حجاب الأطفال والموثق الآلي
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
طبقت دبي نظام بيع السيارات والآليات «عن بُعد»، من دون الحاجة إلى حضور البائع والمشتري أمام الموظف الحكومي في إدارته. كل ما هو مطلوب من الطرفين الاتصال برقم معين، ومن ثم اتباع التعليمات، من خلال وضع صور إثبات الهوية، عن طريق الواتس أب، أمام الموظف المختص (الذي سيصبح موظفاً آلياً قريباً) من خلال شاشة الهاتف، والإعلان عن نيتي البيع والشراء وقبض الثمن ليتم تحويل ملكية المركبة، والحصول على دفتر ملكية جديد من جهاز آخر متوافر في مختلف الأماكن، يتم كل ذلك وطرفا المعاملة جلوساً في بيتهما أو مكتبهما!
أما نظام التيقن من الهوية، سواء البصمة أو العين، فقد طبقته دبي منذ عقود، وكتبنا عنه، ولم يكن هناك، خلال تطبيقه، أي انتظار أو طوابير، لكن «لأننا غير»، فحتى الأمور المتخلفة لا نتقن أداءها، وهذا تحصيل حاصل!
***
قمت، وأنا في دبي، عام 1990 بتسلّم شحنة شفرات خاصة لقطع اللحوم قادمة جواً من أميركا. استغرق أمر تخليص المعاملة يومها، بما في ذلك وضع الصندوق على ظهر الشاحنة، ساعة واحدة فقط! يتطلب الأمر تخليص الشحنة نفسها، اليوم في الكويت، وبعد 33 عاماً، أكثر من يومين.. أو ثلاثة!
***
ذهب صديق، يمثّل شركة كبرى، لتحضير معاملات بيع عقار في دبي، قبل وصول رئيس الشركة للتوقيع. فوجئ بأن إنهاء المعاملة لن يأخذ الكثير من الوقت، وطلب منه المسؤول حضور البائع، صاحب المعاملة، لكي يقوم بالتوقيع، فاعتذر صديقي بأن صاحب العقار في الكويت، وسيصل في اليوم التالي. ابتسم الموظف الإماراتي وقال له إنه لا حاجة لحضور «المعزب»، وكل ما عليه هو الذهاب إلى «كاتب العدل الآلي»، لينهي معاملة البيع، من دون الحاجة إلى حضور البائع.
انتهت عملية بيع العقار إلكترونياً من خلال اتصال «هاتفي مرئي» بالبائع والمشتري، تم فيه التأكد من هوية الطرفين، وترتيب تفويض «كاتب العدل» بإنهاء المعاملة، وقبول ثمن البيع، من دون اضطرار أي من الطرفين إلى ترك مكتبيهما والسفر إلى دبي!
هذا الإجراء، من الناحية المنطقية، أو السياحية ليس في مصلحة الإمارة، فمن الأفضل لها سفر الأطراف إليها، وغالباً عن طريق طيران الإمارات، والإقامة في فندق تملكه الحكومة، وتناول الطعام في مطعم لها فيه حصة، وتحقيق مختلف الفوائد من وجوده في دبي، لكنها فضلت اتباع أحدث الطرق، وملاحقة الحداثة والتطور، والترويج لسمعتها عالمياً، على كسب بضعة دراهم!
***
وفي الكويت، أقامت مدرسة ابتدائية حفلاً للاحتفاء بتلميذات صغيرات قبلن ارتداء الحجاب. حدث ذلك أمام بصر ونظر وسمع مختلف وسائل الإعلام، وبقية تلميذات المدرسة غير المحجبات، ووضعهن في موقف محرج وشكّل ضغطاً نفسياً عليهن، من دون مبرر.
مر الحدث من دون اعتراض، أو حتى تساؤل عن مغزاه، من أية جهة، ولو من منطلق حرية رأي أهل الفتيات في ارتداء بناتهم الحجاب في هذا العمر الغض!
مع السكوت الرسمي عن هذا الحدث المزعج، قامت المدرسة نفسها، وربما غيرها، بإقامة احتفالية أخرى لتكريم الفتيات اللواتي نجحن في دورة إقامة صلاة.. في المدرسة!
قد لا يرى البعض في هذه الأمور أمراً عجباً، ولكن لماذا تنشر في مختلف الصحف، ويتم تداولها عالمياً، ونحن بكل هذا التخلف والتردي الإداري والأخلاقي والعلمي؟ أو لأننا بكل هذا التخلف؟