أعنف حادثة غرق منذ سنوات مصرع أكثر من 79 مهاجراً قبالة اليونان
النشرة الدولية –
أعلنت السلطات اليونانية مصرع أكثر من 79 شخصاً، حتى الآن، نتيجة غرق قارب ضخم محمّل بالمهاجرين، معظمهم من مصر وسوريا وباكستان، في بحر إيجه، قبالة شبه جزيرة بيلوبونيز اليونانية، الأربعاء، فيما من المرجّح أن يستمر عدد الضحايا في الارتفاع، ولا يزال الغموض يلفّ ملابسات هذا الحادث – وهو الأعنف من نوعه منذ ذروة أزمة الهجرة في اليونان عام 2015، لاسيما أن بعض المصادر تفيد بأنّ طاقم القارب، قبل غرقه، رفض المساعدة التي عرضتها عليه السلطات اليونانية، بعدما لحظت هذه الأخيرة «حركته غير الاعتيادية».
وفيما تمّ إنقاذ أكثر من 100 شخص حتى الآن، فإن خفر السواحل اليوناني يحذر من أنّ عدد القتلى سيزداد، بعدما أفادت السلطات اليونانية، في وقت سابق، بأن بعض الناجين أكّدوا لها أن عدد الركاب الذين كانوا على متن القارب «لا يقلّ عن 750 شخصاً». من حهته، قال المتحدث باسم خفر السواحل، نيكولاوس أليكسيو، في تصريح إلى شبكة «إي آر تي»، إن طول المركب يتراوح ما بين 25 و30 متراً، «وقد كان متنه مكتظّاً بالركاب، ونرجّح أن داخله كان كذلك أيضاً». أمّا المتحدث باسم الحكومة، إيلياس سياكانتاري، فأشار إلى «(أنّنا) لا نعلم ما هو عدد الأشخاص الذين كانوا بداخل المركب، لكن نحن نعلم أنه من المعتاد أن يغلق عليهم المهرّبون المنافذ، بغية إبقاء الأمور على متن المركب تحت السيطرة». وفي تغريدة عبر «تويتر»، عبّرت «المنظمة الدولية للهجرة» عن مخاوفها من وقوع المزيد من الخسائر في الأرواح، مفيدةً بأن عمليات التعداد الأولية تشير إلى وجود 400 راكب على الأقلّ.
في اليوم الذي سبق الحادث، تمّ إخطار المسؤولين اليونانيين بتحرّكات القارب «غير العادية»، وفقاً لبيان صادر عن خفر السواحل اليوناني، نقلته صحيفة «نيويرك تايمز» الأميركية. وأشار البيان إلى أن طاقم القارب «رفض المساعدة التي عرضتها عليه السلطات»، علماً أنه شوهد من طائرة تابعة لـ«وكالة مراقبة الحدود الأوروبية»، فيما تمّ إرسال سفينة تابعة لخفر السواحل اليوناني إلى محيطه. وأفاد المسؤولون الذين كانوا على متن هذه الأخيرة بأنهم شاهدوا «عدداً كبيراً من المهاجرين على السطح الخارجي للقارب»، مضيفين أن «الطاقم رفض تلقّي المساعدة». ولم يتّضح سبب غرق القارب الذي كان متوجّهاً إلى إيطاليا من مدينة طبرق في ليبيا، حتى بعد ظهر الأربعاء، بعدما أوضح مسؤولون أن «محرّكه تعطّل ليل الثلاثاء – الأربعاء»، ليغرق خلال 15 دقيقة في عمقٍ كبير في المياه. من جهتها، قالت وزارة الشحن إن خفر السواحل اليوناني علم بعطل محرّك القارب قبل الساعة الثانية صباحاً بقليل، مضيفةً أن ضباط خفر السواحل حاولوا الاقتراب من السفينة، بعد تلقّي طلب مساعدة، ثم «شاهدوا القارب ينعطف يميناً، ثمّ يساراً بشكل حادّ، ثمّ يميناً بقوة، ما تسبب في انقلابه». وحول مصير الناجين، ذكرت وزارة الهجرة اليونانية أنه سيتم نقلهم إلى مخيم للمهاجرين، قرب العاصمة أثينا. وفي أعقاب الحادثة المأساوية، أعلن رئيس الوزراء المؤقّت، يوانيس سارماس، الحداد ثلاثة أيام حتى السبت، قائلاً إن قلوب اليونانيين «مع كلّ ضحايا المهرّبين عديمي الرحمة، الذين يستغلّون المصائب الإنسانية».
