عندما تزعزع النساء الفرنسيات ثوابت الشركات السويسرية

اختلاف في العقلية والأولويات بين الفرنسيات والسويسريات يطرح جدلية الاختيار حكماً بين السيرة المهنية والحياة العائلية

النشرة الدولية –

اندبندنت عربية –

نشرت صحيفة “لوتان” السويسرية، في 14 يونيو (حزيران) 2023، مقالاً تناول التباين الواضح بين الثقافتين الفرنسية والسويسرية في ما يتعلق بوضع النساء في العمل عندما يصبحنَّ أمهات، وكيف أن المجتمع بأسره يتفاعل مع العقلية السائدة، بالتالي، إما يؤمن إطار العمل المطلوب لتسهيل أمورهن أو يحكم عليهن بإهمال أطفالهن بسبب مسيرتهن المهنية.

ففي فرنسا مثلاً، من الشائع جداً أن تعمل الأم بدوام كامل وأن تتدبر أمورها مستعينة بخدمات الحضانات التي تستقبل الأطفال وتعتني بهم ريثما تنتهي من مهامها اليومية. أما في سويسرا، فغالبية الأمهات يعملن بدوام جزئي ويخصصن ما تبقى من وقتهن للاعتناء شخصياً بأطفالهن.

ويذكر المقال أن هجرة النساء الفرنسيات إلى سويسرا واتفاقات التعاون الثنائي التي أبرمتها سويسرا مع الاتحاد الأوروبي غيرت بعض الشيء هذه المعطيات على مر العقود، فارتفعت نسبة النساء العاملات في سويسرا بدوام كامل أو بدوام جزئي نسبته 80 في المائة، وأصبح من الأسهل إيجاد هيكلية للاهتمام بالطفل في غياب والدته، كما أصبح عدد النساء اللاتي يلجأن لمثل هذه الخدمات أكبر، رغم أنه ما زال بعيداً من مثيله في فرنسا. فهذه الأخيرة تسبق سويسرا بجيل كامل إذ حثت الضغوط الاقتصادية النساء على العمل وحثت الدولة على إرساء هيكليات لمساعدتهن بالاعتناء بأطفالهن.

وبحسب المقال، يبقى التحدي الأكبر في برمجة العقليات في تناول هذه المسألة، إذ إن الأم العاملة في باريس أو في مختلف المدن الفرنسية الأخرى تعتبر مثالاً إيجابياً ويحتذى به لأولادها إذ يجلب لها تحقيق الذات والإسهام في العجلة الاقتصادية والاستقلالية المادية. أم في العقلية السويسرية فإن الأم التي تكرس كامل وقتها للعمل هي أم غير جديرة بهذا اللقب والدور، لا تولي أولادها كامل اهتمامها وتضع سيرتها المهنية في طليعة أولوياتها على حساب تربية أطفالها.

وعندما تسأل النساء الفرنسيات، اللاتي يرغبن في الاستمرار بالعمل بدوام كامل حتى بعد إنجاب الأطفال، عن غياب الحضانات والبنى التحتية المجهزة للاعتناء بالأطفال، يكون الرد من الطرف السويسري أن خيار الإنجاب كان خيارهن، بالتالي، وجب تدبر أمرهن والتضحية بالعمل.

ويضيف المقال، إن تأثير النساء الفرنسيات على النساء السويسريات لا يستهان به إذ نرى أكثر فأكثر منهن راغبات في محاكاة المثال الفرنسي. والحال أنه ليس ضرباً من المستحيل أن تستطيع الأم التوفيق بين عملها وتربية أطفالها ولا يجوز أن يرتب عليها خياراً تحذف فيه إما مسيرتها المهنية أو حياتها العائلية، فقد حان الوقت لتعزيز الوعي حيال مسألة أم تختار كل امرأة ما يتناسب ورؤيتها لنفسها في عائلتها وفي عملها وأن تكون الخيارات كلها متاحة لها. ففي النهاية، لا أحد يطلب من الرجال الاختيار بين العمل والأطفال وكأنهم هم ليس لديهم أولاد.

زر الذهاب إلى الأعلى