير مكان محدّد، قد يهاجمك وعلٌ ما أو أكثر، فتلقى حتفك. لا هامش للإصابات الجانبيّة أو الطفيفة.

تجنّد الجميع، وتسلّحوا، حتّى الأطفال. كلّ من يستطيع حمل السلاح حمله.

عجزت خطط وزارات الدفاع الكبرى ومجالس الدفاع العليا حول العالم عن كبح جماح الوعول، وعجزت المنظومة العلميّة الدوليّة عن فهم الظاهرة. صرفوا الثروات الطائلة على الأبحاث والتحاليل والتجارب على الفئران والبشر. ولكن من دون جدوى. كان كلّ وعل منها أشبه بسهم يصيبك على حين غرّة، ويخترق روحك مرّة وإلى الأبد.

إن أرادك وعل، فأنت له لا محالة.

*

ذات يوم –لعلّه كان معلوماً ولكنّه لم يُذكر قطّ- انسحبت الوعول إلى جهات مجهولة. اختفت وكأنّها لم تكن قطّ. اتّفق البشر على تناسي الأمر، وكتمان ذكراه، ثمّ تدميرها. جمعوا كلّ الوثائق وأحرقوها، ومسحوا الذاكرات الرقميّة وملفّات التخزين الإلكترونيّة.

لذا، كلّما عادت الوعول إلى الظهور، يبدو للبشر أنّ الحكاية تبدأ من العدم، من لا مكان، وتظهر كلّ مرّة لأوّل مرّة، وتصيب الدهشةُ العقولَ بمقتل.

ما اختلف، جيلاً بعد جيل، هو أنّ الوعول ما عادت تقتل. الدهشة وحدها تفعل.

Back to top button