وحوادث غرق قوارب المهاجرين، التي غالباً ما تكون في حالة سيّئة ومحمَّلة أكثر من طاقتها، ليست مستجدّةً على اليونان. لكن رقم الخسائر البشرية هذه المرّة هو الأكبر، منذ حادثة سابقة في 3 حزيران 2016، قضى خلالها وفُقد ما لا يقلّ عن 320 مهاجراً. وأخيراً، تمّ الأربعاء إنقاذ قارب شراعي منكوب يحمل 80 مهاجراً، قبالة جزيرة كريت، وسحبه بواسطة زوارق خفر سواحل إلى كالوي ليمينس، في جنوب الجزيرة، وفق شرطة الميناء اليونانية. وفي تشرين الثاني الماضي، خلّف غرق مركبين، في اليوم نفسه، في بحر إيجه ما لا يقلّ عن 21 قتيلاً والعديد من المفقودين، علماً أنه، في العام الماضي، لقي ما يقرب من 3 آلاف و800 مهاجر مصرعهم على الطرق البحرية داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أو القادمة منها، وفقاً لتقرير سنوي جديد صادر عن «منظمة الهجرة الدولية»، يرجّح أن يكون هذا العدد، وهو الأعلى في خمس سنوات، أعلى بكثير فعلياً، نظراً إلى ندرة البيانات الرسمية. ويضيف التقرير أن «ما يصل إلى 84 في المئة من الذين لقوا حتفهم على طول الطرق البحرية ما زالوا مجهولي الهوية، فيما تستمرّ عائلاتهم البائسة في البحث عن إجابات».
يأتي هذا في وقت تعدّ فيه الهجرة قضية مركزية في الانتخابات اليونانية. ومن بين المسؤولين المهتمّين بهذه القضية، رئيس حزب «الديمقراطية الجديدة» المحافظ، كيرياكوس ميتسوتاكيس، وهو رئيس الوزراء السابق، المعروف بسياسته الصارمة إزاء الهجرة، إذ يعتبر أن «التساهل» في تلك المسألة فرض «ضغوطاً غير ضرورية» على اليونان، وأدى إلى «ارتفاع الوفيات في البحر»، بحسب «نيويوك تايمز». وأثناء تولّيه منصبه، فرض ميتسوتاكيس إجراءات صارمة ضد الهجرة، مما أدى إلى زيادة في الضوابط المفروضة على الحدود، وبالتالي انخفاض عدد المهاجرين الوافدين، منذ عام 2015، بنسبة 90 في المئة. لكن جماعات حقوقية اتّهمت حكومته بصدّ المهاجرين، ومن بينهم أطفال، بشكل غير قانوني في البحر واعتقالهم، وبناء معسكرات أشبه بالسجون، وترك الناس على متن القوارب. وبالرغم من ذلك، فإن سياسات هذا الأخير تلقى ترحيباً من عدد من المواطنين في اليونان، بحسب الصحيفة الأميركية، لاسيما ساكني المناطق الحدودية، الذين رحبوا بانخفاض عدد المهاجرين الوافدين. كما كان أداء حزب ميتسوتاكيس «جيداً» في الانتخابات العامة في أيار، على الرغم من أنه فشل في الحصول على الأغلبية التي تمكّن حزبه من قيادة الحكومة.